لماذا غابت الجهات المختصة عن صور؟

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٠١/أغسطس/٢٠٢١ ٠٨:٣٢ ص
لماذا غابت الجهات المختصة عن صور؟

بقلم : علي المطاعني

في الوقت الذي نجحت فيه الأجهزة العسكرية والأمنية في إدارة الأزمة التي تعرضت لها ولاية صور جراء الحالة الجوية ونتيجة لتزايد الأودية والأمطار‏ قبل أيام عيد الأضحى المبارك وما شكله ذلك من مخاطر على المواطنين والمقيمين وصلت إلى تهديد للأرواح والممتلكات لولا لطف المولى عز وجل والجهات الأمنية والعسكرية التي اضطلعت بدور كبير، في هذه الأزمة، إلا أنه من الملاحظ أن هناك غيابا واضحا للجهات المعنية المدنية بالحكومة عن هذه الأزمة في بداياتها، والتي تعد اختبارا لكفاءة إدارة الأزمات في الجهاز الإداري للدولة ودورها في مثل هذه الظروف، بل حضورها الميداني على الأقل واطلاعها على مجريات الأمور. فبشكل عام يلاحظ أن استجابة المسؤولين في الأجهزة الحكومية المدنية المعنية كان ضعيفا عموما، بل إن تفاعل الأجهزة الحكومية مع الأزمات التي تتعرض لها البلاد لم يكن بالسرعة المطلوبة، فعلى سبيل المثال زيارات المسؤولين للأسف جاءت متفاوتة تصل إلى خمسة أيام وإلى أسبوع من بدء الحالة الجوية للأسف، في حين يفترض أن تكون استجابتهم مع هذه الظروف سريعة وفورية، ومن قمة الهرم في هذه الوزارات، نظرا لتراكمات الحالة الجوية الكبيرة على الأهالي والمجتمع، ولا يجب التهاون معها مثلماحدث، حيث تستوجب بعض الحالات اتخاذ قرارات سريعة تلافيا للتداعيات التي تسببها الكارثة على كل المواطنين والمقميين. إن ما تعرضت له ولاية صور من أودية وأمطار غزيرة بلغت نسبتها 204 ملم في الساعة في احد الايام، وفيضان سد الحماية وما سببه من غرق الأحياء والقرى، وحالات الإخلاء للمواطنين والمقيمين في أحياء صباخ والجناة وأبو قلع، وقرى افتاء ومسلق التابعة لولاية صور، لا يجب أن يمر مرور الكرام بدون التحقيق في هذه الظروف، ومدى تعاطي الجهات المدنية معها بالكيفية المطلوبة من كافة الجوانب، حتى الحضور الشكلي الفوري المؤازر لرفع معنويات الأهالي كان غائبا للأسف، مقارنة بالمسؤولية الكبيرة التي نهضت بها شرطة عمان السلطانية وهيئة الدفاع المدني والإسعاف وقوة أمن السواحل التابعة للجيش السلطاني العماني والذين أبلوا بلاء حسنا في إنقاذ المواطنين من الغرق باستخدام الزوارق والطائرات وآليات الإنقاذ وغيرها، واستخدام كل الإمكانيات التي تجسدت في فتح الطرق ومساعدة المواطنين في الحفاظ على ممتلكاتهم واستعادة الحياة الطبيعية في هذه الأحياء. ففي مجال الإغاثة والايواء والمعنية به وزارة التنمية الاجتماعية وفق اختصاصاتها كانت الوزارة الغائب الأبرز في هذا الجانب للأسف، حيث إن زيارة المسؤولين للمناطق المتضررة تمت بعد سبعة أيام من الحالة للوقوف على ما سببته الأنواء المناخية الأخيرة من إضرار بالمواطنين وأملاكهم، في وقت كان يفترض فيه أن يكون أعلى مسؤول في هذه الجهة موجودا منذ أول يوم في الولاية