البحّار

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٢٩/يونيو/٢٠٢١ ٠٨:٢٣ ص
البحّار

بقلم : محمد الرواس

«السلطنة عضو في المنظمة البحرية الدولية ، التي أسست في سنة 1948، تحت إسم المنظمة البحرية الدولية الاستشارية، ويقع مقرها في لندن، ويبلغ عدد أعضائها 171 دولة، وتختص بتنظيم وإصدار الاتفاقيات لكل مايتعلق بالشؤون البحرية مثل مكافحة التلوث البحري وسلامة السفن والعاملين عليها والامن البحري وغيرها من الاختصاصات في ذات المجال منذ العام 1974م وعضويتها جاءت تقديرا للدور الفعال للبحارة في خدمة الاقتصاد العالمي والأخطار الجسيمة التي يتعرضون لها، كذلك جاء انظمامها بهدف إحياء التاريخ العُماني البحري وإعادة دوره الريادي في إستقرار المنطقة وازدهارها تجاريا «.

يصادف يوم الخامس والعشرون من شهر يونيو من كل عام الاحتفال بيوم البحّار العالمي ولقد احتفلت السلطنة تزامناً مع هذه المناسبة كعادتها كل عام ، وتاتي احتفالية السلطنة بهذه المناسبة ايماناً منها بالدور الحيوي والهام الذي يبذله البحّار على سطح المركب من مهام وجهود تدعم حركة الملاحة العالمية وتنشيط اقتصاد النقل البحري ، والبحّار العُماني يعتبر من البحّارة المجيدين قديماً وحديثاً من خلال دورهم الفعال ، ومن خلال ريادتهم شؤون البحار مع اقرانهم من البحّارة حول العالم ، فجميعنا يعلم مدى أهمية النقل البحري الذي تتحرك من خلاله ما يقارب من 70 بالمئة من حجم التجارة العالمية ووقود ذلك بلا شك هم البحّار والسفينة، ولقد كان ولا يزال النقل البحري هو العمود الفقري للتجارة والاقتصاد الدوليين لما له من دورحيوي في انعاش الاسواق العالمية شرقاً وغرباً بالبضائع ، هذا بالإضافة الي كونه نقل يُعد الأكثر امانا والاقل اضرارا بالبيئة ، ويقود دفة هذه الحركة البحرية حول العالم ما يقارب المليون بحّار يتوزعون على مختلف المرافي والموانىء بالعالم . إنما ينفع الأمم ويضطلع بمهام زيادة معرفتها وثقافتها اولئك الرجال الذين انزلهم التاريخ بمنزلة المعلمون من خلال ما سعوا اليه من جهود اوردتهم سدة المجد ومنهم الربان العُماني الشهير شهاب الدين أحمد بن ماجد بن محمد بن عمرو من خلال ما كتبه ودونه في علوم البحار، فكان الشيخ المعلم رحمه الله قد بدء حياته بحّار منذ ان كان في السابعة عشر من عمره تقريباً في مركب كان يقوده أباه الربان الماهر فلم يحابيه ، أو يجامله ، أو يعامله بخصوصية بين البحّارة الذين معه على ظهر السفينة قاصداً من ذلك ان يسري في عروقه حب العمل مثل اجداده الربابنة الشجعان ، فلا يظن البعض ان النجاح يبداء من غير القاع فلابد وان يقبلون على المشاق منذ نعومة اظافرهم سواء بالتعليم ،أو بالكد في الحياة ، فيشتغلون بمهام قد تنوء بها ظهورهم الطرية فيكتسبوا من خلال ذلك الصلابة والجدّ والجسارة والاجتهاد، وكذلك هم الرجال الأفذاذ لا يكون لهم شان شان عظيم الا من خلال اجتيازهم لمصاعب الحياة المختلفة . ولقد قرأت كثيراً عن أحمد بن ماجد عندما كنت اجهز لبحث عن سيرته خلال أيام كنت قد قضيتها عام 2018م في مكتبة الهيئة العامة للوثائق والمحفوظات بمسقط ، ومما لاحظته أن أباه رحمه الله لم يكن ليلحقه بالعمل معه على ظهر السفينة الا بعد ان علمه على يد مشايخ كرام حفظ القران ، والعلوم الاخرى ، وجعل ذلك ميزة له بين البحّارة اقرانه الشباب ، بعد تلقيه العلم وافق أباه ان يلحقه بالسفينة وان يُشرف بنفسه على تعليمه شؤون الخدمة بالسفينة « ولان أسرة أحمد بن ماجد كانوا أهل بحر وملاحة فقد ارتاد الفتى أحمد مع والده البحر في سن مبكرة وكانت أولى سفراته الى الهند وكانت قد توفرت حينها لديه القدره الجسدية الكافية كي يقوم بالسفر مع والده وكذلك القيام ببعض الأعمال على ظهر السفينة ، وما كان ليسمح له والده بارتياد البحر لو لم يكن واثق من قوه ادارك الفتى أحمد وتميزه بفهم أحوال البحر ورغبته في تعلم شؤون الفلك والملاحة وان لديه المام بهما» (من كتاب المعلم أحمد بن ماجد). ختاماً ان التذكير بهذه المناسبة كل عام إنما هي فرصة لابراز الدور الذي تلعبه البحار، والبحّارة ، والمحيطات والانهار الكبرى في تنشيط الحركة الاقتصادية العالمية وارتباطها بحركة الموانىء ومشروع الإدارة المستدامة للبحار وتطوير الملاحة البحرية في المناطق البحرية ذات المواقع البحرية الهامة على ضفاف البحار والمحيطات ، بجانب التاكيد على أن «الاقتصاد الأزرق» اضحى اليوم من أهم موارد التنمية المستدامه للبلدان التي تطل على المحيطات والبحار ، فهو يهدف للاستثمار في الموارد المائية في شتى المجالات التجارية.