بقلم : خالد عرابي
قبل انطلاقة إكسبو دبي 2020 تردد كثيرا الحديث حول أهمية المشاركة في معرض إكسبو دبي، وسمع كثير منا ما دار من أحاديث ولغط عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتسائل كثير منها: ما هي العوائد المادية التي يمكن أن تعود على البلد المشارك في هذا الحدث، خاصة وأن جناح أي بلد سيقام هناك بالطبع سيحتاج إلى نفقات وتكلفة مالية، و كان السؤال المطروح دائما هل يمكن أن يعوض الجناح المقام والمشاركة المبلغ الذي سيتم تكلفة الجناح له؟
المفوض العام لجناح السلطنة في معرض إكسبو 2020 دبي سعادة محسن بن خميس البلوشي ونظرا لخبراته التراكمية الفريدة واشرافه على مشاركة وأجنحة السلطنة في عدة نسخ سابقة من المعرض جعلته دائما وباستمرار يشرح ويوضح دائما وبكل بساطة وبالحجة و البرهمان أهمية هذا النوع من المشاركة في هذه النوعية من المعارض، وأن نتائج المشاركات بها لا تحسب بحسبة مادية مباشرة وبحتة، وإنما هناك العديد من الفوائد الجمة التي يمكن أن تنعكس على البلد المشارك والدليل على ذلك أن هناك 191 دولة من دول العالم مشاركة في هذه الدورة بدبي بما فيها دول صغيرة جدا لدرجة أننا لم نسمع عنها من قبل إلا نادرا أو أننا نسمع عنها لأول مرة، أو حتى دول أخرى تمر بضوائق وظروف مالية طاحنة.
الآن وبعد انطلاقة المعرض منذ الأول من أكتوبر الماضي والذي سيستمر لمدة ستة أشهر أي حتى نهاية مارس المقبل، وقد زار البعض منا المعرض و هناك من لم يزره بعد، نستطيع أن نقولها و كما يقال "بمليء الفيه" أن المشاركة في إكسبو تمثل أهمية كبيرة، وبالنسبة لي شخصيا وقد زرت المعرض مؤخرا وتجولت بين جنبات حوالي 50 جناحا متنوعة ما بين دول من مستويات و إمكانيات شتى يمكنني أن أقول إن المشاركة في المعرض في غاية الأهمية وتشكل مكاسب عظيمة وفوائد جمة، والتي لو أردنا أن نقدرها يقيمة مادية ففعلا وحقا وصدقا لا يمكن تقديرها بثمن جراء المكاسب الكبيرة التي يمكن أن تجنيها أي دولة مشاركة وبالطبع منها مشاركة السلطنة في هذا المعرض والحدث العالمي المهم .
فيوميا كنا نرى العشرات من الأشخاص من حول العام وعلى مدار اليوم -وما زال الأمر مستمر إلى نهاية المعرض إن شاء الله - يتراصون أمام جناح السلطنة من معظم بلدان العالم يريدون أن يطلعوا على تاريخ وتراث ونهضة وحضارة السلطنة وأن ينهلوا مما عرض في الجناح من معلومات استخدم فيها أحدث النظم التكنولوجية .
الأهم من هذا وذاك أن السلطنة والقائمون على الجناح العماني في إكسبو نجحوا وبشكل منقطع النظير في التخطيط وبناء وتمثيل الجناح للسلطنة، حيث نجح الجناح العماني وبحق في رصد النهضة والتطور الحضاري الذي شهدته السلطنة عبر التاريخ القديم والحديث، كما وفقوا وبقوة ونجحوا باعتماد الجناح العماني على فكرة ممتازة جعلته فريدا بين أجنحة العالم، وهي من الأرث الحاضاري للسلطنة وهي شجرة اللبان العمانية، فمنها و حولها انطلقت فكرة تجسيد جناح السلطنة ومنها انطلق الجناح العماني ليبين للزوار وللعالم أجمع عمق وقدم و تأصل و تجذر التاريخ العماني، وكيف جسدت شجرة اللبان التواصل بين العالم عبر التجارة التي كانت تقوم عليها "أي على اللبان" في الماضي عبر طريق الحرير القديم الذي ربط السلطنة بالعالم وكيف كان اللبان شاهدا على التبادلات التجارية بين السلطنة ومعظم بلدان العالم لدرجة أن وجد في المعابد الفرعونية القديمة، مما يدل على أن هناك علاقة تاريخية وثيقة بين سلطنة عمان وجمهورية مصر العربية تعود إلى آلاف السنين.
الجناح العماني لم يركز على شجرة اللبان فحسب وإنما ركز بطوابقه الثلاثة على الكثير من جوانب الحضارة والتقدم والتطور التي شهدتها السلطنة سواء في ظل النهضة المباركة للسلطان الراحل قابوس بن سعيد - طيب الله ثراه - واستكمالا لهذه المسيرة المظفرة في ظل النهضة المتجددة التي يقودها حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - .
وهنا و إجابة على سؤال البعض المتكرر عن المكاسب التي يمكن أن نذكرها جراء هذه المشاركة نستطيع أن نقول أنها جمة و كثيرة و عظيمة و لكن لا ينبغي حصرها بصدق ويكفي أن تكون كدولة و شعب و حضارة موجود في هذا المحفل العالمي الكبير و أن تستعرض لشعوب العالم تارخك و تراثم و حضارتك و تجاربك و نجاحاتك و ما وصلت إليه و ما تخطط له مستقبلا، وبالطبع كل ذلك سينعكس وبأقل تقدير على الدولة من ناحية السياحة و الاقتصاد التدفقات الاستثمارية أو جذب مزيد من المستثمرين و هذه مجرد نماذج بسيطة من الفوائد.