’الشرطة البيئية’.. حل لضبط المخالفين وفرض العقوبات

مقالات رأي و تحليلات الخميس ٠٩/سبتمبر/٢٠٢١ ١٣:١٤ م
’الشرطة البيئية’.. حل لضبط المخالفين وفرض العقوبات

بقلم : سلطان عبدالله الشكيلي

 تواصل الشركة العمانية القابضة لخدمات البيئة (بيئة) جهودا حثيثة ضمن حملتها التوعوية التي أطلقتها مجددا تحت مسمى "عمان تستاهل" لإيصال رسالة رئيسية مضمونها في هشتاق #مطلوب ـ للعدالة والجاني لا يزال طليقا. حيث انطلقت هذه الحملة من محافظة ظفار نتيجة للسلوكيات الضارة بالبيئة العمانية وقضية رمي وكب المخلفات بشكل عشوائي بالأخص في موسم الخريف ، والأسوأ من ذلك أن هؤلاء الأشخاص ربما لم يتلقوا المخالفة التي يستحقونها ثمنا على ما اقترفوه وربما لم تطبق عليهم العقوبات بحسب اللوائح القانونية البيئية المعمول بها في سلطنة عمان.

• قوانين بيئة مشرعة..

     لقد عملت سلطنة عمان منذ وقت مبكر على سن التشريعات والقوانين واللوائح المتعلقة بحماية البيئة ومكافحة التلوث ، ولعل أبرزها قانون حماية البيئة ومكافحة التلوث الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ١١٤ / ٢٠٠١ ، وقانون المحميات الطبيعية وصون الأحياء الفطرية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٦ / ٢٠٠٣. كما صدرت العديد من القرارات الوزارية والإدارية من مختلف المؤسسات الحكومية المختصة مثل هيئة البيئة ، وتعديلات في بعض أحكام قانون المرور بشرطة عمان السلطانية ، وتحديد جزاءات إدارية على مخالفات بلدية مسقط. حيث تعبر مجمل المواد الجزائية والعقوبات فيها تصل لغرامات بآلاف الريالات وبالسجن أو بأحدى تلك العقوبتين المفروضتين. وقد منحت الجهات ذات العلاقة عدد من الصلاحيات لمأموري الضبط القضائي من المفتشين والمراقبين والمختصين العاملين لديها للتعامل مع كل حالات حوادث التلوث وانتهاكات الحياة الفطرية.

• الإشكالية ..

     إن آثار التهديد البيئي يتجاوز الحدود بمؤشرات مرتفعة وخطيرة مع مرور الوقت في كل ما يتعلق بالنفايات والمخلفات ، والاعتداء على الحياة الفطرية ، والتوسع العمراني ، والتطور الكبير لوسائل النقل والاتصالات ، والمناطق الصناعية والنفطية وملوثات الهواء النقي وانبعاثات الطاقة ، فضلا عن ما يمارسه بعض أفراد المجتمع بسلطنة عمان والسياح من المواطنين والمقيمين والخليجين والعرب والأجانب بالأخص مرتادي محافظة ظفار بموسم الخريف من إلحاق الضرر بالبيئة والمساهمة في التلوث ورمي وكب النفايات والمخلفات أو تخريب المسطحات الخضراء أو المائية بأماكن عديدة ذات جذب سياحي وبيئي فريد من نوعة بتلك المناطق بالرغم من معرفتهم بالمخاطر التي يمكن أن يتعرض لها الشخص عن طريق التلوث فضلا عن المخاطر الصحية مثل : التهاب الجلد ، والفيروسات التي تنتقل عبر الدم كالتهاب الكبد الفيروسي "بي" و "سي" . كما تعد هذه المعطيات كلها عوامل تسرع من عملية تطوير النظم القانونية البيئية من مبدأ التشريع والتطبيق والنفاذ سواء في العالم وحتى لدينا في سلطنة عمان ، ولذلك شهدنا إعلان بعض الدول العربية والخليجية قيام أجهزة الشرطة البيئية لديهم من ضمنها : المملكة الأردنية الهاشمية ، والمملكة العربية السعودية بعدما أثبتت التجارب خلال السنوات أن التوعية والمعرفة بضرورة حماية البيئة لا يكفيان.

