الرياض - الشبيبة
أجرت صحيفة "الاقتصادية" السعودية حوارًا مع وزير الاقتصاد معالي د.سعيد الصقري رصدته "الشبيبة" ، وأكد معاليه خلال الحوار إن الزيارة السامية لجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - أبقاه الله - ستشهد توقيع عديد من اتفاقيات التعاون الثنائي في مختلف المجالات، إيذانا بانطلاق مرحلة جديدة من الشراكة الاقتصادية. وأضاف أن هناك كثيرا من التقاطعات في رؤية عمان 2040 ورؤية المملكة 2030، حيث تشتركان في تنويع الاقتصاد، وتقليل الاعتماد على البترول وتحقيق النمو المستدام بمعدلات مرتفعة، والعمل على إيجاد مزيد من فرص العمل، وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة ورؤوس الأموال لتحقيق النمو الاقتصادي المستدام في إطار رؤية البلدين، بما يعزز لتأسيس علاقات اقتصادية متكاملة.
وأوضح وزير الاقتصاد أن تدشين الطريق البري الجديد سيؤدي إلى خفض تكلفة شحن الواردات والصادرات وتقليل تكلفة النقل، ويسهل التواصل بين الأفراد والمستثمرين، حيث يختصر الطريق الجديد المسافة بين الدولتين بما يقدر بـ800 كيلو متر تقريبا، وهو ما يكون في مصلحة البلدين، وسيمكن الطريق الصادرات السعودية من الوصول إلى بقية دول العالم مباشرة عبر بحر العرب، كذلك سيمكن الصادرات العمانية للوصول لبقية دول العالم عبر بوابة البحر الأحمر.
وجاء نص الحوار :
* بدعوة من خادم الحرمين الشريفين، يزور جلالة السلطان هيثم بن طارق، السعودية اليوم في أول زيارة خارجية له، كيف ترون هذه الزيارة؟
الزيارة تأتي تأكيدا على عمق العلاقات التاريخية بين السعودية وسلطنة عمان، كما أنها تأتي انطلاقا من حرص قيادتي البلدين على توثيق الروابط المشتركة، التي تجمع البلدين، وتلبية للدعوة الكريمة الموجهة إلى السلطان بن هيثم بن طارق- حفظه الله- من أخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسيتم خلال الزيارة بحث جوانب التعاون كافة، التي من شأنها أن ترتقي بالبلدين إلى المستويات، التي تلبي تطلعات الشعبين، وتحقق الأهداف المرسومة والغايات المنشودة في المجالات كافة، وصولا لنتائج تخدم المصالح المشتركة بين البلدين وتكفل حاضرا ومستقبلا مزدهرا للبلدين.
* تستقبل السعودية وسلطنة عمان مرحلة جديدة من الشراكة الاقتصادية، كيف ترون هذه المرحلة؟
مما لا شك فيه أن سلطنة عمان والسعودية تستقبلان خلال الأيام المقبلة مرحلة جديدة من الشراكة الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، التي تحظى بدعم قيادة البلدين وحرصهما على تعزيز علاقات التعاون الثنائي، لما فيه مصالح البلدين والشعبين.
وستشهد زيارة السلطان هيثم بن طارق للمملكة، توقيع عديد من اتفاقيات التعاون الثنائي في مختلف المجالات، إيذانا بانطلاق مرحلة جديدة من الشراكة الاقتصادية بين البلدين، بما يعزز لتأسيس علاقات اقتصادية متكاملة، انطلاقا من رؤية عمان 2040 ورؤية المملكة 2030، وهنا تبرز أهمية العلاقات الاقتصادية والاستثمارية المشتركة، حيث تطمح القيادتان إلى رفع مستوى التبادل التجاري بينهما إلى مستوى أعلى، والاستفادة من مقومات البلدين في هذا الإطار.
* يوقع الجانبان السعودي والعماني خلال الزيارة عديدا من الاتفاقيات الاقتصادية، ما أبرز هذه الاتفاقيات والقطاعات المستهدفة؟
ترتبط عمان والسعودية بالعلاقات الأخوية، كما ترتبطان بالاتفاقيات الموقعة في كثير من المنظمات الدولية، مثل مجلس التعاون لدول الخليج العربي، جامعة الدول العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، ولا أود أن أسبق الأحداث، لكن الاتفاقيات تشمل عديدا من المشاريع العملاقة والمتنوعة المناطق الصناعية ومناطق الخدمات اللوجستية والمشاريع المشتركة الأخرى.
وهناك كثير من القطاعات المستهدفة للتعاون بين البلدين، ولعل أبرز القطاعات المستهدفة هو قطاع الصناعة، وقطاع الأمن الغذائي، خاصة الثروة السمكية، الثورة الصناعية الرابعة، الثروة المعدنية، الخدمات اللوجستية، وقطاعات أخرى عديدة.
