التدين «المرقط»

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٢٧/أبريل/٢٠١٦ ١٠:٢٥ ص
التدين «المرقط»

لميس ضيف
lameesdhaif@gmail.com

من عجائب حياتنا اليوم التدين « المشوه « الذي نراه في الكثيرين!

ففي حسابه على تويتر على سبيل المثال؛ ترى أحدهم وقد أشبع الناس قذفا وسباً، ورمى فئة أو شريحة – وأحيانا شعبا بأسره – بأقذع النعوت، ولا يتردد بعضهم في استخدام الألفاظ النابية واللغة المنحرفة لإلحاق أكبر قدر من الأذى بخصومه، ومع ذلك تراه ينشر آيات وأحاديث نبوية مذيلة بجمعة مباركة كل أسبوع!
ينطبق الأمر على المتواصلين عبر مجموعات الواتساب وسواها؛ فبعضهم يرسل أدعية ويبث «النفحات الإيمانية» بمناسبة ودون مناسبة في مجموعات يعرف من يعرفه فيها أنه أبعد الناس عن الإٍيمان وقيمه! فبعض من حولنا لا يجد مضاضة في الكذب والوشاية والخداع وأكل المال بالباطل ولكنه – في الوقت عينه – يحب لعب دور الداعية وتذكير الناس بأدعية الصباح والمساء والسهرة!
من جهة أخرى «يُفترض» أن يورث التدين لدى المتدينين طلاقة الوجه والكرم والمروءة وسعة الصدر؛ لكننا نرى أن التدين القشري لهؤلاء يخفي وراءه وجها بغيضا من الحقد وسوء السريرة، يذكرني هؤلاء سراً بالراقصة التي أكدت في حوار لها بأنها تحرص على صلاة ركعتين قبل وصلتها «الاستعراضية».. أو بـ «الحاج» صاحب الملهى في فيلم «كابريه» الذي لا يعاقر الخمر ولا يدخن ومع ذلك لا يجلده الذنب وهو يعيش على أموال الفساد، أو بالقنوات الفضائية التي تبث كل ما هو ماجن في ساعات الليل والنهار ثم تلبس رداء الفضيلة وتبث برامج دينية قبل الإفطار في شهر رمضان!
ماذا حدث؟
في سنوات الملح؛ سنوات الماضي القاسي والحنون، لم يكن الناس يعرفون عن الشرع وتعاليمه ما يعرفونه اليوم، وكان الدعاء يخرج من القلب لا من الموبايل، وكان التدين ينبع من الداخل ويشع خارجيا عملاً لا قولا.. أما الآن فالتدين قشور لا تصمد لثوان أمام رياح نزعات النفس البشرية.
فإلى ما نعزو هذه الواقع الهجين الذي فرض نفسه علينا!
ببساطة: في تلك السنوات كان دينك «بينك وبين ربك» لذا فقط كان حقيقيا وأصيلا.. أما الآن فدينك «للناس» ويخضع لتقييم ومصادقة «الناس» وتدخلات «الناس» التي لا تنتهي لذا صار مصطنعا بشكل كارتوني..
سقى الله زمنا كانت القلوب فيه مسكونة بربها.. ولم تكن وجلة لإثبات شيء لعباده!!