بقلم : محمد محمود عثمان
السياحة في أزمة حقيقة لأنها تترنح من تداعيات الكورونا وهى الأكثر تأثرا بخلاف الأنشطة الاقتصادية الأخرى ، على الرغم من الإنفراجة التي حدثت بتخفيف القيود والاشتراطات الاحترازية ،والحد من الإغلاقات ، ولا زال مأزق الخروج من الأزمة يسيطر على كل العاملين في هذا القطاع الحيوي، وعلى فكر وقرارات المسؤولين ، لأن مستقبل السياحة في خطر بعد أن تراجع قطاع السياحة بنسبة 73 % عام 2020، وتسبب بتوقف 62 مليون فرصة عمل على المستوى العالمي ، خاصة أنه لم يثبت حتى الآن على المدى القريب اكتشاف علاج شاف للتخلص من الكورونا ومشتقاتها وتحوراتها المتجددة ،بما يعني أن الأزمة ستظل قائمة إلى حين، وسوف يمتد تأثيرها السلبي على الموسم السياحي الشتوي القادم ،
والسياحة من العناصر الأساسية في المكون الاقتصادي بل هي قاطرة التنمية الحديثة ، وعلينا أن نجعلها أولى خطوات التعافي الاقتصادي ، من خلال ضمان التنقل الآمن بين الدول ودعم مبادرات السفر الدولي، للحد من تأثير الأزمات في مستقبل السياحة ولقد سبق الاتحاد الأوروبي الجميع باعتماد «الشهادة الرقمية الأوروبية لكوفيد»، وهي شهادة صحية لمن أخذوا اللقاح تهدف إلى تسهيل التنقل وتخفف التكاليف والنفقات والجهد والوقت ، وتسمح للمواطنين بالتنقل بين الدول الأوروبية بدون المسحات الإضافية « البلمرة « ولاشك أنها خطوات عمليية مدروسة مهد ت الطريق لتنشيط وإحياء السياحة البينية داخل أوروبا، وسمحت بالتجمعات السياحية المختلفة ، إنقاذا لصناعة السياحة والسفر من كارثة محققة تعيشها كل الدول الآن ، وسوف تتفاقم إذغ استمرت الأزمة أطول من ذلك ، وإذا ظل انخفاض الطلب العالمي على السفر جوا، بعد أن تراجع بنسبة 63% في مايو الفائت ومع توقعات متشائمة بعدم عودة حركة الملاحة الجوية إلى مستويات ما قبل الوباء قبل حلول عام 2023،حيث تشهد حركة الملاحة الجوية العالمية تراجعاً ببليون راكب عن توقعات «إياتا» الصادرة قبل «كوفيد-19»، وهذا يجسد عمق الأزمة التي يعاني منها قطاع السياحة ومعه قطاعات الطيران والنقل والفنادق ، الأشد تضرراً بسبب أزمة كورونا ، ولا شك أن ذلك يسبب قلقا عميقا لاقتصادات الدول النامية التي تسعى إلى تحقيق التعافي ، من خلال أنشطة السياحة التي تُعد مصدراً حيوياً للعملة الأجنبية وتحسين إنتاجية الشركات المحلية، وتوفير فرص العمل الجديدة ، خاصة في القطاع الخاص ، ولكن لا زلنا في موقف لا نحسد عليه ،لأن التحديات كثيرة ما يتطلب مساهمة القطاعين العام والخاص في استراتيجيات التعافي والتركيزعلى زيادة الاستثمارات و تحسين السلامة والنظافة الصحية وبناء ثقة المسافرين ، وتوفير التأمين الصحي المجاني للسائحين ، وأن تركز برامج التعافي التحفيزية للسياحة على إعادة بناء المواقع السياحية وتجديدها وربطها بالتقنيات الحديثة ،وتزويدها بالمرافق والخدمات الضرورية، لتعزيز قدرتها على الجذب والمنافسة ، لأن الطريق إلى تعافي قطاع السياحة والسفر يحتاج إلى التحلي بروح الإبداع والابتكار والتعاون، وفي خط مواز يتحتم علينا سرعة تخفيف القيود على المسافرين ، بالإضافة إلى تقديم عروض وبرامج سياحية متنوعة تتضمن الثقافة والآثار والترفيه، وسياحة الطبيعة والتزلق على الرمال والمغامرات والصيد والغوص وسياحة المؤتمرات والسياحة الدينية والعلاجية ، وذلك حتى يمكن الخروج من قوالب السياحة التقليدية، وأن تسجل هذه المناشط على خريطة الأنشطة السياحية العالمية ،على أن تكون العروض مشجعة من حيث أسعار السفر والإقامة والتنقل لتحفيز السياح من مختلف دول العالم ، نظرا للقيمة الاقتصادية التي تحققها السياحة المستدامة للمجتمعات المحلية ،إلى جانب المراقبة الدقيقة لبروتوكولات تشغيل الفنادق وشركات تنظيم الرحلات ومكاتب السفر والسياحة ،حتى تلتزم بتطبيق هذه الاستراتيجية المتكاملة ، لأن تعافي السياحة يعني فتح مجالات للعمل في قطاعات اقتصادية وخدمية أخرى مرتبطة بها ومؤثرة اقتصاديا على المجتمعات ،ومن المهم أيضا تنشيط وتشجيع السياحة الداخلية والبينية العربية لإعطاء الثقة للسياح الأجانب ، مع تنشيط التسويق الخارجي بشكل غير تقليدي والاهتمام بدراسة سلوكيات واتجاهات السياح في الدول المصدرة للسياحة ، للتعرف على أنماط الاستهلاك وأذواق السياح المحتملين في الدول المصدرة للسياحة، والاستفادة منها في الخطط السياحية المقبلة ، ومن خلال حملات الترويج السياحي في الخارج حتى يمكن أن نحدد مستقبل السياحة في السنوات المقبلة، ونمكنها من الخروج من الأزمة بأقل الخسائر، لأن النجاح في تعافي حركة السياحة هى بداية التعافي الاقتصادي بعد الخلل الهيكلي الذي أصاب كل الاقتصاديات منذ أزمة كورونا.