* يعمل البلدان على تعزيز العلاقات الاقتصادية فيما بينهما منطلقين من الشراكة في الطموح من خلال رؤية المملكة 2030 ورؤية عمان 2040، ما أبرز التقاطعات في توجهات الرؤيتين؟
هنالك كثير من التقاطعات في رؤية عمان 2040 ورؤية المملكة 2030، حيث تشتركان في تنويع الاقتصاد، وتقليل الاعتماد على البترول وتحقيق النمو المستدام بمعدلات مرتفعة والعمل على إيجاد مزيد من فرص العمل، وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة ورؤوس الأموال لتحقيق النمو الاقتصادي المستدام في إطار رؤية البلدين.
إن رؤية المملكة 2030 وعمان 2040 تشتملان على عديد من المشاريع العملاقة والمتنوعة التي تتطلب التعاون بينهما لتحقيقها بما يعود بالنفع على البلدين والشعبين، فيمكن ربط المناطق الصناعية المتطورة في المملكة بالدقم، وميناء صلالة، ويكون هناك حراك اقتصادي قابل للتدوير والتفعيل، ما سيزيد من التبادل التجاري بين البلدين لآفاق أوسع وأرحب خلال الأعوام القليلة المقبلة.
ويعمل البلدان على تعزيز العلاقات الاقتصادية بينهما، والتعاون المشترك في مجال التجارة والاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة، بما يخدم توجهات البلدين لتحقيق رؤية المملكة 2030 ورؤية عمان 2040، وما تتضمنه الرؤيتان من مستهدفات ومبادرات للتنوع الاقتصادي.
وبالمناسبة، رؤية المملكة 2030 هي رؤية طموحة، وتهيئ اقتصاد السعودية لفترة ما بعد النفط وتنويعه بما يضمن الاستقرار والحفاظ على معدلات نمو مرتفعة، وهي بمنزلة برنامج تحويلي طموح من شأنه أن يسهم في استدامة عملية التنمية الاقتصادية ليس في السعودية فحسب، بل ستنعكس آثاره الإيجابية في المنطقة ككل، كما أن رؤية المملكة 2030 حددت أهدافا واضحة للغاية لتنويع الاقتصاد، إضافة إلى تعزيز أهمية الحوكمة في شتى المجالات، بما يشمل النفط.
* سيتم تدشين الطريق البري الجديد بين البلدين، كيف يسهم في تعزيز الحركة التجارية بين البلدين، وأين تكمن أهميته؟
لعل تدشين الطريق البري لحركة التجارة بين البلدين سيكون له انعكاسات إيجابية كبيرة على مجمل العلاقات الاقتصادية بين البلدين، ويعد المنفذ الحدودي الجديد الناشئ بين السعودية وسلطنة عمان من أهم المنافذ البرية، حيث إنه المنفذ الوحيد من السعودية إلى سلطنة عمان، وسيؤدي إلى خفض تكلفة شحن الواردات والصادرات وتقليل تكلفة النقل ويسهل التواصل بين الأفراد والمستثمرين، حيث يختصر الطريق الجديد المسافة بين الدولتين بما يقدر بـ800 كيلو متر تقريبا، وهو ما يكون في مصلحة البلدين.
الجزء الأكبر من الطريق يمر عبر السعودية، ويمتد إلى بعض من أصعب التضاريس في العالم، بما في ذلك الربع الخالي، إذ يمر الطريق عبر الربع الخالي، ومحافظة الأحساء، ويبلغ طول الطريق 720 كليو مترا، كما أن الطريق سيشهد تنفيذ عدد من الخدمات اللوجستية والصناعية، التي تخدم الاقتصاد في البلدين.
وسيمكن الطريق الصادرات السعودية من الوصول إلى بقية دول العالم مباشرة عبر بحر العرب، كذلك سيمكن الصادرات العمانية للوصول لبقية دول لعالم عبر بوابة البحر الأحمر.
ولعلي أشير هنا إلى أن محافظة الأحساء ستكون بعد تدشين الطريق منفذا لثلاث دول خليجية هي عمان، قطر، والإمارات، الأمر الذي سينعكس على نمو حركة التجارة البينية بين دول الخليج كافة.
ويتميز طريق الربع الخالي بكونه الطريق الوحيد بين سلطنة عمان والسعودية، ما يجعل له أهمية كبيرة ومميزات كثيرة جدا، حيث يستفيد منه كثير من القطاعات ومن هذه القطاعات، قطاع النقل البري، ما ينشط حركة النقل البري، فتصل البضائع بسرعة ومباشرة إلى كلتا السوقين السعودية والعمانية، وبأمان.
