أوقد شمعة بدلاً من اللعن في الظلام !

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٠٧/يونيو/٢٠٢١ ٠٨:٤٢ ص
أوقد شمعة بدلاً من اللعن في الظلام !

بقلم : علي المطاعني 

في الوقت الذي تتاح فيه حرية التعبير والنقد على مصرعيها في السلطنة وفي كافة وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي، إلا أن ذلك لا يجب إستغلاله لإظهار السوداوية الحالكة في المجتمع وتعمد شحن الرأي العام بشكل غير لائق ويتنافى مع كل القيم والأعراف والأخلاقيات الحميدة التي تربينا عليها في إبداء الرأي وحسن الإستماع للراي الآخر، فمساحات الحرية المتاحة ولله الحمد يجب أن تستغل بشكل مغاير لماهو عليه الآن، فعند إلقاء نظرة موضوعية لهذا الذي يحدث يتبادر للذهن بان ليس هناك ما هو إيجابي أو مشرق في هذا الوطن يفرض علينا رفع الأكف لله رب العالمين بالحمد والثناء على ما أنعم به علينا، وحتى نحظى بوعده سبحانه في سورة ابراهيم (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ).. صدق الله العظيم.

وقوله تعالي في سورة الضحى (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّث).. صدق الله العظيم..

إلى غيرها من الآيات الكريمة التي تحثنا وتحضنا على شكر النعم، والأحاديث النبوية الشريقة التي توصينا بالشكر على ما نحن عليه وإذ نحن أفضل من الكثير من الأمم الشعوب التي تعيش تحت ظل ظروف أقل مايقال عنها أنها قاسية ولا تحتمل، غير انها مابرحت تناضل في دروب الحياة وشعابها وبدون أن يصل بها الحال إلى ما وصلنا إليه من إساءة لبلادنا بالشكل الذي نحن عليه الآن، الامر الذي يتطلب أن نعيد بارقة الأمل في نفوسنا ونبعث جذوة التفاؤل في المستقبل من مرقدها باضاءة شمعة في نهاية نفق حسن الظن، وأن ننأى بانفسنا عن إطلاق اللعنات في الليالي الداجية وأن لا نركز بؤرة العينين الى نصف الكأس الفارغ فقط ليغدو ذلك بمثابة نهج حياة وطريق للفلاح خاسر.

فما نشهده اليوم من تنمر وانتقادات وطول لسان

ازاء كل خطوة نخطوها، في إطار ظاهرة محبطة ولا تبعث على الأمل في نفوس الناشئة من الأجيال الجديدة وتقيم حائط صد ولا اعلى يمنعهم من ارسال البصر بنحو مشروع ليستشرف آفاق المستقبل وبذلك يرتد البصر خاسئا وهو حسير، عندها يموت الطموح وتنسحق الآمال العراض في حاضر وغد ارغد واسعد وهنا يكمن الخطر كله، اذ بعدها يستتب الأمر لجيوش الإحباط الجرارة لتقول كلمتها والرؤوس صاغرة والاجساد خائرة ذلك هو الخسران المبين.

هنا يمكننا القول أن تدميرا ممنهجا للذات قد تم بإسم الحرية التي تم توظيفها لغير الهدف الذي أتيحت لأجله وهو النقد البناء والهادف، بعيدا عن التهكم والسخرية واعلاء شأن الأنا لمعتلة.

البعض ممن امتطوا صهوة الموجة الجديدة لا يجدون حرجا في تصوير الأمور بالسوء المقيت والمنطلق اساسا مما يعتمل في صدورهم من غل مجهول المصدر أو ربما هم الغل نفسه. ويصدق فيهم الامام الشافعي:

وعين الرضا عن كل عيب كليلة لكن عين السخط تبدي المساويا.

نعلم بأن هناك قصورا في كل عمل إنساني مهما كان السعي جادا للوصول به لشواطئ التمام ولا نقول الكمال عمدا اذ هو لله وحده، ذلك هو السعي الإنساني المحمود في ابهى معانيه.

ندرك بأن الحكومة لا تعرف كيف تقدم نفسها وخدماتها وتفتقر لما يسمى في الإعلام بالعلاقات العامة الفاعلة واستراتيجية الإتصالات في إدارة الأمور، ونبهنا لذلك أكثر من مرة، إلا أن ذلك لا يعني بأن تمضي الأمور إلى هذا النحو ابدا، وباعتبار ان كل الأمور على مايرام، لنقر بعدها زورا بان ليس هناك سراج مضيء واحد في هذا الوطن بناء لفحوى الصراخ والممجوج في وسائل التواصل الإجتماعية.

‏نعلم بأن الجهات الحكومية لديها نقصا إعلاميا في كيفية عرض وجهة نظرها بشكل مقنع وفي بعض الأحيان تبدو المواقف مثيرة للمواطنين نتيجة لفقدان بوصلة الإتصال وضبابية مايجب أن يوجه للرأي العام في هذه الفترة الحساسة التي يتطلع فيها اولئك الى اي زلة وتحولها إلى معضلة تلوكها الألسن، وتدخل بعد ذلك الى رحى الأجهزة الإلكترونية لمزيد من الطحن.

هناك من الممكنات في هذا الوطن ما يجب أن يماط عنها اللثام، وهناك إنجازات حقيقية يحب أن يعرفها أبناء هذاالوطن، ولدينا قدرات يتعين أن يسلط عليها الضوء لإحداث التوازن في الرأي العام، إذ لا يمكن أن تمضي الأمور بهذه النحو المؤسف إلى مالانهاية.

ان الحالة الراهنة التي نعيشها في اطار استغلال حرية التعبير في السلطنة أوجدت حالة من الإحباط العام في الأوساط المحلية بشكل كبير يجب قياسه لكي نتحقق من مداه ميدانيا، ومن ثم وضع الاسترتيجيات الاعلامية القادرة على تحجيم هذه الظاهرة..

بالطبع هناك جهود تبذل في أكثر من صعيد وجهات تعمل في سباق مع الزمن لتجاوز كل التحديات والأزمات التي نعيشها في المرحلة الراهنة، لكن هذه الجوانب لا يمكن أن تثمر بين ليلة وضحاها ولا يمكن أن نقطف ثمارها اليوم قبل الغد وهذا ما يجب أن نعيه جيدا، لكن في المقابل نرى بأن على الحكومة أن تظهر مالديها وتفتح آفاق المستقبل برؤيتها وخططها وتعمل على التهيئة الإعلامية لأي خطوة تخطوها حتى لا تفهم بغير مقصدها وتزداد تفسيرات وتاويلات المغرضين بشكل مهين.

نأمل أن نتوجه بالشكر والحمد لله رب العالمين على ما حبا به هذا الوطن من نعم، وما افاض به علينا من نعمة الأمن والأمان الذي نرفل في انهار سعده، وعلينا ان نتذكر دوما بان هناك من الإيجابيات ما يجب تعزيزها من كل الأطراف حكوما وشعبا، وفي المقابل هناك من السلبيات ما يجب أن تعالج وتصحح ليتسنى المضي نحو الأفضل وهكذا هي سنة الحياة التي لن نجد لها تبديلا أو تحويلا، فنأمل أن لا ننساق باسم الحرية الزائفة الى بحور السراب..

ونختم بالقول: ان الأمور في السلطنة لن تتغير بلعن الظلام فقط، وإنما بإيقاد الشموع لذلك لكل مواطن اوقد شمعة بدلا من اللعن في الظلام.