الكوخ وحمام السباحة.. يا وزير الإسكان

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٠٧/نوفمبر/٢٠٢١ ٠٨:٤٥ ص
الكوخ وحمام السباحة.. يا وزير الإسكان

بقلم : علي المطاعني

في الوقت الذي نقدّر فيه الدور الذي تبذله وزارة الإسكان والتخطيط العمراني من جهود في رغبتها تغيير فلسفة الإسكان في البلاد من توزيع أراض قاحلة إلى تطويرها وتحسينها لتبقى صالحة للسكن بتوفير مدن أشبه بالنموذجية أو الذكية، إلا أنه في الوقت ذاته - وحسب رؤيتها - فإن هذه الفلسفة لن تقنع الشـــــــارع إلا إذا لم ترمم وزارة الإسكان والتخطيط العمراني الواقع المزري في التخطيط والقضاء على العشوائية في العمل الاسكاني وفق محددات التخطيط الأساسية والالتزام بالاشتراطــــــات العامة التي تبنى على أساسها المدن الحديثة.

الأمر الذي يتطلب من وزارة الإسكان والتخطيط العمراني البدء في إصلاح الحال وأولها إعادة النظر فيه مخططات لمختلف الاستخدامات التي وزعت التي لا تتلزم بالنظم والاشتراطات الفنية لبناء المدن بدءًا من المواقف والمساحات لممارسة الرياضة والمساجد والحدائق والخلط بين السكني والتجاري بدون مراعاة.. وغيرها من الجوانب التي يجب عليها أن تشرع في إصلاحها سواء بنيت أو لم يتم بناؤها.

فاليوم لا يمكن أن نبني مدينة ذكية في مكان ما في محافظة مسقط على سبيل المثال، والمدنية الكبيرة بأكملها لا يمكن أن يطلق عليها بالمدينة، فلا تتوفر فيها أدنى الإشتراطات الدالة على المدينة، نتيجة التجاوزات في المنح والتراخيص وخاصة في (الكروكيات) التي تصدر من الوزارة ذاتها وتغير وتعدل منها تلبية لرغبات البعض والمتنفذين.

ولا يمكن اليوم أن نبني حمام سباحة أمام كوخ، فعلينا أن نصلح الكوخ قبل أن نبني حمام السباحة، فإصلاح المخططات السكنية والتجارية الموزعة وفق النظم التخطيط يجب أن تكون من أولويات الوزارة، فلا يمكن أن نصدق أن تبني بنايات بنسبة 100 بالمائة لا تتوفر لها مواقف في مكان، وننبي مدينة ذكية في مكان آخر، فلا تستقيم الأمور في البلاد بهذا المنطق، بل الأمر أدهى من ذلك عندما تشاهد بناية في وسط الشارع في قلب الخوير ، يمكن «الأعور» لا يمكن أن يمنح ترخيص لهذه البناية.. وغيرها من الممارسات التي يصعب حصره في هذه العجالة والكل يعاني منها.

فأولويات الوزارة يجب أن تتركز في عدة محاور منها إصلاح المخططات الموزعة من ذات الوزارة، وخاصة التي لم يتم الشروع في بنائها أو الأراضي التي لم تعمر يجب أن تخضع لكل المعايير الفنية سواء بنسب البناء أو عدد المواقف على عدد الشقق أو المساحات الكافية للمشي في الأحياء.. وغيرها من الأمور المعروفة والطبيعية، بل محاسبة من وافق ورخص لبنايات لم تلتزم بالشروط الموجودة في الكروكيات كنسب البناء والمواقف وإحالة من تسبب للتحقيق، فهذه الممارسات إذا لم ترد لن يحصل هناك تطورات في الأعمال الفنية.

فاليوم لدينا نماذج للتخطيط السليم منذ مطلع السبعينيات في مسقط لم نستفد منها ولم نأخذها كمنوذج مثل: مدينة السلطان قابوس وشاطيء القرم أحياء يحس الفرد بأنها مخططة بشكل صحيح تستريح لها الأنفس وتشرح القلوب من جماليات وما يتوفر بها من خدمات وأماكن فسيحة ومرافق.

بالطبع الإدارة الجديدة لوزارة الإسكان والتخطيط العمراني ليست لها ذنب في ما حصل، ولكن من الأهمية متابعة هذه الملفات لإصلاح ما أفسده الدهر وتعديل ما يمكن تعديله بالمزيد من التخطيط، وقبل كل ذلك الالتزام بالاشتراطات الفنية لعملية البناء.

نتطلع أن تعمل وزارة الإسكان والتخطيط العمراني على مسارات عدة منها مراجعة كل الإشتراكات في المخططات السابقة في البلاد وإضفاء عليها معايير البناء تتوافق ومتطلبات العصر ومراجعة (الكروكيات) التي رخصت البناء بمساحات تصل مائة بالمائة وإلزام كل صاحب بناية بتوفير موقف سيارة.. وغيرها لاستقامة الأمور وحتى لا نقول لا يمكن بناء حمام سباحة وبيتنا من كوخ.