وأيضا قطاع الثروة الحيوانية خاصة قطاع الأسماك، حيث تعد سلطنة عمان من أكثر الدول التي تصدر الأسماك للمملكة، فهي تتصدر دول الخليج لإنتاج الأسماك، وبإنشاء الطريق بين السعودية وعمان، فإنه من الممكن تصدير كميات كبيرة إلى السعودية بشكل يومي، كما أن من القطاعات المستفيدة من الطريق الجديد، قطاع السياحة، إذ يسهل الطريق الجديد عملية الانتقال بين السعودية وعمان، فإن الطريق الجديد الخالي يسهم في سهولة عملية الانتقال، سواء على السياح السعوديين في عمان، أو على العمانيين لأداء مناسك الحج والعمرة في مكة المكرمة وزيارة المسجد النبوي في المدينة المنورة.
* هل ترى أن قطاع الأعمال في البلدين مطالب بوضع رؤية تمكن الطرفين من تحديد مجالات التعاون الاقتصادية المشتركة؟
دون شك، قطاع الأعمال في البلدين لا بد أن يضع رؤية تمكن الطرفين من تحديد مجالات التعاون الاقتصادية والاستثمارية المشتركة وتعزيز التبادل التجاري وزيادة الفرص الاستثمارية والتركيز على الأنشطة غير النفطية واللوجستية والسياحة.
كما يتطلع البلدان أن يسهم تأسيس مجلس التنسيق السعودي- العماني في وضع رؤية مشتركة لتعميق واستدامة العلاقات بينهما، ورفعها إلى مستوى التكامل في المجالات السياسية والأمنية والعسكرية، وكذلك في مجالات الاقتصاد والتنمية البشرية، بما يخدم أهداف البلدين، ويحقق آمال وتطلعات القيادتين والشعبين.
وتعد السعودية من أهم الشركاء التجاريين للسلطنة، حيث جاءت خلال العام الماضي 2020 في المرتبة الثانية في قائمة أهم الدول المستوردة للصادرات العمانية غير النفطية، وفي المرتبة الرابعة من حيث إعادة التصدير، وجاءت في المركز الخامس في قائمة الدول التي تستورد منها السلطنة، كما أن المملكة تعد شريكا استراتيجيا في عدد من المشاريع الاقتصادية في السلطنة منها مدن اقتصادية وصناعية.
وبلغ إجمالي حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 960 مليون ريال عماني خلال العام الماضي، مقارنة بـ 506 ملايين ريال عماني خلال 2010 .
* يملك القطاع الخاص السعودي استثمارات عملاقة في الخارج، ما أبرز القطاعات المستهدفة في عمان لطرحها أمام المستثمرين السعوديين؟
يحظى القطاع الخاص السعودي بسمعة جيدة، وهو قطاع متين وقوي، وهنالك عديد من الفرص الاستثمارية أمام القطاع الخاص السعودي في السلطنة، وأبرز الفرص الاستثمارية المستهدفة لطرحها أمام المستثمرين السعوديين، تشمل في قطاع الصناعة، خاصة صناعة البتروكيماويات والكيماويات المتخصصة التحويلية والأعلاف والصناعات الغذائية، والسياحة والترفيه والفنادق، والقطاع العقاري واللوجستي وقطاع الأمن الغذائي، ولا سيما أن سلطنة عمان تملك ثروة سمكية هائلة، إضافة إلى قطاع التعدين والنقل البحري.
* المؤسسات الدولية تشيد بجهود الحكومة السعودية في إدارة اقتصادها وتنويع مصادره دون الاعتماد على النفط، كيف تقيمون ذلك؟
كما تعلم، فإن أداء الاقتصاد السعودي خلال الجائحة اتسم بالقوة، مقارنة باقتصادات العالم، حيث أثبت قدرته على تجاوز الأزمات الاقتصادية العالمية بفضل الدعم، الذي قدمته الحكومة السعودية للقطاع الخاص لتخفيف آثار الجائحة في الاقتصاد باعتمادها حزما وإجراءات تحفيزية.
وحسب توقعات مؤسسات التصنيف الدولية، فإن الاقتصاد السعودي يتوقع أن يحقق نموا في حدود 2 في المائة خلال العام الجاري 2021، وهذا يعد مؤشرا لقوة الاقتصاد السعودي.
* ما تقييمكم للعلاقات الاقتصادية بين السعودية وسلطنة عمان؟
العلاقات الاقتصادية بين السعودية وعمان تشهد مزيدا من النمو والتطور عاما بعد عام لتشمل جميع المجالات التجارية والاستثمارية، ونحن نتطلع إلى دعم هذه العلاقات الاقتصادية لتشمل مجالات متعددة تخدم الاقتصاد في البلدين، لينعكس ذلك على حياة الشعبين، فهناك عديد من المجالات الاستثمارية والتجارية والسياحية المتاحة في البلدين من الممكن أن تشكل أرضية صلبة لنمو علاقاتنا الاقتصادية مع السعودية.