جرائم في حق أنفسنا

مقالات رأي و تحليلات الخميس ٢٨/أبريل/٢٠١٦ ٠٠:٠٢ ص
جرائم في حق أنفسنا

محمد بن سيف الرحبي
alrahby@gmail.com
www.facebook.com/msrahby

أخذتني الأفكار حول «صحتنا» التي نهدرها ثم نطالب الأطباء برعايتها مطالبين بالرفق بها، رغم أننا من تسببنا في أكثر الانهيارات التي أصابتها/‏ أصابتنا.. ولا ننسى في خضمّ ذلك نعمة الله علينا، الصحّة القادرة على لجم الكثير من الهجمات «المرضيّة»، فيما ننحت «بسوء سلوك صحّي أو بالأحرى مرضي» في بنيانها السليم.

ساقت مواقع تواصل اجتماعي معلومات قيّمة نسبت للدكتور فهد الخضيري، وساءلت نفسي عن مستوى الحماقات التي نرتكبها في حق (الصحة) التي أنعم الله بها علينا. يتحدث د. الخضيري عن الأسباب الرئيسية المسببة لتلف العقل، وتبدأ بعدم تناول وجبة الإفطار الصباحية (وهذه معاناة دائمة مع الجميع بخاصة أطفالنا)، وتناول الأطعمة لحد التخمة (والمداومة على ذلك لا تحتاج إلى أدلة)، ومنها التناول المفرط للسكر، بما يفوق القدرة على إيقافه، أو الاقتناع بتقليله على الأقل، وأطرف الأسباب ندرة التحدث أو إجراء الحوار.. وفي زمن التقنية بتنا نتحاور عبر أطراف أصابعنا.

وفيما يعاني البعض من أمراض الكبد، وتبلغ المعاناة حدّها مع إصابتها بالتلف فإن الأسباب، وفي مجملها، ما يمكن «معالجته» ذاتيا، فالأسباب الرئيسية المسببة له النوم المتأخر، وتناول الأطعمة بشراهة، وعدم تناول إفطار الصباح، والمبالغة في تناول الأدوية الطبية، وكثرة استهلاك المواد الحافظة والملونة والمحليات الاصطناعية، واستهلاك الزيوت غير الصحية، واستهلاك الأطعمة غير الطازجة أو الأطعمة المقلية المخزنة.
ومن الغرائب أن الأطعمة الخمسة الرئيسية المسببة للسرطان هي التي نتناولها باستمرار، وتمثّل الرغبة الأولى في قوائم الطعام لدى أطفالنا، وهي: النقانق واللحوم المعالَجة والكعك المقلي والبطاطس المقلي وشرائح البطاطس والكعك المحلى المقرمش.. هل رأيتم جيدا ما يجعل مرض السرطان منتشرا؟!
ومع ذلك.. لن نلتفت إلى ما يقوله خبراء التغذية.. وكأني أرى أحدهم يتناول أحد تلك الأطعمة.. الآن، أو بعد قليل.
قرأت أن أحد الأطباء، واسمه د. رايموند فرانسيس ألّف ثلاثة كتب مهمة للغاية، وعناوينها تكشف أهميتها: لا تمرض أبداً، ولا تخش السرطان، ولا تكن سميناً مرة أخرى.. الدكتور كتب هذه الكتب بعدما مر بتجربة ومرض كان فيها الأطباء يائسين من حالته وهو في سن الـ 45 عاما، اليوم هو في سن 75 ولم يصب بأي مرض خلال الخمس عشرة سنة الفائتة سوى الزكام ولمرة واحدة، ونصيحته الكبرى ابتعد عن السكر، وأنصح القارئ بالبحث عنها، وعن مخاطر السمّ الأبيض الذي يحلّي وجباتنا.
نحتاج إلى حملة توعية وطنية لوقف هذه الممارسات، لأن الإقبال عليها بالطرق الحالية أهدر صحتنا.. وصحة اقتصادنا، ونحن نرى أن جزءا كبيرا من ميزانية الدولة يذهب للصحة، أو بالأحرى للأمراض.. عدا العدد الهائل من المواطنين الذاهبين للخارج، وهناك يلتقون الناهبون لأموالهم، وقليل منهم يستفيد.. ومن أسباب الاستفادة أنه يخضع خلال وجوده في المستشفى هناك إلى نظام صحي ومراقبة دائمة، وعندما يعود إلى البلاد ستستقبله الأسرة بصحن (العيش) وتمر (الخلاص).
حوّلت مقالي اليوم إلى «روشتة» صحية لشعوري أن ثمة خطراً هائل الضخامة يعيش بيننا، يفترس أجسادنا فيما ننعم بغفلـــة مميتة، وخطوة من أجل صحتنا هي خطــوة لمستقبلنا، واستقرار عائلاتنا، اجتماعيا واقتصاديا، وكي لا نستمر في انتحـــار صحي جماعي، أتوقع أنه علينا أن نفكر ولو لحظة فيما يمكن أن «يقوّينا صحـــيا» ويعفينا من شر مرض قد تأتي به وجبــــة دسمة تشقي معدنا، وتسدّ شرايين قلوبنا.