زيارة تاريخية لجلالة السلطان للمملكة

مقالات رأي و تحليلات الأحد ١١/يوليو/٢٠٢١ ٠٨:٣٦ ص
زيارة تاريخية لجلالة السلطان للمملكة

بقلم : علي المطاعني

تشكل زيارة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه - إلى المملكة العربية السعودية اليوم أهمية كبيرة‏ علي العديد من الأصعدة والمستويات الثنائية والإقلمية والدولية ، تتويجا لتطور العلاقات بين البلدين التي تشهد تطورا متسارعا في العديد من المجالات الإقتصادية ، وتفتح آفاقا أوسع لمستقبل باهر للعلاقات العُمانية السعودية ، وبما يخدم البلدين والشعبين الشقيقين . من حسن الطالع أن زيارة جلالة السلطان المعظم إلى المملكة العربية السعودية ‏كأول زيارة رسمية خارجية لجلالته منذ تولية مقاليد الحكم في البلاد مما يعكس العديد من الدلالات والمضامين المؤكدة على مكانة المملكة قيادة وشعبا وما تحظى به العلاقات بين البلدين من إهتمام السلطنة بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه- وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ملك المملكة العربية السعودية. وترتكز السلطنة والمملكة العربية السعودية على إرث تاريخي من العلاقات الأخوية بين البلدين كأقدم الكيانات في المنطقة وتمتعا بمقومات حضارية وجيوسياسية وإقتصادية ، فمن الطبيعي إستحضار هذا الإرث لتأطير العلاقات بين البلدين وبما يحقق تطلعات شعبي البلدين وطموحاتهما المستقبلية للمزيد من التطوير لهذه العلاقات وتوظيفها في كل المجالات والأنشطة الإقتصادية . وشهد البلدين خلال الفترة الماضية تبادل زيارات بين المسؤولين في كليهما لمناقشة العلاقات الإقتصادية ومجالات التعاون التي سوف تتوج بالإتفاق الإستراتيجي بين مسقط والرياض، الهادف لإيجاد شراكة إقتصادية حقيقية وتكامل بين البلدين الشقيقين . هذه العوامل المشتركة يتعين الآن تفعيلها وتوظيفها لما فيه خير الشعبين الشقيقين وفي كافة المجالات الإقتصادية وتفعيل التبادل التجاري بينهما وتبادل الخبرات في كافة مناحي الأنشطة الحياتية، والتي سيكتمل زخمها بإفتتاح الطريق البري بين البلدين في الفترة المقبلة والذي إكتملت كل مراحلة تقريبا . وستشهد زيارة جلالته للرياض توقيع العديد من الإتفاقيات في كافة مجالات التعاون المتاحة والممكنة وصولا لعلاقات ثنائية متميزة تغدو نموذجا لدول المجلس في سعيها النبيل للوصول للتكامل الخليجي المرتجى. ويعد اللقاء بين الزعمين الكبيرين في المنطقة بادرة طيبة لإرساء أسس وقواعد متينة للعلاقات الخليجية في المرحلة المقبلة تقوم على تعزيز التكامل بين الدول الخليجية الشقيقة ووضع مبادئ وأسس لفض النزاعات الداخلية بين دول مجلس التعاون الخليجي، وإحتواء الإشكاليات القائمة على أسس أكثر واقعية تتماشى مع متطلبات المرحلة المقبلة. كما سيسهم اللقاء في تذليل العقبات التي تعترض مسار العلاقات الخليجية الخليجية التي يخيم عليها الجمود بين بين فترة وأخرى مما ينعكس أثره سلبا على مجمل الأوضاع الحياتية والإقتصادية والإستثمارية بين الدول الأعضاء بالمجلس. ومن الطبيعي أن يتناول اللقاء الجهود المبذولة لإنهاء النزاع والحرب في اليمن وحتمية الإصغاء إلى صوت العقل القادم من السلطنة لإيجاد حلا دائما في اليمن ، وفي ذات الوقت سد الطرق على البعض الذين مابرحوا يحاولون خلط الأوراق والصيد في المياه العكرة ، وإيجاد مناطق صراع جديدة في المنطقة الجميع في غنى عنها ، وفي هذا الصدد يمكن الإستفادة من علاقات السلطنة مع الأطراف اليمنية في إيجاد تسوية شاملة تعيد اليمن سعيدا كما كان ، خاصة بعد أن اقتنعت الدول كلها بأن السلام الذي تنادي به السلطنة هو الحل الأمثل للصراع ، وأن الحوار هو المنطق الواقعي للتعاطي مع الأزمة اليمنية التي لم تخلف على الأرض غير الدمار وغير المزيد من قبور الضحايا. ولا نغفل حقيقة أن اللقاء بين الزعيمين الكبيرين سوف يتناول إحلال السلام في المنطقة بين إيران ودول المجلس وإزالة الضبابية التي تعتري الأجواء بين الجانبين الخليجي والإيراني وما تبذله السلطنة من جهود لتقريب المواقف بهدف ارخاء سدول السلام بين الجيران وبسط الإحترام المتبادل للأيدلوجيات وطمأنة الأشقاء في المملكة في هذا الشأن ، وأيضا تأكيد حقيقة أن ما يجمع بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة أكثر مما يفرق بينهما وأن كلا الدولتين يتطلعان لتسخير الطاقات وتوجيهها للتنمية وتعزيز الإقتصاد بما يحقق الرفاهية لشعوبهما ، وأن الاستقرار هو السبيل الأوحد المفضي للتنمية المستدامة وصولا لرفاهية شعوب المنطقة بأسرها . بالطبع ندرك أن هناك تحديات كبيرة سواء إقتصادية أو صحية أو جيوسياسية تواجه دول المنطقة ودول العالم قاطبة ، والسلطنة والمملكة جزءا لا يتجزأ من هذه المنظومة بطبيعة الحال، إلا أن إرادة قيادة البلدين وعزمهما على تجاوز هذه التحديات والإستفادة منها كفرص شراكة وتكامل في العديد من المجالات بما يسهم في تعزيز التنمية والعلاقات الإقتصادية والإستثمارية بين البلدين وإستقرار المنطقة الهادفة إلى إتاحة فرص النمو والإزدهار. نامل أن تكلل هذه الزيارة التاريخية بنتائج طيبة ومستدامة من أجل مصلحة البلدين والشعبين الشقيقين ، وأن يتم ترجمة كل ماسيتم توقيعه إلى برامج عمل واستثمارات مشتركة وتذليل الصعوبات التي تعترض سبيل هذه العلاقات ، وإذ هما سيعملان معا وسويا وفق تلك الرؤى للوصول للتكامل الاقتصادي الهادف إلى بناء منظومة إقتصادية فاعلة‏ تغدو سياجا خليجيا متينا لدول المجلس وشعوبه ، وتعمد لربط المصالح أكثر وملامسة متطلبات وتطلعات أبناء دول المجلس في غد أرغد وأسعد لشعوب المنطقة قاطبة.