حــرب صينيـة مستعرة على الفساد

الحدث الاثنين ٢٥/أبريل/٢٠١٦ ٠٩:٥٥ ص

بكين –
أطلقت الصين مؤخرا حملتها الجديدة لمكافحة الفساد لهذا العام «سكاي نت 2016» التي تستهدف الإمساك بالمسؤولين الفاسدين الهاربين خارج البلاد واسترجاع ثرواتهم الملوثة التي سرقوها من الأموال العامة. وأعلنت أعلى هيئة صينية لمكافحة الفساد - اللجنة المركزية لفحص الانضباط التابعة للحزب الشيوعي الصيني الحاكم، في بيان رسمي نشر على موقعها الالكتروني انها ستقوم بالتنسيق في تنفيذ حملة «سكاي نت» الجديدة مع وزارة الأمن العام الصينية والنيابة العامة علاوة على بنك الشعب الصيني (البنك المركزي) والقطاع التنظيمي للجنة الحزب المركزية إضافة إلى وزارة الخارجية.

وقالت إنه فضلا عن هذا فإن وزارة الأمن العام ستواصل قيادتها لحملة «فوكس هانت» التي تستهدف التعقب والإيقاع بالفاسدين في أي موقع بالدولة بينما تتولى النيابة مسؤولية جلبهم بين يدي العدالة لتلقيهم العقاب الذي يتناسب وجرائمهم. ونوهت الهيئة بجهود الوزارة وبما حققته حملة «فوكس هانت 2015» التي ووفقا لبيانات رسمية، نجحت خلال الفترة من أبريل إلى ديسمبر في العام الفائت في الإيقاع بـ857 من المسؤولين الفاسدين الهاربين بالخارج والذين تم الإمساك بهم في حوالي 66 دولة ومنطقة مختلفة حول العالم. وأشار البيان إلى أن البنك المركزي سيقوم بالتعاون مع الوزارة لمكافحة عمليات غسل الأموال التي تتم عبر شركات تعمل خارج البلاد وبنوك مشبوهة. ووفقا لتصريح ادلى به هوانج شو شيان، نائب رئيس لجنة فحص الانضباط، حول انطلاق حملة «سكاي نت 2016»، ونشر بصحيفة «تشاينا دايلي» الصينية، فإن تعقب الهاربين من الفاسدين واستعادة الأصول المسروقة هي مهمة صعبة تستدعي من الدولة اتخاذ إجراءات أكثر حزما وتحركا شاملا متعدد الاتجاهات. جدير بالذكر أن سلطات مكافحة الفساد في الصين كانت أعلنت في 6 ديسمبر الفائت أن نحو 300 ألف مسؤول تمت معاقبتهم في أنحاء البلاد خلال العام 2015 بسبب تهم تتعلق بالفساد، متعهدة بالاستمرار في الحملة الوطنية للتطهير والقضاء على الفساد التي يقودها الرئيس الصيني شي جين بينج منذ توليه لمقاليد الحكم قبل نحو الأربعة أعوام والتي تعهد اكثر من مرة أنها لن يكون فيها اي هوادة وأنها ستتضمن جميع القطاعات في الدولة وستطارد جميع الفاسدين من «النمور» الذين يعنى بهم المسؤولون الكبار و»الذباب» أي صغار الموظفين. وقد تعهدت السلطات القضائية والنيابية الصينية في وثيقة رسمية أعلنت يوم الاثنين الفائت بأنه سيتم تطبيق عقوبة الإعدام على المتهمين بالفساد الذين يثبت انهم قاموا باختلاس المال العام أو تلقوا رشاوى بمبلغ 3 ملايين يوان (463 ألف دولار أمريكى) أو أكثر وذلك إذا ثبت كذلك أن ما قاموا به من جرم نتجت عنه أضرار خطيرة للمجتمع.

أموال مهربة

في أكتوبر الفائت كشف بنك الشعب الصيني (البنك المركزي) عن أنه تم حتى الآن تناول 92 قضية كبرى تتعلق بأموال مختلسة تصل قيمتها إلى 800 بليون يوان (126 بليون دولار) قام عدد من المسؤولين الفاسدين بتحويلها إلى الخارج بطريقة غير شرعية عن طريق بعض البنوك والشركات العاملة في بعض الدول الأجنبية.

