بقلم : علي بن راشد المطاعني
ترجمة لزيارة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ للمملكة العربية السعودية الشقيقة مؤخرا ، وما تمخضت عنه الزيارة من إتفاقيات بالغة الأهمية في إطار التعاون والتكامل الإقتصادي بين السلطنة والمملكة تأتي زيارة وزير الإستثمار السعودي للسلطنة تجسيدا لماتم الإتفاق عليه بين القيادتين لأرض الواقع والدفع بعجلة التعاون والتكامل الإقتصادي والصناعي والسياحي قدما للأمام تحقيقا لتطلعات الشعبين في الوصول وفي أقصر وقت ممكن لكل ما يحقق رفاهية الشعبين الشقيقين وتأكيد الوصول لغد أرغد وأسعد.
فالزيارة تُعد خطوة متقدمة لتسخير إمكانات البلدين وصولا للمزيد من التعاون والتنسيق المشترك والإستغلال الأفضل للمزايا النسبية التي تتميز بها كل من السلطنة والمملكة العربية السعودية ،الأمر الذي يتطلب من القطاع الخاص في البلدين الشقيقين إستثمار هذا الإهتمام المشترك من حكومة البلدين برفد التكامل الإقتصادي والعمل على التعاون في مجالات الإستثمار بما يحقق طموحات حكومتي مسقط والرياض في التنويع الإقتصادي والإستفادة من المقومات المتوفرة للتكامل المنشود والمرتجى.
بلاشك أن زيارة وزير الإستثمار السعودي للسلطنة علي رأس وفد سعودي كبير من المسؤولين ورجالات الأعمال في أقل من شهرين من زيارة جلالة السلطان للمملكة تعكس مدى الإهتمام الذي توليه الجهات المختصة لترجمة ما توصلت إليه الزيارة من نتائج إيجابية تفتح آفاقا أوسع للتعاون المشترك ، والإرتقاء بمجالات الإستثمار في كافة القطاعات ذات الصلة.
حيث تكتسب زيارة الوفد السعودي للسلطنة أهمية كبيرة علي العديد من المستويات الرسمية والأهلية لما تمثله من خطوة إيجابية في تفعيل التعاون الإقتصادي بين البلدين إلى ما يتطلع له الشعبين وزيادة التبادل التجاري بفتح آفاق أوسع للتعاون والشراكة بين القطاع الخاص في البلدين .
ولعل زيارة الوفد الزائر لكل من منطقة الرسيل الصناعية والمنطقة الإقتصادية الخاصة بالدقم يدلل على التركيزعلي الإستثمار في القطاعات الصناعية المتعددة ، ومهد ذلك عرض 150 مشروعا صناعيا تبلغ تكلفتها الإستثمارية 1.5 بليون ريال عُماني ، عُرضت على رجال الأعمال السعوديين ، فالإجتماع وبما يحمله من آمال في تأطير لمجالات التعاون وإيجاد الأطر والتشريعات والحوافز التي تشجع رجالات الأعمال للإستثمار في البلدين والاستفادة مما يتوفر لهما من فرص للإستثمار في القطاعات الإنتاجية والخدمية.
وتعد مجالات النفط والغاز والمعادن من بين أبرز مجالات التعاون المتوقعة من خلال الإستفادة من موقع السلطنة الجغرافي الإستراتيجي على بحر العرب والمحيط الهندي وبعده عن مضيق هرمز وما يشهده من توترات ، وذلك بتخزين النفط في محافطة الوسطى ، والتعاون في المجالات البتروكيماوية ، فضلا عن الإستفادة مما يتوفر في السلطنة من معادن تحتاج إلى إستثمارات كبيرة في المرحلة المقبلة بحول الله.
ويعد الأمن الغذائي أحد أهم مجالات التعاون المتوقع أن تُحظى بالمزيد من الإهتمام المفضي للتكامل في المرحلة المقبلة وذلك عبر الإستفادة مما يزخر به البلدان من ركائز الأمن الغذائي على اختلاف أنواعه الزراعي والسمكي والحيواني .
ويشكل الطريق البري الذي يربط البلدين بداية قوية لرفد التعاون اللوجيستي وتسهيل الإستيراد والتصدير بنحو أمثل ومن الطبيعي أن تعرج المناقشات بين الجانبين للتعاون في مجالات الكهرباء ، خاصة وان شركات سعودية مستثمر رئيسي في محطات وشبكات الكهرباء في السلطنة وضرورة الإستفادة من الطاقة الفائضة من الكهرباء عبر تكامل شبكة الكهرباء بين دول مجلس التعاون كأحد أهم مجالات التكامل الاقتصادي.
ومن البديهي أن كل مجالات التعاون بين البلدين سوف تفرز مشروعات صغيرة ومتوسطة تسهم في تمكين رواد الأعمال وتحفز على الأبتكار والإبداع ، وإستفادة رواد الأعمال من هذه المشروعات.
ويشكل اقتصاد المعرفة واهمية تكامل الجهود بين البلدين جانبا من آليات التعاون المستقبلي لما يشكله ذلك من أهمية كبيرة في إدارة دفة الاقتصاديات المبنية على هذا المفهوم .ومن الطبيعي إلى أن كل متطلبات التكامل المآمول بين السلطنة والسعودية تتطلب الكثير من المحفزات الإستثمارية الإستثنائية في كلا البلدين لإعطاء زخم للتكامل يحفز القطاعين على الإستثمار وإيجاد شراكات ذكية بينهما ، وهذه النقطة من المنتظر أن تحظى بإهتمام في مناقشات المسؤولين بحيث تتوفر الأدوات التي يمكن ان تترجم التوجهات الإقتصادية نحو التكامل وتهيئ السبل نحوتدفق الإستثمار ، وذلك بإضفاء الكثير من التسهيلات لتسريع وتيرة الشراكة وحلحلة التحديات التي قد تواجه المستثمرين خاصة وان البلدين منفتحان على العمل الإستثماري بكل السبل التي تسهم في إنجاح خططهما لتنزيل مبدأ التنوع الإقتصادي لأرض الواقع.
بالطبع مجالات التكامل التي قد تشهدها المرحلة المقبلة بين السلطنة والسعودية تتطلب مبادرات وتعاطيا إيجابيا من رجال الأعمال في البلدين ليكونوا على مستوى التطلعات المستقبلية وللإستفادة من المناخ الملائم والسائد الآن بفضل الله وتوفيقه.
نأمل أن تكلل زيارة الوفد السعودي للسلطنة في رفد الإستثمارات المشتركة والإرتقاء بالتبادل التجاري والدخول في شراكات بين القطاعين العام والخاص وإضفاء المزيد من زخم التكامل الإقتصادي بينهما مستفيدين من قوة وصلابة إرادة قيادة البلدين الشقيقين.