الأمن الغذائي مشروع كل مواطن

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٠٧/سبتمبر/٢٠٢١ ٠٨:٤٢ ص
الأمن الغذائي مشروع كل مواطن

بقلم : علي المطاعني

الجهود المبذولة من قبل الجهات الحكومية أو من الشركة العُمانية للإستثمار الغذائي القابضة، وهي شركة حكومية مملوكة لجهاز الإستثمار العُماني، إنشئت عام 2012 لتحقيق وتنزيل مفهوم الأمن الغذائي لأرض الواقع، وما تبذله مع الجهات ذات العلاقة من إستثمارات في مجال إستتباب الأمن الغذائي جهود كبيرة ومقدرة على أكثر من صعيد سواء الزراعي أو الحيواني أو السمكي، إلا أن توسيع هذا المفهوم وتعميقه ليكون مشروع كل مواطن ومواطنه يستفيد منه في كل مكان في حديقة بيته ومزرعته لهو الأمل الأكبر الذي نتطلع إلى أن يكون المشروع القادم بحول الله، والذي نروج له عبر توعية المواطنين والمقيميين به من خلال نشر ثقافة الإعتماد على الذات في توفير الغذاء بزراعة بعض المنتجات أو تربية الحيوانات والدواجن وغيرها من سبل تحقيق الأمن الغذائي كمشروع مستقبلي يسهم في ما تقوم به الحكومة وشركاتها المختصة في هذا المجال.

على ذلك نتطلع لأن تتبنى الجهات المختصة هذا الجانب في المرحلة المقبلة لما له من مكاسب كبيرة في تحقيق تطلعات المواطن والدولة، ونسهم بذلك في تأهيل أبناءنا واخواننا في كيفية تفعيل طاقات الإعتماد على الذات.

بلاشك أن الأمن الغذائي يحقق خطوات إيجابية في تحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات الزراعية والحيوانية مع الإقرار بأن الطريق لايزال طويلا ويحتاج إلى إستثمارات كبيرة ووعيا أكبر إزاء إمكانية الإسهام به على مستوى الفرد والمجتمع والدولة، خاصة إذا علمنا أن هناك جهودا دائبة رغم تواضعها في المجالات الزراعية والحيوانية والسمكية يمكن إستثمارها فرديا وجماعيا وتوظيفها في هذا الإتجاه، فالاحصائيات تشير إلى أن نسبة الإكتفاء الذاتي من اللحوم الداجنة لايزيد عن 30%، واللحوم أقل من 20%، والمنتجات الزراعية متفاوتة في فصول العام تقل صيفا وتزداد شتاء طبقا للظروف المناخية.

إلا أن تشجيع المواطنين على إستغلال كل فضاء في الحدائق والبيوت والمزارع بزراعة محاصيل زراعية موسمية أو أشجار مثمرة وتربية حيوانات ودواجن بغرض الإكتفاء الفردي وبيع الفائض قد يسهم في زيادة نسب الإكتفاء الذاتي من هذه المنتجات بمرور الأيام، بل إن غرس مفاهيم الأمن الغذائي في نفوس أبناءنا وتشجيع الفعاليات المدرسية على ممارسة أنشطة زراعية على إختلافها سوف يؤسس لجيل يرتبط بهذا المجال المهم.

وكذلك العمل على نشر التوعية عبر كل الطرق والوسائل بكيفية زراعة محاصيل موسمية أو إقامة بيوت محمية صغيرة وتوفير الإرشادات من قبل الجهات المختصة من شأنه أن يدفع الكثير من المواطنين على تبني مثل هذه المبادرات والأفكار الزراعية الخلاقة.

إن جنوح الإنسان إلى تفضيل المنتجات الطبيعية أو ما يطلق عليها بالعضوية ربما يكون منطلقا لتشجيع المواطنين على إستغلال الفضاءات التي لديهم وإستثمار أوقاتهم في زراعة شيئا مفيدا لهم يكفي ما يستهلكونه من منتجات زراعية ومنتجات حيوانية كالدجاج والماعز وغيرها.

فاليوم نجد أن نسبة إمتلاك المواطنين للمساكن في السلطنة تصل إلى 90%، وتتميز الحيازات السكنية بمساحات أقلها 600 متر مربع، خاصة في المحافظات وأن إستثمار المساحات الخالية بالمنازل لايزال شبه معدوم، ويتطلب توعية المواطنين بتبني مبادرات في هذا الإتجاه.

بل إن المضي قدما في هذه المبادرات سوف يوجد لدينا أجيال محبة للزراعة وإمتهانها في المستقبل في ظل المتغيرات التي تشهدها الحياة اليومية.

هناك تجارب لدول مثل إيران والعراق وما شهده هذين البلدين من حروب وحصار إستمر لسنوات طويلة أسهم في إعتماد المواطن فيهما على نفسه في توفير المأكل مما يزرع ويربي، فنجد أن نسبة الإعتماد على الذات في هذه الدول كبير جدا، فالظروف صنعت المواطن وأرغمته على التكيف الإيجابي مع المتغيرات المحيطة به.

بالطبع هناك تحديات في المناخ والمياه ولكن على ضوء التطور التقني في مجال تحلية المياه وأساليب الري الحديث وغيرها من التقنيات يمكن التغلب على الكثير من الصعوبات سيما وأن الجهات المختصة على إستعداد لتقديم النصح والإرشاد في هذه المجالات متى ما طلب منها ذلك..نأمل في تعميق وترسيخ مفاهيم الأمن الغذائي كمشروع كل مواطن ومقيم، وليسهم في رفد الجهود الحكومية والخاصة ويبلور مفاهيم وسلوكيات إيجابية إزاء الإعتماد على الذات في توفير متطلباته من الخضروات والفواكه والدواجن واللحوم، وهذا ليس بالأمر الصعب أو المستحيل متى ما توفرت الإرادة والعزيمة لتحقيق هذا الهدف النبيل.