وقال البنك في بيان رسمي: «إنه تم تتبع مسارات هذه الأموال المختلسة والكشف عن القنوات المالية والأساليب غير الشرعية المستخدمة في تهريبها خارج البلاد». وطبقا للبنك فإنه ومنذ شهر أبريل الفائت، تقوم خمس وزارات بالعمل معا لتعقب الأصول غير المشروعة التي تم تهريبها للخارج، وذلك في إطار الحملة الصينية الموسعة لمطاردة المسؤولين الفاسدين والتي أطلق عليها عملية «سكاي نت». وأشار البيان الى أن خمسا من الهيئات الحكومية وهي البنك المركزي ووزارة الأمن العام ومحكمة الشعب العليا والنيابة الشعبية العليا وإدارة الدولة للنقد الأجنبي، تقوم بالتنسيق معا بشكل وثيق لمواصلة التحقيقات لخدمة العدالة

قائمة سوداء

يذكر أن الصين أصدرت قائمة تضم مائة مسؤول مطلوب للعدالة، للاشتباه في ارتكابهم جرائم فساد، يعتقد أنهم فروا خارج البلاد.

ونشرت صور المشتبه بهم على صفحتين من صحيفة «تشاينا ديلي» الرسمية إلى جانب أسمائهم وأعمارهم واللغة التي يتكلم بها كل منهم، والجرائم التي ارتكبوها. وبدت جرائم الرشوة والاختلاس والاحتيال، الاتهامات الأكثر شيوعا.
وتقول وكالة مراقبة الفساد في الحزب الشيوعي الحاكم إن الشرطة الدولية «الإنتربول» أصدرت إشعارات اعتقال بحق المتهمين المائة جميعا. وقالت إن الغالبية العظمى منهم يعتقد أنهم فروا إلى كندا والولايات المتحدة الأمريكية. وشنت الحكومة الصينية اثنين من العمليات العابرة للحدود الوطنية اللتان تحملان الاسم الرمزي «فوكس هنت» و»سكاي نت» سعيا لإعادة المشتبه بهم من الخارج كجزء من الحرب الشاملة التي يشنها الرئيس الصيني شي جين بينغ على الفساد.

إصرار على المواجهة

مقارنة بحملة «صيد الثعالب 2014» تعتبر حملة «سكاي نت» حركة أكثر تنسيقا، ويشارك فيها بالإضافة إلى وزارة الأمن العام إدارة التنظيم باللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ونيابة الشعب العليا وبنك الشعب الصينى، البنك المركزي. واسم الحملة «سكاي نت» مستوحى من مثل صيني شهير يقول إن المذنب لا يمكنه أبدا أن يهرب من عدالة السماء.

وقال الرئيس الصيني شي جين بينج في شهر يناير الفائت، إن الصين ستضع «شبكة في السماء وعلى الأرض، لتتأكد من أن المسؤولين الفاسدين لا يستطيعون الاختباء في أي ملاذ آمن».
ولقي تطبيق حملة «سكاي نت» استعدادا أكبر من أي وقت مضى للتعاون من جانب دول أخرى.
واختار العديد من المسؤولين الفاسدين الهروب إلى دول أخرى، لأنهم يظنون أنهم يستطيعون الاختباء وراء الاتفاقيات المعقدة حول تسليم المجرمين والسلطات القضائية. ولم توقع أكبر ثلاث دول يتجه إليها المسؤولون الصينيون الفاسدون وهي الولايات المتحدة وكندا وأستراليا، اتفاقيات تسليم المجرمين مع الصين، مما جعل مهمة ملاحقة الهاربين والقبض عليهم أكثر صعوبة.
ويمكن التعامل مع معظم قضايا الفساد في الدول السابق ذكرها مثل غسيل الأموال والهجرة غير شرعية وهكذا.
غير أن المجتمع الدولي بدأ إدراك إن الفساد جريمة تحتاج لتعاون دولي أوثق وأسرع. وعلى الرغم من عدم وجود اتفاقية تسليم مجرمين بين بكين وواشنطن، فإن هناك إشارات إيجابية على أن الولايات المتحدة ستساعد في هذا الشأن. وقالت وزارة الخارجية الأمريكية الشهر الفائت إن الصين وافقت على تقديم «المزيد من الأدلة فيما يتعلق بقضايا الهاربين ذات الأولوية، لكي نستطيع التركيز بشكل اكبر على مكانهم ومقاضاتهم أو طرد هؤلاء الهاربين». وعبرت دول أخرى من بينها بريطانيا وفرنسا عن استعدادها للتعاون مع الصين في ملاحقة المسؤولين الهاربين.
ان إصرار الحزب الشيوعي الصيني غير المسبوق مقترنا بتعاون دولي أقوى لمحاربة الفساد، يجب أن يدفع هؤلاء المسؤولين الفاسدين للتخلي عن أي أمل بأنه مازال هناك مأوى آمن لهم، حيث إنه سيتم تطبيق العقوبات التي تنص عليها القوانين الصينية عليهم أينما كانوا.