نص البيان العاجل الذي ألقاه سعادة سلطان الحوسني

بلادنا الاثنين ٠٨/نوفمبر/٢٠٢١ ١٠:٣٩ ص
نص البيان العاجل الذي ألقاه سعادة سلطان الحوسني

مسقط - الشبيبة

مع بدء الجلسة الاعتيادية٢ لمجلس الشورى  ألقى سعادة سلطان الحوسني  بيانا عاجلا بشأن الآلية المتبعة في صرف المساعدات والتعويضات للمواطنين المتأثرين من إعصار شاهين فيما يلي نصه:

أصحاب السعادة أعضاء المجلس:

 كما تعلمون بأن السلطنة شهدت في يوم الثالث من شهر أكتوبر الماضي ظروفاً إستثنائية لحالة مدارية غير مسبوقة تأثرت بها عدد من محافظات السلطنة، وبالأخص محافظة شمال الباطنة التي تأثرت ولاياتها الثلاث (السويق وصحم والخابورة) تأثيراً كبيراً محدثة أضراراً جسيمة لامست تأثيراتها المباشرة الأرواح والمرافق والممتلكات العامة والخاصة .

فلله – جًل وعلاً شأنه - الحمد من قبل ومن بعد على أمره وقضائه وحسن تدبيره، وله الشكر على ما أنعم وأعطى.

 وفي هذا الشأن أصالة عن نفسي – ونيابة عنكم أخواني أصحاب السعادة- نثمن الحرص السامي والمتابعة الكريمة لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه وسدد على طريق الخير خطاه-، لتأثيرات الحالة المدارية وتفضله بإصدار التوجيهات والأوامر السامية السريعة بشأنها، والتي منها: تشكيل لجنة وزارية لتقييم الأضرار التي تعرضت لها منازل المواطنين وممتلكاتهم المختلفة، وتوفير شتى أشكال الدعم والمساعدة للتخفيف من حدة تلك التأثيرات عليهم في أسرع وقت ممكن، وكذلك أوامره– أعزه الله- بضرورة الإسراع في إصلاح البنية الأساسية التي تضررت نتيجة هذه الأنواء المناخية، واتخاذ ما يلزم من إجراءات لسرعة إعادة الخدمات الأخرى المتضررة إلى طبيعتها.

 كما نعتز جميعاً بالجهود التي قامت بها كافة وحدات الجهاز الإداري للدولة (العسكرية والأمنية والعامة) ودورها الرائد في تقديم الواجب الوطني للمتضررين والتي هي محل فخر، وأقف إجلالاً وتقديراً لأروع مشاهد التلاحم والتكاتف الوطني الذي أبداه المجتمع العماني الأصيل بمختلف أطيافه وشرائحه من مواطنين ومقيمين وجمعيات المجتمع المدني والفرق التطوعية والأندية الرياضية والشركات العامة والخاصة على ما بذلوه من جهود خيرة وسعي محمود في تقديم يد العون والمساعدة والدعم لإخوانهم المتضررين في الولايات المتأثرة من إعصار شاهين.

أصحاب السعادة أعضاء المجلس:


نتفهم وندرك أبعاد وحجم التأثير السلبي الواسع للحالة المدارية، إذ أن الأمر جلل، فضخامة الحدث وفداحة الضرر ووقعه القاسي على الجميع من جهة، وما تم بذله من جهود للتقليل من آثاره وتداعياته من جهة أخرى هي أمور معلومة وواضحة وضوح الشمس في كبد السماء ولا ينكرها أحد، الإ أن واقع الحال المعاش بالولايات المتأثرة يلقي بظلاله القاتمة بشدة على حياة مئات الأسر العمانية وآلاف المواطنين في توفير متطلبات المعيشة اليومية وتلبية الاحتياجات الأساسية لهم ولأسرهم سواء أكان في تأمين المسكن أو المأكل أو تدبر شتى مجالات الإعاشة الأخرى.

       ومع هذه الظروف الإنسانية الصعبة للمتضررين –قامت بعض الجهات الحكومية بالعمل بإجراءات إدارية لا تتناسب مع الأوضاع الإنسانية للمواطنين، تمثلت في قصور وضعف الآليات المعتمدة والإجراءات الإدارية المتبعة للجهة المعنية بصرف المساعدات المالية والعينية والتعويضات، صاحبة بطء في أداء العمل المنجز ، مما نتج عنه تأخر واضح في وضع الأوامر السامية محل التنفيذ، الأمر الذي ضاعف من حجم المعاناة والفقد لدى الكثير من المواطنين في توفير أبسط مستلزمات الحياة الكريمة لهم، كما أن طول الانتظار والتقصير في أداء العمل والمتابعة من قبل الجهة المختصة وغياب تعاطيها الفاعل والسريع من خلال وضع حلول عاجلة وآجلة دقيقة مبنية على أسس عملية تحمي المواطنين وتؤمن سبل معيشتهم كما أمر بها عاهل البلاد المفدى، آثار حفيظة الرأي العام بالولايات المتأثرة، والتي هي في الأصل محتقنة من جراء ما حل بهم.

