لنكسر وراءها «قلة»

مقالات رأي و تحليلات الخميس ١٤/يناير/٢٠١٦ ٠١:٣٥ ص

يعمد المصريون، إن زارهم ضيف ثقيل غير مرغوب به، إلى كسر «قلة» - وهي آنية فخارية مخصصة للشرب - بعد رحيله كي لا يعود وينقطع شره.. وحق لنا في وداع سنة 2015 أن نكسر وراءها ترسانة أوان فخارية فقد كانت سنة سوداء بكل ما في الكلمة من معنى..

اليمن السعيد صار باكيا.. بعد أن أحرقت الحرب الأخضر واليابس.. ودمرت المستشفيات والملاجئ والمدارس، وبعد 10 أشهر من دوران رحى الصراع لم يبق شيء لطحنه إلا عظام المغلوب على أمرهم.

لبنان بلا رئيس إلى اليوم بعد أن فشلت الفصائل اللبنانية في التوصل لحل لملف الرئاسة المعلق.. على الأرض هناك أزمة النفايات التي أرهقت الناس وانقطاعات الكهرباء التي لا تعترف بحرٍّ ولا بشتاء ناهيك عن التفجيرات الإرهابية التي تهز شباك الأمن بلا استئذان.
أما فلسطين – التي لا مكان لها اليوم في الضمير العربي - فيقول مركز أبحاث الدراسات العربية في تقريره إن 2015 كان أكثر أعوامها مأساوية بعد أن صادرت إسرائيل 6000 دونم غالبيتها من محافظات بيت لحم والقدس وشردت أصحابها الشرعيين لبناء مستوطنات جديدة.
وبعد أن رُوج لـ 2015 بأنه سيكون عام تسوية القضية السورية، ها هو رحل، حاملاً معه 21 ألف جثة منها جثة الطفل السوري إيلان الذي فجع العالم بنومه البريء في شاطئ الغربة ليفجر قضية ملايين السوريين الذين تبعثروا كما تبعثرت سوريا التي استنزفت الحرب الممتدة منذ 5 سنوات كل ما فيها إلا عنجهية أطراف الصراع !
أما ليبيا فحالها يفطر القلب و»يصعب على الكافر» فلديها حكومتان وبرلمانان وبعبعان.. أما البعبع الأول فهو داعش التي تسقط المدينة تلو الأخرى وأما البعبع الثاني فهو الانقسام السياسي الحاد الذي دهور البلاد وأضعفها في مواجهة الإرهاب..
وهناك فاجعة مِنى التي أودت بحياة مئات الحجاج وما تركته من ظل ثقيل على علاقة إيران – المتضعضعة أصلا- بالمملكة العربية السعودية. وجاءت زوبعة إعدام الشيخ نمر النمر لتقضي على ما تبقى من مجاملات ودبلوماسيات بين البلدين.. كما أن روسيا تعيش حربا باردة مع تركيا لا سيما بعد إسقاط طائرة السوخوي الروسية وما تلاها من دخول فرق من الجيش التركي للأراضي العراقية دونما استئذان، وهو ما ينذر بحرب عالمية جديدة لا تُبقي ولا تَذر !!
العالم يغلي..
وسعر النفط في انخفاض موجع..
الإرهاب يتغول.. والوسطية تنكمش.. والدول الخليجية والعربية تمشي على جمر التضخم والغلاء ولا تقوى على الصراخ كي لا تُستغل حنجرتها.. ضدها..
أعرفتم الآن لماذا نخطط لكسر «قلة» وراء العام الذي انصرم وما زالنا ندفع فواتيره وأكلافه؟!
نأمل من الله أن يكون هذا العام خيراً من سالفه.. وأن يحمل لنا ما نحلم به من أمن وانفراجات..