     ويبقى السؤال المطروح من قبل المجتمع والجهات البيئية ذات العلاقة والمتعاونيين والباحثين ومحبي الطبيعة بالسلطنة : متى سوف يتم تفعيل جهاز الشرطة البيئية لدينا ؟! وهل سيكون هنالك محكمة مختصة تعنى بكل قضايا اعتداءات الافراد والسلوكيات الخاطئة ضد البيئة؟! بالرغم من الجهود الدؤوبة وحملات التوعية البيئية الإعلامية اللامنقطعة لصون مكتسبات الإرث البيئي والتنوع البيولوجي والجيولوجي والتي حباها الله لبلدنا عمان ؛ إلا أن المسؤولية وغرس ثقافة الوعي البيئي وتعزيزها لدى بعض أفراد المجتمع لا تزال متذبذة.

• مهام واختصاصات الشرطة البيئية..

     مع وجود نظام الشرطة البيئية سيعمل بعد تفعيله والاعلان عنه على حماية جميع مكونات البيئة وعناصرها من صون الهواء من التلوث والمياه والتربة ، والحياة الفطرية ، ومكتسبات مكنونات الإرث البيئي والحضاري ، والموارد الطبيعية والغطاء النباتي والتشكيلات الجيولوجية الفريدة. كما من شأن الشرطة البيئية توفير ميزانيات كبيرة على الدولة بعد تطبيق المخالفات على المخالفين ، وفي حال تكرار المخالفات يمكن احالتهم بعد ذلك مباشرة للقضاء البيئي المختص والنظر للعقوبات المعمول بها بعمان وتطبيقها عليهم. حيث تؤكد لنا الاحصائيات التي تصدرها شرطة عمان السلطانية بشكل دوري حول المخالفات المرورية - لو ذكرناها كموذج - أنها قللت بعد تطبيقها السرعات العالية والحوادث في شوارعنا بالسلطنة على الرغم من إلمامنا كمجتمع بوصول الحملات التوعوية الإعلامية التي كانت ولا زالت تنشر حول السلامة المرورية بالطرقات قبل أن يتم تفعيل المخالفات.

وأن أبرز مهام الشرطة البيئية هي : رصد وضبط كافة مظاهر التلوث الهوائي مثل عوادم السيارات والمبيدات الحشرية ، والتفتيش البيئي على المنشئات الصناعية والمحلات والمحاجر التي لا تلتزم بالاشتراطات البيئية ، وتحرير المخالفات على رمي النفايات في غير أماكنها الصحيحة ، وعمل المحضر وجمع البيانات والأدلة في حال وجود شبه تعدي على البيئة والحياة الفطرية ، ومنع الصيد الجائر والرعي الجائر ، وغيرها من المهام والاختصاصات الأخرى.

• التأثيرات والنتائج..

    يعتبر القانون البيئي أساس تطور البيئة وحمايتها ويساهم في ريادة الدول وتقدمها ويعزز من قيمة النظام البيئي وتوازنه ، ويحافظ على العناصر والموارد الطبيعية ومكتسباتها وجمالياتها. لذا فمن المنتظر أن يكون تأثير وجود جهاز الشرطة البيئية تأثيرا إيجابيا سوف يعمل في المقدمة على رفع مستوى الصحة العامة بعد ما سيقلل أو يحد من انتشار التلوث ورمي النفايات بكل مكان. كما سيعمل الجهاز على تقليل ميزانيات ومصروفات الحكومة في المجالات البيئية كعمليات النظافة والكشف عن الأمراض الناتجة عن التلوث ومعالجتها. فضلا عن أننا سنحمي الموارد والمكتسبات والارث البيئي بمتوقع مؤشرات مرتفعة جدا مستقبلا يساهم فيه جميع من يعيش في سلطنة عمان.