الإجازات في عُمان .. دائماً في اللحظة الأخيرة!

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٣٠/أغسطس/٢٠٢١ ٠٨:١٩ ص
الإجازات في عُمان .. دائماً في اللحظة الأخيرة!
محمد بن عيسى الزدجالي

بقلم: محمد بن عيسى الزدجالي

بعد حوالي شهرين من الآن سيكون هناك إجازة رسمية جديدة في سلطنة عمان، ولكن لماذا يجب علينا أن ننتظر اثني عشر يوما قبل أن نعرف تاريخ الإجازة بالتحديد؟

دائما ما ينتظر الناس وقتا طويلا جدا حتى يتم الإعلان عن موعد الإجازات الرسمية في عُمان. وعلى مدى عقود طويلة حتى الآن عادة ما يتم ابلاغ المواطنين والمقيمين والشركات والمدارس والسياح بموعد الإجازة في اللحظات الأخيرة، بعد أن يقضوا أسابيع وأياما في التخمين والتكهن بموعد الإجازة القادمة بناء على التجربة السابقة.

يمكننا أن نتوقع موعد الإجازة الرسمية القادمة، وهي ذكرى المولد النبوي الشريف، في منتصف أكتوبر المقبل، وأيضا هناك إجازة العيد الوطني في نوفمبر والتي ستمنحنا استراحة قصيرة أخرى في هذا العام 2021.

طالما أننا على علم بهذه المناسبات القادمة، فلماذا لا يمكننا تحديد ما هي الأيام التي ستقع فيها الإجازات الرسمية في وقت مبكر؟

في وقت متأخر من مساء يوم الأحد الموافق الثامن من أغسطس، أعلنت الجهات المختصة أن الأول من شهر محرم لسنة 1443 هجرية (والذي صادف يوم الثلاثاء الموافق العاشر من أغسطس) سيكون هو يوم الإجازة الرسمية بمناسبة رأس السنة الهجرية، وحتى تلك اللحظة لم نكن نعلم هل سيكون اليوم التالي يوم عمل أم إجازة، إلى أن اكتشفنا في الساعة الثامنة من مساء ذلك اليوم أن اليوم التالي سيكون يوم عمل وأن الإجازة ستكون في اليوم الذي بعده.

إن الإعلان عن الإجازات بهذه الطريقة دائما ما يسبب حالة من الارتباك بل والقلق، حيث لا يستطيع الأفراد ولا الشركات التخطيط لأمورهم بأي درجة من الدقة وغالبا ما يتعين عليهم إعادة جدولة خططهم وتعديلها لتتوافق مع مواعيد الإجازات التي تم الإعلان عنها في وقت متأخر.

لماذا يحدث هذا؟ ما هو الهدف الذي يمكن أن تحققه هذه الممارسة في عام 2021؟ على أي حال، العالم الإسلامي ليس هو المجتمع الوحيد الذي يحتفل بمناسبات لا تعتمد على تاريخ محدد، وهي مناسبات يشار إليها باسم "الإجازات المتنقلة".

على سبيل المثال، عيد الشكر في الولايات المتحدة هو يوم عطلة يقام في يوم الخميس الأخير من شهر نوفمبر. ويوم الرؤساء في الولايات المتحدة ويوم الأسرة في كندا يوافق يوم الاثنين الثالث من شهر فبراير. وهذه المناسبات الرسمية يعرف جميع الناس تواريخها.

في بداية كل سنة ميلادية يتم نشر جدول بالإجازات الرسمية، وبذلك يكون كل شخص يعيش في هذه البلدان على علم مسبق بمواعيد الإجازات الرسمية على وجه التحديد، وهو ما يسمح للناس في هذه البلدان بالتخطيط لأمورهم وأعمالهم.

إن عدم نشر جدول بالإجازات الرسمية على مستوى الدولة ليس فقط أمرا غير مريح، بل قد يتسبب أيضا في عواقب وخيمة. لنفترض أن شخصا ما حدد موعدا مع طبيب مهم وظل ينتظر أسابيع لرؤية الطبيب، ثم فجأة يتم الإعلان عن إجازة في اللحظة الأخيرة ومن ثم يجب عليه إعادة تحديد الموعد لتاريخ لاحق، مما يسبب مشكلة كبيرة للمريض.

كما أن المؤسسات التعليمية تتأثر بعدم وجود تواريخ واضحة ومحددة للإجازات، من وضع جداول الامتحانات إلى إقامة الفعاليات المدرسية.

حتى المعاملات التجارية الدولية يمكن أن تتأثر سلبا بسبب الإعلان المفاجئ عن مواعيد الإجازات. تخيل عندما يصل رجال أعمال إلى البلد لتوقيع عقود مهمة وفجأة يتم الإعلان أن يوم الغد هو إجازة رسمية، فهذا يؤثر في الواقع على خطط سفرهم وتكلفتها ووجهات نظرهم تجاه البلد وعلى استثماراتهم المحتملة فيه.

لا أستطيع أن أجد سببا وجيها لعدم تبني السلطنة لمفهوم الإجازات المتنقلة. على سبيل المثال ستحل مناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف لهذا العام إما في 18 أو 19 أكتوبر المقبل، فإذا أعلنت السلطنة يوم الأحد الموافق 17 أكتوبر إجازة رسمية بهذه المناسبة فهذا سيمنحنا الوقت الكافي للتخطيط للالتزامات المستقبلية والاستمتاع بالمعالم السياحية في بلدنا.

وهناك مثال مناسب آخر وهو يوم العيد الوطني، حيث يمكن أن يتم تحديد الإجازة الرسمية يوم الأحد الأخير من شهر نوفمبر ولمدة يومين. وبالنسبة لهذا العام، ستصادف الإجازة المقترحة يومي 28 و 29 نوفمبر.

لماذا علينا أن نتساءل ونخمن ونتكهن وننتظر ونعيد التخطيط ونحن نعلم بالفعل أن هناك إجازات رسمية قادمة؟

إن عدم اليقين بشأن مواعيد الإجازات الرسمية، وخاصة مع اقترابها، يترك الناس في حالة ارتباك وقلق، فهناك الكثير من الناس يسافرون خلال الإجازات الرسمية محليا ودوليا. إن القدرة على التخطيط المسبق لا تريح العقل فحسب، بل لها تأثير إيجابي أيضا على الشركات المحلية من الناحية المالية.

من أجل تحسين طريقة إدارة البلد، من أعلى الرتب في الحكومة وصولا إلى الأطفال الذين لا يعرفون سوى اللعب، علينا أن نبدأ في إنشاء جدول سنوي للإجازات الرسمية ونشره في بداية كل عام موضحا اليوم والتاريخ الذي تقع فيه الإجازة الرسمية.ومن أجل تحسين العمليات في قطاع الأعمال، فإن نقل الإجازات الرسمية إلى بداية الأسبوع، أي يوم الأحد، بدلا من يوم الخميس، سيكون له تأثير إيجابي أكبر على الشركات المحلية التي تتعامل مع شركات خارج عمان. وأيضا ستستفيد المؤسسات المالية بشكل كبير من هذا التحول، حيث سيكون هناك المزيد من الأيام لإجراء الأعمال التجارية مع بقية دول العالم.

إن وجود جدول أو تقويم رسمي للإجازات الرسمية في البلاد هو جزء من تحويل مدننا إلى حواضر مستدامة على المستوى العالمي. وأنا أرى أننا جاهزون لذلك ولا نحتاج سوى تحقيق هذه القفزة. قد تبدو لفتة صغيرة ولكنها سيكون لها تأثير كبير جدا على الوطن وعلى المواطنين والمقيمين جميعا.