انه ومع التقدير لما بذل من جهود مشكورة من قبل الجهات المختصة الا ان هناك شكوى من قبل المواطنين وعلى الخصوص في الآليات التي تم اتباعها من الجهات المختصة بإيصال المساعدات العاجلة لهم.

أصحاب السعادة أعضاء المجلس:

       من منطلق مكانة أعضاء مجلس الشورى وقربهم الدائم من المواطن وما تستوجبه مسؤوليات الأمانة الملقاه على عاتقنا، نقف اليوم وبعد مضي أكثر من شهر على انتهاء الحالة المدارية، لنلقي هذا البيان العاجل وأنقل بصدق وشفافية ذلك الاستياء المجتمعي المتمثل في عدم تلبية بعض المطالب ذات الأولوية لمواطني الولايات المتأثرة، والتي تلامس في صميم جوهرها مسائل تعنى بأسس الحياة وتحدياتها في هذه الفترة الحرجة، وإني على ما كلفت به لمؤتمن ، إذ تتمثل تلك التحديات على النحو الآتي:

- أولاً: التأخير في صرف المساعدة السامية العاجلة للأسر المتضررة، وما يرتبط به من استثناء الجهة المعنية لقطاع كبير من الأسر من قائمة الأسر المستحقة للمساعدة والتعويض بحجة أنها غير مستوفية للشروط المعمول بها، مع العلم أن هذه الأسر فقدت كل أملاكها وتعذرت عليها تلبية احتياجاتها الأساسية.

- ثانياً: بطء الجهة المعنية في القيام بتوفير المسكن الملائم البديل للأسر المتضررة، يليه اتخاذ الإجراءات اللاحقة في توفير مسكن دائم لها.

- ثالثاً: القصور والضعف بآليات التقييم المتبعة في مسألة تحديد الأسر المستحقة للسكن من عدمه، والتي لم تكن منصفة، ونتيجة لذلك أصبحت الشروط مبرراً وذريعه لاستبعاد الكثير من المتضررين منها: استثناء منازل الأسر التي غمرتها المياه أو التي بها تشققات من قائمة الأسر المستحقة للسكن، كما أن الاشتراطات لم تراعي طبيعة نمط حياة المواطنين ومسألة إقامة الأسر المركبة في منزل واحد، إذ أن الجهة المعنية تعاملت مع مسألة التعويض والاستحقاق وفقاً للمبنى و ليس على معيار عدد الأسر التي تقيم في ذلك المسكن، كما أن هذه الاشتراطات لم تراعي نمط حياة الأسرة المركبة أسوة بما تم العمل به في مسألة التعويض والاستحقاق التي تم اعتمادها في مشروع طريق الباطنة الساحلي.

- رابعاً: التأخير في توزيع تبرعات الأدوات الكهربائية دون وجود مبرر منطقي واضح لعدم التوزيع، مما نتج عنه تأخير استفادة الأسر المتضررة منها.

- خامساً: عدم صرف المساعدات العاجلة ومبالغ التعويض للصيادين ، إذ أن مياه الأودية جرفت قواربهم باتجاه البحر، وبالتالي أصبحت هذه الفئة عاطلة عن العمل، ناهيك عن مقدراتهم وممتلكاتهم المتأثرة.

- سادساً: عدم صرف المساعدات والتعويضات لأصحاب المزارع المتأثرة، وكذلك عدم وضوح الآلية المتبعة للتعويض بشأن أصحاب المركبات المتضررة.

- سابعاً: عدم اتخاذ أية إجراءات بشأن آبار الورد العامة التي ردمت وتأثرت كلياً بالأنواء المناخية، وغياب البديل لتلبية الاحتياجات والاستخدامات المتعددة من الموارد المائية لهم.

- ثامناً: التأخر في فتح مسارات بعض الطرق المتواجدة بالمناطق الجبلية، وتعذر قاطنيها من حركة التنقل، وبالتالي إنقطاعهم التام عن تلبية احتياجاتهم المعيشية والحياتية.

       وفي هذا الشأن، وتأكيدًا على إعطاء أمل جديد وحفظ كرامة المواطنين في الولايات المتأثرة جراء الأنواء المناخية ومراعاة للبعد الانساني لهم، فإننا نناشد حكومة من بيده الأمر والحكم صاحب الحكمة والرأي السديد، مولانا السلطان المعظم – حفظه الله ورعاه- باتخاذ الإجراءات التي تضمن الحد من وطأة تأثيرات تلك الأنواء المناخية الاستثنائية وسرعة البت بالمساعدات والتعويضات وتغيير آليات العمل المتبعة التي لا تراعي نمط الحياة الاجتماعية.

