مسقط - لوى - شناص - ناصر الغيثي
يعرفه الناس باسم «الغليون» ومن يستخدمه يحرص على شرائه من ولايتي شناص ولوى اللتين اشتهرتا بزراعته على مر الأزمنة، فهو زراعة قديمة في عُمان لكن لا أحد يعلم عمر هذه الزراعة.
وخلافاً للمتعارف عليه في أنه يستخدم للتدخين بالطريقة التقليدية فقد كانت له استخدامات أخرى في الماضي كالعلاج، حيث تصنع منه بعض الأدوية.
نبات «الغليون» تشتهر به مزارع عدة في شناص ولوى ويحرص كثير من الزبائن والموزعين من داخل السلطنة وخارجها على اقتنائه بكميات تجارية لإعادة استخدامه وبيعه للزبائن.
وتُعد زراعة الغليون مورد دخل للمزارعين، وتتميز هذه النبتة بأنها تشـــبه الخس عندما تراها من مسافة بعيدة إلا أنك عندما تقترب منها تستطيع تمييزها من خلال ورقها الأخضر الغامق الذي يحتوي على تعرجات مميزة.
موسم زراعة «الغليون»
تتميز هذه الفترة برمي بذور هذه النبتة لكي تنبت، ويحصل المزارعون على البذور من خلال تبادلها مع بعضهم بعضاً، بينما يقوم بعضهم بتجهيزها بنفسه من خلال تحضير البذور من محصول العام الفائت، بعد ذلك يقوم المزارعون بتهيئة المكان المخصص لها ورميها لفترة تقارب شهراً فأكثر لتبدأ بعد ذلك بالإنبات، وحينما تكبر قليلاً يقوم المزارعون بنقلها وزرعها في الإمكان المخصصة لها، فالبعض يقوم بزراعتها بالطريقة التي تعتمد على الري الحديث من خلال خطوط مستقيمة وتزرع فيها من الطرفين، والآخر بالطريقة التقليدية من خلال زرعها في الحلقات المربعة والتي تسمى محلياً بـ»الجلبة»، ويقوم المزارعون بالاهتمام بها لحين بلوغها وتصل فترة بلوغها ما يقارب الثلاثة أشهر، ولها مقاييس لدى المزارعين، فالبعض لديه مقياس من خلال اثنتي عشرة ورقة والآخر عشر والبعض خمس ورقات.
يقول سعيد بن ســلطان الريســي من رسة المصباخ وهي إحدى القرى الجبلية بولاية لوى: موسم الغليون لم يبدأ بعد. يبدأ الموسم عادة من شــهر يناير أو فبراير لكن المزارعين بدأوا في التجهيز لزراعته، فبعد زراعته بفترة وجيــزة يتم «تحـــويله» أي نقله من مكانه بعــد بلوغه ســناً معينة لإعادة زراعته من جديد في أماكن أخرى لينمو بشكل أفضـــل هناك في مدة تتراوح بين شهرين أو ثلاثة أشــهر، بعدها يتم قصـــه وتجفيفه.
ويضيف: زراعة الغليون قديمة في لوى وشناص، وأنا أبيع الغليون وهو متوفر بالكميات التي يحتاجها السوق. أنا لا أزرعه، فقط اشتريه من المزارعين بعد أن يتم تجفيفه وتجهيزه.
طريقة حصاده
بعدما يبلغ وتحين فترة حصاده ينتظر المزارعون وقت هبوب الرياح المسماة «الغربي» التي تأتي بهواء حار، فيقوم المزارعون بتكسير نبتة الغليون وتركها في ذات المكان إلى أن تجف، بعد ذلك يتم وضعها في العريش (مصنوع من سعف النخيل) أو غرف مغلقة ويتم تعليقه لغاية جفافه وتغيّر لونه إلى اللون البني، وتختلف الأنواع فالبعض يأتي ذا حرارة عالية والآخر باردة لا يحس بذلك إلا المدخنون أو من خلال رائحتها.
