دهاقنة المعبد

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٠٦/سبتمبر/٢٠٢١ ٠٨:٤١ ص
دهاقنة المعبد

بقلم : خالد عرابي

سمة ملاحظة شائعة في الفترة الأخيرة حول بعض مشاهير التواصل الاجتماعي، وهي أن بعضهم أخذته العزة بالأثم فأصبحوا ينظرون على أنهم فوق الجميع و أن ما يرونه هو الصح والحق وأن ما سواهم الباطل ، ولذا فما من خبر ينشر ولا قرار يصدر إلا ويسارعون بالتعليق عليه - وهذا حق أصيل ومرحب به- ولكن ما ليس مرحب به هو النقد لأجل النقد وأنه لا يعجب هؤلاء شيء مهما إن كان، لدرجة لو أن قرار ما صدر اليوم فسيعلقون عليه بالرفض والكتابة ضده، ولو انتظرت فترة وغيرته للعكس ولما طالبوا به، فستجدهم أيضا أنفسهم ينتقدونه ويرفضونه رغم أنه القرار الذي ثاروا ضده ورفضوه في البداية.

من العبارات والتشبيهات التي أعجبتني مؤخرا حول هؤلاء هو ما قاله لي أحد الأصدقاء: «يخيل لى في كثير من الأحيان أن بعض مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي في بلداننا العربية - وخاصة من يدعون ويطلقون على أنفسهم «مؤثرون» - أنهم يخيل أليهم أنفسهم وكأنهم أصبحوا هم الآمر الناهي، وأنهم فوق المجتمع أو الأوصياء عليه ، فهم يبدون كما دهاقنة «كهنة» المعبد الذين ظهروا في المسلسل الشهير «يوزارسيف» الذي يصور قصة سيدنا «يوسف عليه السلام. فنرى أن بعضهم و بكل أسف يظهر مثلما ظهر دهاقنة المعبد وعلى رأسهم كبيرهم «ألخماهو» الذي ظهر في المشهد الفيصلي أو ما يطلق عليه «الماستر كت» في هذا العمل الرائع (يوزارسيف) ، حيث وجدنا أنه جاء الملك بسيدنا يوسف عليه السلام وأراد أن يثبت لهؤلاء الكهنة كيف أن سيدنا يوسف عليه السلام لديه سر خاص ليس لدى غيره، وأنه وبقدرة الله وبثقته - أي سيدنا يوسف- في الله يستطيع أن يظهر لهم بعض المعجزات ، فطلب منه أن يرد لزليخة شبابها وفي حضور الجميع حتى يثبت لهم قدرة ربه، وبالفعل - وبقدرة الله- سبحانة وتعالى وثقة سيدنا يوسف في قدرة ربنا سبحانه وتعالى وأنه لن يخذله رد لها شبابها، فآمن كثير من الحضور إلا أن هؤلاء الدهاقنة وعلى رأسهم كبيرهم «أليخماهو» رفضوا الإيمان بذلك وأنكروه وقالوا بأنه سحر، رغم أنهم هو الكهنة السحرة وكبيرهم ألخماهو الذي علمهم السحر. فوجه الشبه هنا ، أننا نرى أن بعض من دخلوا سوق وزحام وسائل التواصل الاجتماعي مؤخرا يهاجمون كل كبير وصغير، شاب وشايب، مسؤول وغيره، ينتقدون الوزير والغفير ، يهاجمونهم بالحق والباطل ، يهاجمون بأسلوب وقور حين وبأسلوب فج و فيه تجاوز كبير في كثير من الأحيان ودون أن يراعون فيهم إلا ولا ذمة ، كما قد لا يراعون مكانة ولا حتى سن ولا أي نوع من التوقير للكبير الذي حضنا عليه ديننا الحنيف : « ليس منا من لا يرحم صغيرنا ولا يوقر كبيرنا» ، ومع هذا وبمجرد أن يتوجه لهم البعض أو يلفت أنظار هؤلاء وهذه الفئة أو القلة من المتجاوزين في وسائل التواصل ويقول لهم : «إخواني .. خفوا.. شويه شويه على نفسكم .. انتبهوا .. تحروا الدقة.. خلوا شوى من الاحترام والتقدير للآخر.. وأنه يجب أن يكون هناك موضوعية وتحرى للدقة والموضوعية ...» أو حتى حينما يخاطبهم البعض بكل اللين والود ويقول لهم أهلا وسهلا بالنقد .. لسنا ضده .. ولسنا مع مصادرة الرأى ولكن كونوا كما قال الإمام الشافعي» رحمة الله عليه»: « رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب « إلا أنك تجدهم لا يقبلون هذا التوجيه أو لفت أنظارهم ويعتبرونه نقدا لهم أو هجوم عليهم ، ومن ثم يثورون ويهيجون ويميجون عليهم ويأخذون الأمر وكأنه عداء شخصي ويهجمون هجوما ليس فيه نوع من العدالة والصدق مع النفس، وإنما يكون الهجوم لأجل الهجوم والنيل من الآخر لدرجة أنك تجد أن البعض منهم يكيل الاتهامات للآخرين بالباطل لدرجة أنه قد يصف الطرف الآخر بأنه منتفع أو مأجور وأن وزارة أو «جهة» ما دفعته ودفعت له لأجل كتابة هذا الرأي أو وجهة نظره هذه ، أو حتى تصل العداوة والخصومة من بعضهم حد السب والقذف.. وهذا ما نستنكره خاصة في مجتمعنا العماني المحترم الخلوق السمح المتسامح والمتعايش والذي وصفه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: « لو أن أهل عمان أتيت، ما سبوك وما ضربوك...» ومن ثم وبكل المقاييس يجب أن نترفع وأن نسمو بأنفسنا وألا نفرط ببعض تصرفات بعض الشباب الصبيانية في هذا الأرث العظيم الذي ورثه لنا الأباء والأجداد وهو احترام وعلو خلق وسماحة أهل عمان