دبلوماسية النفط

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٥/أبريل/٢٠١٦ ٠٩:٥٠ ص
دبلوماسية النفط

محمود بن سعيد العوفي
alaufi-992@hotmail.com

فشل كبار منتجي النفط، بعد جولة مباحثات ماراثونية، يوم الأحد الفائت، في التوصل إلى اتفاق حول تجميد الإنتاج، وخاصة بعدما أعلنت وكالة الطاقة الدولية أن التوافق على التثبيت لن يقود إلى ارتفاع مستوى أسعار النفط الخام، وإلا أن المختصون يرون أن إخفاق المنتجين في إبرام اتفاق، يؤذن بتجدد المعركة على حصة في السوق بين كبار المنتجين، ما قد يعوق التعافي الأخير في أسعار النفط.
وأشارت التوقعات النفطية ان إيران لن توافق على تجميد إنتاجها وهي لتوها خرجت من عقوبات الأمم المتحدة والغرب، حيث أدى ذلك إلى هبوط صادراتها ما يقرب من 1.5 مليون برميل يوميا، وعلى ذلك لا نعتقد إنها ستوافق قبل وصول إنتاجها إلى ما كان عليه قبل فرض العقوبات.
وبالتالي لا يعني تجميد الإنتاج خفض المعروض حتى لو وافقت عليه جميع الدول المنتجة، فهناك زيادة في المعروض قد تصل إلى 1.75 مليون برميل يوميا خلال النصف الأول من هذا العام بحسب وكالة الطاقة الدولية، إضافة إلى الزيادات الكبيرة التي كانت موجودة في العامي 2014 و2015 بحيث أصبح المخزون التجاري للدول الصناعية من النفط حوالي 2971 مليون برميل في نوفمبر الفائت، وربما أكثر من ذلك بكثير في الوقت الحاضر.
إن المخزونات الحالية واحتمال زيادتها ستعمل دائما كابحا لأي ارتفاع كبير في الأسعار، ويكفي أن تتوقف الدول عن بناء المخزون لينخفض الطلب على النفط أو أن تتعمد الدول السحب من المخزونات بدل شراء نفط جديد، خاصة أن طاقة المخزونات قد شارفت على الامتلاء، ولو أن مشاريع قيد التنفيذ قد توفر طاقات تخزين جديدة، لذا فإن المخزونات الحالية واحتمال زيادتها ستعمل دائما كابحا لأي ارتفاع كبير في الأسعار، حيث توقع بنك الاستثمار الفرنسي ناتكسيس استمرار تخمة المعروض من الخام ومخزونات المنتجات النفطية حتى في 2017 ما لم تغير منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" سياستها وما لم تتوصل إلى اتفاق مع الدول غير الأعضاء على خفض الإنتاج.
لكن في ظل التحديات الواسعة والمتغيرات المتلاحقة التي تواجه منظومة الطاقة حول العالم، بات من الضرورة الملحة ومطلبا جوهريا لكل أطراف الصناعة أن تتعاون في هذا الجانب للمساهمة في رفع أسعار النفط وتقليل المعروض، إلا أن أسعار النفط صعدت في ثالث أسبوع على التوالي من المكاسب مع تحسن معنويات السوق وسط علامات على أن تخمة الامدادات العالمية ربما أنها تنحسر، وقال متعاملون إن إستهلاكا قويا للبنزين في الولايات المتحدة ودلائل متزايدة على تراجع الانتاج حول العالم وإغلاق حقول نفطية كلها عوامل تدعم عودة إلى الاستثمار في القطاع، وبلغت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت 45.11 دولار للبرميل.
ويستمر مسلسل اسعار النفط، يوم بعد آخر، لتبقى الدول المنتجة للنفط بانتظار الحلول المجهولة، وستبقى سوق النفط أسيرة للتصريحات الإيجابية أو السلبية بشأن الاتفاق واحتمالات تطوره بدخول دول جديدة لإسناده، وقد نشهد تذبذبات قوية في الأسعار صعودا أو هبوطا بموجب تفسير السوق لتلك التصريحات.