منظمة العمل الدولية.. والعجز أمام كورونا

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٢٠/يونيو/٢٠٢١ ١٦:٤١ م
منظمة العمل الدولية.. والعجز أمام كورونا

محمد محمود عثمان

عجزت منظمة العمل الدولية أمام قوة كورونا وتأثيراتها بعد زيادة عدد العاطلين والمسرحين التي تفاقمت بعد تعثرشركات القطاع الخاص وتوقفها أو إفلاسها ـ مع الانكماش الاقتصادي الذي تجاوز10% على مرأى ومسمع من الحكومات التي لم تحرك ساكنا في مواجهة الأيد العاملة المسرحة ، وضياع حقوق العمال الذين فقدوا وظائفهم ،على الرغم من انعقاد مؤتمرات منظمة العمل الدولية المتكررة ، التي نسمع ضجيجها ولم نرى طحينها ، أوحتى تفعيل التوصيات المتتالية لهذه المؤتمرات، أو متابعة الدول الأعضاء للتأكد من حسن تطبيق القوانين،وتطوير التشريعات العمالية والنهوض بشروط وظروف العمل خاصة في الدول العربية لمواجهة المتغيرات التي طرأت على ديناميكية أسواق العمل، ووضع تصور مستقبلي حول كيفية مواجهة التحديات التي تواجه هذه الأسواق، ولاسيما مشكلة البطالة المتفاقمة، التي تشكل هاجسا عالميا في ظل شبه عدم قدرة الحكومات - منذ عدة سنوات - على خلق فرص عمل جديدة تستوعب جحافل الخريجين التي تدخل سوق العمل سنويا، في ظل تشبع القطاع الخاص بالأيدي العاملة غير الماهرة التي تفرض عليه أحيانا وفق سياسات توطين الوظائف المتبعة في كل دولة، ومعظمها إن لم يكن جميعا تعالج جانبا واحدا وهو الإحلال والتوظيف لمجرد التوظيف الكمي على حساب منظومة العمل التي تتطلب الكثير من عناصر الإنتاح وأهمها الأيد العاملة المدربة المنتجة والرخيصة، التي تساعد في دوران عجلة الإنتاج والتنمية الاقتصادية ومن ثم إيجاد فرص عمل جديدة، كما تُخفض في تكاليف التشغيل التي تؤثر على ارتفاع وانخفاض الأسعار ،

في ظل تغافل منظمة العمل الدولية عن رغبة بعض الدول في الالتفات عن التوصيات والاتفاقيات العمالية العربية والعالمية التي تُحجم معظم الدول العربية عن التصديق عليها، على الرغم من إنها تتعلق بمصالح وحقوق أساسية للعمال في الوطن العربي، سواء من الأيدي العاملة الوطنية أم الوافدة، التي تتزايد مشاكلها عاما بعد آخر، خاصة أن معظم الدول العربية تتنصل من هذه الاتفاقيات أو تتهرب منها، ولم تجعلها حتى الآن جزءاً من قوانينها المحلية،لذلك عجزت أو فشلت المنطمة الدولية في الحفاظ على حقوق العمال التي أُهدرت بالمخالفة لكل قوانين العمل المحلية والدولية خاصة في ظل تداعيات كورونا ، مع عدم مواجهة هذا الأمربجدية للحفاظ على حقوق العمال ومستقبلهم بعد اضطراب أسواق العمل واكتفت بالتقارير التي ترصد الموقف الراهن وقالت إنه من المتوقع أن يظل 220 مليون شخص على الأقل عاطلين عن العمل على مستوى العالم خلال العام الحالي، وهو ما يزيد كثيرا عن مستويات ما قبل الجائحة، وكذلك مع خفض ساعات العمل التي فرضت على عدد كبير من الموظفين والعمال ،وكما تشير تقاريرالمنظمة فإن آفاق التوظيف والآفاق الاجتماعية في العالم في 2021 غير مرضية ، وأن نمو التوظيف سيكون غير كاف لتعويض الخسائرالتي حدثت حتى عام 2023 على الأقل، بما سيكون له تأثيرات حقيقية على أسواق العمل ، وانعكاسات سلبية على الاقتصاد بشكل عام ، تؤدي في حال استمرارها إلى حدوث أزمة عالمية وشيكة في السنوات المقبلة خاصة أن المنظمة قدرت أن خسائر ساعات العمل في عام 2020 مقارنة بعام 2019 تعادل ما يصل إلى 144 مليون وظيفة بدوام كامل في 2020 وعجز يظل عند 127 مليون وظيفة في الربع الثاني من العام ذاته ، ولا شك أن هذه المعدلات تتزايد في عام 2021 بصورة مطردة ، تزيد معها وبنسب أكبر مشكلات القطاع الخاص التي تتعلق بحجم المديونيات ونقص السيولة وندرة الاستثمارات الجديدة أو عدمها ، وليس لديه القدرة على تحمل هذه المخاطر لفترات أطول ، حتى أن بعض الشركات أفلست أو تعثرت أو توقفت والأخري حولت أنشطتها إلى وجهات مختلف هروبا من الواقع المؤلم والمستقبل المظلم ، لأن القطاع الخاص سوف يفقد تماما دوره الفاعل والأساسي في عمليات التنمية والإصلاح والتعافي من الجائحة ، التي يصاحبها التراجع في أسعار النفط ، واختلال حركة التجارة الدولية وحتى البينية بعدإغلاق الحدود و تنفيذ خطط الإغلاق الكامل للأنشطة التجارية والصناعية والسياحية التي تلجأ إليها الحكومات تفاديا لزيادة الوفيات والإصابات بكورونا ،الذي هزم وبـأعلى صوت له كل الدول ذات المنظومات الصحية القاصرة والتي لم تنجح في تطبيق الإجراءات الاحترازية بشكل دقيق ، ولم تفد فيها عمليات التحفيز الاقتصادي لضمان استمرارية الأنشطة الاقتصادية والخدمية لتؤدي دورها في زيادة الإنتاج والإنتاجية ، وتوفير قيمة مضافة حقيقية لإجمالي الدخل القومي.