السياسه بين الليبراليه والتراث

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٢٤/أبريل/٢٠١٦ ٠٩:٣٥ ص

د. حامد بن شظا المرجان

تعتبر الاحزاب السياسيه فى المجتمعات الديموقراطيه هى موسسات ديموقراطيه تمثل شرائح المجتمع ومكوناته المختلفه يكون هدفها الرئيسى الحفاظ على مصالح الوطن ومكتسباته. مهما اختلفت توجهات الاحزاب السياسيه فهى فى الاساس تمثل الوطن ومصالحه فى الدرجه الاولى وانطلاقا من هذه الاهميه تتبنى الاحزاب سياسات جديده تتعارض مع تو جهاتها السياسيه كلما تعرضت البلد لتهديد يتعلق بامنها القومى ومن اهم التوجهات الحديثه فى امريكا واوروبا اليوم ما يتعلق بقانون حرية التعبير والسماح للموسسات الامنيه بالتصنت على الهواتف ومنع الصحافه والموسسات الفكريه بالتصريح كتابتا او غيره اذا اعتقدت الجهات المخوله بان هذا يهدد الامن القومى للبلد و يعرض مصالحه العليا للخطر. اذن ما اريد بان اقوله امن البلد يعتبر اهم من اى توجهات سياسيه او انتماءت فكريه او قبليه او ديبنيه او طائفيه.الأحزاب السياسية او التجمعات السياسيه فى الوطن العربى تمثل فى الاساس مرجعيات قبليه طائفية و دينيه وليس لها علاقه بالوطن وتمثيله، على سيبل المثال الاحزاب ا لسياسيه فى هذا الدول ولو انها تطلق على نفسها اسماء مدنيه مثل حزب التجمع الديموقراطى او الاحرار ولكن فى واقع الامر هى عباره عن تجمعات او احزاب قبليه او طائفيه، يشهد عالمنا المعاصر اليوم مشكله الطائفيه والقبليه، ومدى تأثير هذه التركيبة على كل مناحي الحياة. الملاحظ ايضا بان الصراعات الطائفيه او القبليه مرت عبر مراحل أتسمت خلالها بسمات مختلفة، فهي في بعض مراحلها تمثل قضية نزاعات تكفيريه وفتن واقصاء او عصبيه او عنصريه مثل الصراعات القائمه حاليا. تعتبرا الطائفيه فى وطننا العربى هي المحرك الرئيسي للحياة السياسية والاجتماعية ولكن بنسب متفاوته وتختلف من دوله الى اخرى، وهي على سبيل المثال العنصر المتحكم في كل مجالات الحياه. هذه المكونات السياسيه هى التي أغرقت العالم العربي ولا زالت في الكثير من المشاكل منها التخلف والتهميش والانانيه والفساد الاقتصادى والسياسي بالاظافه الى الحروب الاهليه وعدم الاستقرار مما جعل قرارها السياسي فى ايدى القوى الاقليميه والدوليه من خلال دعم القوى الاقليميه لتلك الطائفه او ذلك المكون، والتي لازلنا نشهد حلقاتها فى مسلسل الدمار الذى لا ينتهى فى الشرق الاوسط . النظام السياسي العربي نظاماً طائفياً او مذهبيا بكل بنوده وقوانينه وممارساته، الأمر الذي إنعكس سلبا على مجمل الأحداث، بحيث أصبح النظام السياسي يعبر فقط عن مصالح مكونات ذات مصالح متعددة ، وليس معبراً عن مصالح الوطن. فالنظام السياسي هو نظام طائفي اومذهبى فالطائفية او القبليه او الفئويه تتدخل في كل كبيرة وصغيرة.. بعض الدول تسن دساتيرها على اساس مذهبى او طائفى ، السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية طائفية او قبليه، ورئيس الجمهورية والنواب والوزراء منتخبين او معينيين على أساس مذهبى او طائفي او قبلى، الحكومة مشكلة طائفية او مذهبيه، والبرلمان ينتخب وتقسم على أساس طائفي اوقبلى او مذهبى . نستنتج من هذا بان النظام العربى وموسساته المختلفه هو أساس كل ما نشهده من صراعات ومآس وخراب