التعاون الاقتصادي عنوان المرحلة المقبلة!

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ١٣/يوليو/٢٠٢١ ٠٨:٢٨ ص
التعاون الاقتصادي عنوان المرحلة المقبلة!

بقلم :علي المطاعني

يعول العالم على العلاقات الاقتصادية بين الدول والشعوب بأنها أكثر قربا في تعزيز الروابط وأكثر عمقا، كونها تربط المصالح ‏أكثر من غيرها من الروابط الثقافية والاجتماعية والأيديولوجية والتاريخية، فاليوم على ضوء الكثير من المتغيرات والمستجدات المتتالية التي يشهدها العالم، تقف العلاقات الاقتصادية كأولوية أولى حتى وإن تباعدت المسافات بين الدول وتباينت الثقافات، وتقاطعت الجغرافيا يكون أرسى العلاقات التجارية هي الأساس الذي تقوم عليه العلاقات بين الحكومات والشعوب والأمثلة كثيرة في هذا الصدد، ولكن عندما تكون الدول متقاربة جغرافيا وتجمع بينها الروابط، فإنها تسهل العلاقات الاقتصادية وتعزز منها في سبيل الوصول إلى الغايات، ومن هنا فإن العلاقات الاقتصادية بين السلطنة والمملكة العربية السعودية كل السبل ممهدة لها أن تزدهر لكي تضاعف من الروابط التي تجمع بين البلدين والشعبين الشقيقين، الأمر الذي يتطلب استثمار هذه العلاقات وتطويرها إلى ما يتطلع إليه الشعب العماني والسعودي في المرحلة القادمة بشكل أكبر. فبلاشك أن العلاقات الاقتصادية في العالم اليوم هي الأساس مهما تعالت القواسم الأخرى بين الأمم والشعوب، وهو ما أدركته دول العالم، وهو ما يعول عليه في علاقتنا مع الشقيقة المملكة العربية السعودية وتحرص عليه قيادتا البلدين بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق وأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز. ولعل أعلان تأسيس مجلس للتنسيق الاقتصادي للإشراف على التعاون الاقتصادي ويتابع ما يتم اتخاذه والوقوف على التحديات التي تواجه الاستثمار في البلدين وتذليلها هو السبيل الأنجع لتطوير هذه العلاقات إلى ما نتطلع إليه جميعا، والأداة الأهم التي بإمكانها تقييم ما وصلت إليه مجالات التعاون بين البلدين. فالتعاون الاقتصادي بين السلطنة والسعودية ‏موجود، ويشهد تطورا ملموسا في العديد من المجالات يتمثل في استثمارات تقدر بحوالي 188 مليون ريال وتمثل نحو 1079 شركة سعودية حتى نهاية 2020م. وعلى الجانب الآخر يشكل التبادل التجاري بين السلطنة والسعودية أحد محاور التعاون بين البلدين، إذ زاد حجم التبادل التجاري من 4.76 مليار ريال سعودي في عام 2010م إلى 11.54 بليون ريال سعودي في عام 2020م مما يعكس بأن هناك مجالا أكبر لنمو التبادل التجاري في كافة المجالات الاقتصادية.

إذ تشير الإحصائيات إلى أن معدل النمو السنوي للواردات السعودية إلى السلطنة في خمسة أعوام من2016- 2020 م، 6.94 بالمائة فيما بلغ معدل النمو السنوي للصادرات العمانية إلى السعودية في نفس الفترة 7.4 بالمائة، وسجلت الواردات السعودية إلى السلطنة ما نسبته 16.6 بالمائة في 2020 قياسا بعام 2019م. و‏لعل طرح وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار 150 فرصة استثمار في القطاع الصناعي على المستثمرين السعوديين بقيمة استثمار تقدر بحوالي 1.5 بليون ريال عماني، لعلها تعد منطلقا مهما للاستثمارات المطلوبة في المرحلة القادمة مع توفير كل التسهيلات للمستثمرين، والعمل على إقامة منطقة اقتصادية تتوفر لها الإمكانيات التي من شأنها تسهيل سبل الاستثمار. ولا نغفل ما يمكن أن يسهم به الطريق المباشر بين السلطنة والمملكة والذي سوف يختصر المسافة بين البلدين بأكثر من 800 كلم، مقارنة مع الطريق الحالي الذي يبلغ طوله 1638 كلم، ويتداخل مع بعض الدول والمنافذ الحدودية، وقد يسهم هذا الشريان الحيوي في تفعيل الأنشطة الاقتصادية وتسهيل الحركة بين البلدين وزيادة التبادل التجاري والسياحي إلى مستويات تتواكب مع تطلعات أبناء السلطنة والمملكة، فهذه الطرق شرايين تفتح آفاقا أوسع للمزيد من العمل الاقتصادي الفاعل. فالاستفادة المتبادلة في المجالات الاقتصادية بين البلدين ربما يكون عنوان التعاون في المرحلة القادمة، خاصة وأن المملكة تعد أكبر الدول الاقتصادية في الشرق الأوسط، وتمتلك قواعد اقتصادية متنوعة وتنفذ رؤية 2030م تتوافق مع ما تطبقه السلطنة برؤية عمان 2040 وبالتالي مسار البلدين للتنويع الاقتصادي يلتقيان في العديد من الجوانب التي من شأنها أن تدفع بهذا التعاون إلى ما يتطلع إليه الجميع. بالطبع اليوم وبعد هذه الخطوة التي جسدها جلالة السلطان هيثم بن طارق بزيارة رسمية للمملكة وما تم التوقيع عليه من شراكات واتفاقيات فإن الكرة في ملعب القطاعين العام والخاص لتفعيل هذه الاتفاقيات والاستفادة من زخم العلاقات وتوظيفها بشكل أفضل مما هي عليه، والعمل بتسارع تفرضه مقتضيات المرحلة وظروفها الاقتصادية والصحية. ويتطلب كذلك من القطاع الخاص في البلدين الإسهام الفاعل في الاستفادة من الأرضية الصلبة التي تتوفر لهذا التعاون وما سيفرزه من تعاون وتسهيلات يجب أن تستثمر بشكل أكبر.

نأمل أن تتركز العلاقات على الجوانب الاقتصادية أكثر في الفترة المقبلةونسهم في دفع عجلة التعاون في المجالات الاستثمارية بشكل أكبر، والعمل وفق أجندة واضحة في المرحلة المقبلة.