حركة السوق
مطر بن جمعة بن خديم الغفيلي أحد تجار الغليون، وهو من كبار السن في سوق لوى، يقول: أنا أبيع الغليون ولا أزرع شجرته، اشتريه من التجار وأبيعه في السوق. بدأت في البيع منذ سنتين فقط، وفيه ربح يعتمد على حركة السوق، أحياناً يرتفع سعره وأحياناً يقل. أنا لا أدخن ولذلك لا أميز بين أنواعه المختلفة، أراها كلها بنفس النوع. عندما اشتريه يخبرني صاحبه أن هذا من النوع البارد والآخر من النوع الحار، وعلى العموم فإن الزبون يجرب قبل أن يشتري وهو يميز بين الأنواع المختلفة. أنا غالباً اشتري الغليون من شناص لأنه متوفر هناك بشكل أكبر من لوى، ففي لوى أغلب المزارع ماتت بسبب ملوحة المياه وبقي القليل منها في المناطق الجبلية. أبيع في هذا السوق فقط ولا أصدره لأي مكان آخر، وزبائني عمانيون ووافدون إلا أن أغلبهم عمانيون. أسعار الغليون قليلة، فالحزمة الكبيرة أبيعها بريالين فقط.
الغليون قديماً
كان الغليون يُزرع سابقاً بدون المبيدات والكيماويات من خلال السمك المجفف الذي يُدفن تحته وغيرها من الأشياء التقليدية، أما الآن فيتم سقيها بالكيماويات بأنواعها المختلفة، حيث تغيّرت الرائحة عن السابق بسبب الكيماويات المختلفة وكبار السن المدخنون لا يروق لهم ذلك ويميزونه.
ويقول علي بن سعيد القايدي من سور حماد بولاية شناص أحد مرتادي سوق لوى: الغليون متوفر بكثرة في شناص، وأتيت إلى سوق لوى لشراء بعض الخضراوات وقمت بزيارة صديقي «أحد باعة الغليون» فهو من سور بني خزيمة من شناص.
ويضيف قائلاً: يُزرع الغليون منذ سنين طويلة وبكميات كبيرة في شناص، فمنذ أن وُلدت وأنا أرى زراعة الغليون في شناص، والغليون نوع واحد إلا أنه ينقسم إلى صنفين حار وآخر بارد. سابقاً يتم تسميد الغليون بقاشع وعومه «نوع من الأسماك المجففة» وسماد محلي ليكون من النوع الحار، أما الآن فأغلب الغليون من النوع البارد؛ لأنه يتم تسميده بأسمدة كيميائية. سعر القاشع ريالين للكيلو حالياً ومن غير المجدي تسميد الغليون به، بخاصة أن أغلب المزارعين هم من العمال الوافدين ولا يهتمون بالجودة، فهم من يقوم بزراعته وتقطيعه وتجفيفه، وصاحب المزرعة يقوم فقط بالبيع. وتابع: زراعة الغليون خلال هذه الأيام أراها غير مجدية. سابقاً كانت الكمية محدودة ويتم تصـــديرها إلى السعودية والبحرين لذلك كان الطلب عليها مرتفعاً، وبالتالي يرتفع سعرها، أما الآن فالكمية زادت والتصدير أصـــبح مكلفاً لارتفاع أســـعار الجمارك والضرائب المفروضة عليه، ويتم نقلــه أيضاً إلى مسقط والبريمي في شاحنات كبيرة، ولا يعاني التجار أو المزارعون من أية مشاكل في الزراعة والبيع، فقـــط الصــعوبة تكمن في الضرائب، والغليون نبتة تحتاج إلى مياه عذبة كثيرة وتربة مناسـبة لينمو فيها بشكل جيد.
تصديره
بعد كل هذه المراحل التي يمر بها يأتي تجار من دول عديدة أو يرسلون مندوبهم لشرائه وبعدها يتم تصديره إلى دول مختلفة من العالم، حتى إن بعض الشركات العالمية والمعروفة في السوق بصناعة السجائر تقوم بشراء هذه النبتة من ولاية شناص عبر مندوبيها ويتم تصنيع السجائر منها، وتتم طريقة البيع عن طريق الوزن.