ودمار وفتن يتقاسم نتائجها ا لشعوب العربيه المغلوب على امرها، عندما جاء ما يسمى بالربيع المشؤم استبشر العالم العربى خيرا لكن هذا الحراك كان عباره عن صراعات قبليه وطائفيه ودينيه وانانيه تخدم اهداف معينه وليس له علاقه باعادة تنظيم البيت العربى ومصالحه العليا، فالطائفية كانت ولا زالت هي المتسبب الرئيسى في كل الحروب التي نمر بها، بمعنى أن الطائفية والقبليه تسببت في وقوع أكثر من حرب مدمره فى هذه البقعه من العالم وتم استغلال الوضع السياسي أبشع استغلال من العديد من الدول الاقليميه والدوليه للتدخل في شؤونه الداخيه واقتسام مقدراته وسلب ايرادته. دمشق‘ بغداد وصنعاء وطرابس مهد الحضارات العربيه الاسلاميه تتقاسمها حاليا جيوش العالم تحت شعار محاربة التطرف او الحكم الفاسد او غيره؟. هذا التراث الذى نتغنى به جعل الامه العربيه ضعيفة فقيرة مهمشه اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً. نظرا لحاله العالم العربى يري الكثير من المفكرين بان التحول الى نظام حكم الليبراليه السياسيه هو الحل الانسب لاستقراره. نظام الحكم المبنى على سيادة دوله القانون ونظام الحكم الليبرالى او الليبرالية السياسية وهو النظام السياسي القائم على نظام دولة التعددية الانتخابية من خلال النظام البرلماني الديمقراطي وكفل حرية الأفراد . اذن لماذ الليبراليه ولماذا نعتقد بان الحل الانسب لاستقرار الوضع السياسي العربي؟ الليبرالية في الفكر السياسي الغربي نشأت وتطورت في القرن السابع عشر. هذه الفكرة الليبرالية تبحث في تحديد طبيعه الحكم بين الحاكم والمحكوم. والذي دعا إلى الليبراليه فى ذلك الوقت هى أحوال وأنظمة الحكم السائدة في أوروبا والذى هو شبيه بواقعنااليوم، بسبب الصراع والحروب بين الطوائف والقبائل الاوروبيه المختلفه. واذا رجعنا الى معنى الليبرالية هي تعنى باللغة اللاتينية الحريه وهي تهدف بالطبع إلى تحرير الإنسان كفرد وكجماعة من القيود السلطوية السياسية والثقافية والاقتصادية. بسبب الظروف السياسيه ومعاناة الشعوب العربيه يجد مؤيدي فكر الليبرالىه تطبيق هذا النظام بدلا من النظام العربى الحالى خلاصاً للوصول إلى الاستقرار السياسي والاقتصادى والاجتماعى فمن هذا المنطلق السياسي الفلسفي يسعى أصحاب هذا التيار الفكري على استقلال الفرد وضرورة التزام النظام بالحرية الشخصية وحماية الحريات المدنية والسياسيه كما تتجه إلى تحديد العلاقة بين الليبرالية والأخلاق، فالليبرالية لا تهتم بسلوك الفرد طالما أنه لم يخرج عن دائرته ومحيطه الخاص من الحقوق والحريات ولكنها تعتبر صارمة خارج ذلك المحيط. إذن يرى مناصرو تطبيق الليبرالية بأن الفرد هو المعبر الحقيقي عن الإنسان بعيداً عن التجريدات والتنظيرات، ومن هذا الفرد وحوله تدور فلسفة الحياة فرداً حراً له الحق في الحرية والحياة والمعتقد والسلوك والفكر والضمير إنه حقه في الحياة ووفقاً لقناعته والحق بأن يحيا الفرد بكامل اختياراته وما يستوجبه من تسامح مع غيره لقبول الاختلاف. اذن الليبراليه السياسيه وجزء من تراثنا الايجابى هو البديل للطائفيه والقبليه والمذهبيه وبدون تطبيق نظاما جيدا يجمع بين الحكم الليبرالى والتراث لا يستطيع العالم العربى بان يتحرر من فكر الجهل المدمر الذى قتل وشرد الملايين.

باحث ومستشارتنموى