للوقوف على عمليات الإغاثة واتخاذ إجراءات عاجلة. وقد لعب الأهالي والقطاع الخاص والفرق التطوعية من بقية المحافظات دور الوزارة في نجدة إخوانهم المواطنين من خلال تسيير حافلات تحمل المواد التموينية، والأجهزة الإلكترونية، والأثاث، والمعدات للأهالي الذين مسحت الأودية منازلهم عن بكرة أبيها، حيث حرصوا على توفير كل الأجهزة والمعدات لتعود الحياة في تلك المناطق إلى طبيعتها. ففي الوقت الذي كان فيه مسؤولو الوزارة مع أهاليهم يستعدون للاحتفاء بعيد الأضحى المبارك في ولاياتهم كان أهالي هذه الأحياء والقرى قد خسروا كل شيء حتى فرحة العيد وتجهيزاته جراء جريان هذه الأودية ودخولها منازلهم جارفة الغالي والنفيس وغيره وكان يفترض أن يكون المسؤولون بالوزارة جزءا من المشهد بكل تفاصيله، تضامنا مع أهالي ولاية صور وما تعرضوا له من كارثة. في الجانب الآخر لم تعبئ وزارة الإسكان والتخطيط العمراني بما تتعرض له هذه الاحياء والقرى بشكل مكرر من كوارث جراء وضعها الواقع على مصاب ومجرى الاودية ومدى تأثير ذلك على الأهالي بل وتنصلت فورا ببيان صدر ان حي صباخ، مخطط قديم ومتوارثة منازله. رغم ان هناك ومنذ سنوات مطالبات لإيجاد بدائل سكنيه عوضا عن المخططات السكنية التي غرقت وتحولت إلى بحيرات تسبح فيها البيوت بأكملها وما فيها من أثاث، وقد تأخرت الوزارة عن وضع معالجة جذرية لهذه المعضلة التخطيطية بإيجاد أماكن أفضل. أما على صعيد وزارة الداخلية ممثلة في امانة المحافظات وأجهزة البلديات فحدث ولا حرج من حالة الارتباك في التعاطي الفوري مع الأزمة، والتخفيف من تأثيراتها على المواطنين، فبلدية صور وقفت شبه عاجزة عن التعامل مع الأزمة ومخلفاتها بعكس أجهزة الشرطة والدفاع المدني التي قامت بدور كبير تمثل في إزالة المخلفات وتسخير إمكانياتها وأفرادها في هذا الشأن. كذلك لم توفق الارصاد الجوية في التنبوء بحجم الامطار والكوارث المصاحبة والواجب عليها التنبيه على الولايات والمواطنين وجهات الاختصاص للاستعداد لمثل هذه الحالة، حيث اكتفت بمنشورات تخرج عبر تويتر فقط دون تحليل او رصد او تنبيه فعلي. وثمن الأهالي وخاصة المتضررين وقفة رجال شرطة عمان السلطانية والأجهزة العسكرية، ولاسيما الدور الكبير لشرطة محافظة جنوب الشرقية عبر اللجنة الفرعية للجنة الوطنية لإدارة الحالات الطارئة، والتي أدارت الأزمة بحرفية عالية يستحقون عليها الشكر والثناء. بالطبع ندرك بأن مثل هذه الأزمات تفوق التصورات وكل الاحتياطيات كغيرها من الازمات، إلا أن التعاطي المتفاوت بين الأجهزة المدنية المعنية والعسكرية يوضح حجم البون الشاسع في العمل بمسؤولية وحرفية في إدارة الأزمة، الأمر الذي يتطلب معالجة هذا الجانب. نأمل بألا تمر هذه الأزمة كغيرها من الأزمات بدون مراجعة وعلى إدارة الأزمات في الجهات الحكومية المعنية الوقوف عندها طويلا، والاستفادة من الدرس، على الأقل من خلال اهتمام المسؤولين وزياراتهم للمناطق المتضررة لتخفيف معاناة المواطنين في وقتها.