نظام المرور في الحقبتين!

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٣٠/يونيو/٢٠٢١ ١٤:٥٩ م
نظام المرور في الحقبتين!

بقلم : حمد بن سالم العلوي 

لستُ ممن يتباكون على الأطلال، ولكن نظام المرور العُماني كانت سِنِيه الذهبية خلال حقبتي السبعين والثمانين من القرن الماضي، ثم بعد ذلك طغى عليه طوفان الهجرات القادمة من الخارج، وكذلك تزايد هجرات العُمانيين إلى الخارج، فالعدد الأكبر منهم كان ذاهباً للدراسة، والعدد الأقل ذهبٌ للسياحة والإستطلاع، وقبل هذا كله فقد بدأت قيم "الجامعة العُمانية الكبرى" في الإندثار، والتي كانت تُعلم النشء فنون التعامل والعلاقات بين الناس، ألا وهي "السبلة العُمانية" ثم إن انقراض جيل السبلة رويداً رويداً، خلق فجوة كبيرة بين العَارف والمُعَرَّف، فبدأ يحل محلهم أفلام الكرتون الموجه، وغزو فضائيات العالم لكل مكان، بما تحمله هذه الفضائيات من خير وشر معاً، ونحن في عُمان لم نحصِّنا الأجيال اللاحقة بالتحصين الجيد، الذي يمنع من الإنجراف وراء التقليد بكل علله المدمرة للهوية العُمانية.

ففي زمن الحقبتين، نزل العُماني إلى الشارع مُحمَّل بقيم السبلة العُمانية، المفعمة بالعلوم الإنسانية، فأخذ معه قيم المفاضلة والإحترام والتقدير بين الجميع، وذلك بإثار الغير على الذات، فوقتذاك كانت الغالبية ممن يحملون نفس القيم هم من يَجُوبون شوارع العاصمة "مسقط" من العُمانيين، فكان كل واحد يرد التحية بأحسن منها أو مثلها، وكان الحياء يغمر الوجوه، والأعراف والتقاليد تحكم الطريق، فإن أردت أن تعبر الطريق، فأنك تجد ألف واحد يعمل بسجية التسامح، وإعطاء هذا الحق للآخرين، ونفس الاستعداد تجده لدى الناس في المقابل، وكذلك أن أردت أن تدخل الطريق، أو ترجع إلى الخلف فأنك تشعر بالتقدير والإطمئنان والإحترام.

أما اليوم ستجد واحد من كل ألف، لديه الإستطاعة للتوقف، ولإعطائك الفرصة لعبور الطريق في الموضع المخصص لعبور المشاة، أو أن يسمح لك بالدخول إلى الطريق دون مشقة الإنتظار، وقد تحتاج إلى الكثير من الوقت حتى تستطيع الرجوع إلى الخلف، ولكن الشيء المؤكد أنه لن يكون من بين هؤلاء المتسامحين، وافد من الوافدين، وقد يكون هذا الذي تسامح معك من بقايا الرعيل الأول، أو ممن تعلم منهم تلك الخلق الحميدة، وما زاد الطين بلة إن المعنيين بالأمر، لم يعد يعنيهم هذا الأمر كثيراً، وربما انشغلوا بجباية المال تحت مسميات جديدة، فهذا الذي جعلنا نذرف الدمع على أطلال الماضي القريب، ونشكو بثنا وحزننا إلى الله، أن ينجينا من شر الطريق. إذن؛ تخلف نظام المرور عندنا، وتقدم عند أولئك الذين كانوا يتمنون معرفة سر الإنضباط المروري معنا في بداية النهضة العمانية.. هذا وبالله التوفيق والسداد.

- أعلم أخي السائق:

{إن السياقة: "فن، وذوق، وأخلاق" وأنت تعلم أن المركبة لا عقل لها ولا إرادة، بل عقلها بيد سائقها، وعليك أخي السائق؛ أن تتجنب أخطاء الآخرين، فاخذ حاجتك من الطريق، وأتركه آمناً لغيرك كونه ملك الجميع}.

 (*) - خبير جدول معتمد في تخطيط حوادث المرور - مؤسس مركز طريق الأمانة لخدمة السلامة المرورية.