أصحاب السعادة أعضاء المجلس:

        إن من إيجابيات إعصار شاهين التي شهدتها ولايات المحافظة، وبالتحديد ولاية الخابورة كشفت لنا سوء تخطيط مشاريع البنية الأساسية والخدمات الضرورية المتواجدة فيها، والتي تحتاج معها الولاية إلى نظرة شاملة لتقييم واقع مواصفات المشاريع الحيوية في الوقت الحاضر ووضع تصورات لتصميمها من النواحي الفنية والهندسية ومراعاة جغرافية المواقع المراد إنشاء المشاريع عليها في المستقبل بما يلبي احتياجات الولاية التنموية وتحقيق مطالبات المواطنين، والتي منها على - سبيل المثال لا الحصر:-

- أهمية اتخاذ قرارات في إعادة الخدمات وأهمها تصميم مشاريع الطرق بما يتناسب مع جغرافية المنطقة، وأبرزها طرق الأودية في الولايات المتضررة التي تتطلب إيجاد مسارات بديلة تضمن عدم هدر المال العام لو قررت الجهة المنفذة إسناد تنفيذ مشروعه في مساره الحالي وتضمن عدم انقطاع او تعطل الحركة اثناء فترات هطول الامطار وجريان الاودية، والاستغناء عن الحاجة لإنشاء جسور تكلف مبالغ طائلة .

- جسور التقاطع التي أنشئت في طريق الباطنة ساهمت في مضاعفة الأضرار والآثار حيث أنها تسببت بتغيير تصريف مجاري الشعاب والاودية مما نطلب معاه الى اعادة النظر في مواقعها وطريقة تنفيذها.

- سرعة نقل السكان من مقر إقامتهم الحالي بمواقع مسارات الأودية إلى مواقع آمنة بمخططات سكنية جديدة يراعي بعدها عن مخاطر الأودية والفيضانات، وعدم توزيع مخططات إسكانية بمختلف استخداماتها في إحرامات الأودية أو القريبة منها.

- الإسراع في تنفيذ سدود الحماية من الفيضانات بالولاية.

- عدم قيام وزارة التراث والسياحة بإتخاذ الإجراءات لحماية الآثار والمعالم التاريخية المتأثرة بالولاية، والتي هي عرضة للاندثار والإنهيار.

أصحاب السعادة أعضاء المجلس:

 أن السلطنة عرفت في الأعوام الماضية حالات مناخية استثنائية عديدة وفي إطار التغيير المناخي فإن السلطنة سوف تعرف مثل هذه الحالات ربما مستقبلا الأمر الذي يدعو إلى إعادة النظر في إدارة ازمة الحالات المناخية الطارئة وعليه فانه قد يكون من المناسب تفعيل وتعزيز دور (اللجنة الوطنية لإدارة الحالات الطارئة) لتقوم بأداء مهمة إدارة الشأن الوطني في حالات الطوارئ والأزمات وذلك وفق خطط عمل ذات منهجية تتصف بالجودة والاحترافية والمهنية، مع التأكيد على أن يتم رفدها بالإمكانيات اللازمة لأداء عملها والتي منها إنشاء مراكز إيواء على مستوى الولايات أو المحافظات على أقل تقدير تابعة لها تضمن توفير المكان والإدارة والتنظيم، وتخصيص أماكن أخرى معدة للتجميع والتخزين والتوزيع بدلاً من الاستعانة بالمدارس وتعطيل عملها وبرامجها، بالإضافة إلى تعزيزها بالقدرات البشرية النوعية المؤهلة من مختلف الجهات المعنية ذات العلاقة، ناهيك عن ما تمثله أهمية توحيد كافة الجهود الحكومية والمجتمعية، ومعالجة التداعيات والآثار الناجمة عن الأنواء المناخية، لضمان عودة الحياة إلى طبيعتها في أسرع وقت ممكن.

كما ندعو الى ان يتم تشكيل فرق عملية محلية في كل ولاية من ولايات السلطنة بحسبان أن أبناء الولاية ادرى بالتوزيع السكاني والطبيعة الجغرافية ليكون هذا الفريق مساندا للجهات المكلفة بادارة الازمة ويكون تابعا لمكاتب أصحاب السعادة الولاة

أصحاب السعادة الأعضاء:

        وبناءا على ما تم إبرازه من معطيات فقد ترون أنه من المناسب مناقشة معالي وزيرة التنمية الاجتماعية بحسبان أن وزارتها كانت المكلفة بإدارة توزيع المساعدات العاجلة على مستحقيها من المتضررين.

       وفي الختام -آصالة عن نفسي وبالنيابة عنكم- لا يسعنا إلا أن نجدد العهد والولاء على الدوام لقائد مسير الخير العمانية المظفرة مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم – حفظه الله ورعاه - سائلين سبحانه أن يديم عليه السعد واليمن والبركة أعواماً عديدة مليئة بالخير والنصر والتأييد.