الضفادع وريادة الأعمال!

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٠١/يونيو/٢٠٢١ ٠٨:٣٠ ص
الضفادع وريادة الأعمال!

بقلم : علي المطاعني

يتداول بالوسائط الاجتماعية مقطع ظريف لطالب من إحدى الدول الخليجية يشكو فيه المناهج التي تدرس كيفية تكاثر الحيوانات والضفادع والزواحف، ويتساءل لماذا لاتدرس للطلبة والطالبات التجارة وريادة الأعمال من الإبتدائي إلى نهاية الدبلوم العام، في الحقيقة هذه ليست مشكلة دولة وإنما معضلة كل الدول العربية على ما أعتقد، وأتمنى أن أكون مخطئا فيما ذهبت إليه.

لنطرح بعدها السؤال الأهم لماذا لا نضمن مناهجنا الدراسية ريادة الأعمال وبالتدرج من الإبتدائي إلى الجامعة ليكتسب أبناءنا مبادئ وأصول الأعمال وريادتها ونفتح أذهانهم لهذا الحقل الواسع في ظل الأوضاع الإقتصادية المعروفة، ونؤهلهم بالتالي ليكونوا رواد أعمال، الأمر الذي يفترض معه على وزارة التربية والتعليم أن تبدأ خطوات حثيثة وجادة في هذا الإتجاه بدلا من مناهج لم تعد لها أهمية تذكر مقارنة مع تحديات المستقبل الماثلة للعيان.

بلاشك أن غرس علوم التجارة والأعمال في نفوس الناشئة بات ذات أهمية تلك حقيقة لاننكرها، إضافة لعلوم إدارة المشروعات المالية والتسويق وغيرها، كلها أضحت من الضروريات التي يجب أن تكون مقررا دراسيا في المدارس وأكاديميا في الجامعات والكليات، فاليوم العالم يعج بالتجارة والتجار وهم ليسوا بالضرورة تجارا تقليديين بل قد نجد نسبة كبيرة منهم علماء في التجارة الإلكترونية ويحصدون ملايين الدولارات التي تسبح فوق رؤوسنا عبر القارات وبغير أن نستطع إلتقاط دولار واحد منها لجهلنا بهذه المستجدات التجارية الإلكترونية السهلة وبالغة التعقيد لمن لم تتح لطلابنا فرصة تعلمها في المدارس والكليات ومعاهد التدريب، هنا نجد أن محصلتنا صفرية للآسف من هذه الكعكة العالمية الضخمة، ويكفينا أن رسولنا الكريم قال عن أبي هريرة رضي الله عنه (كان زكريا عليه السلام نجارا) أي يتكسب من مهنة التجارة، كما أن رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه كان تاجرا مابين مكة والشام، وهذا هو فضلها وتلك هي خيراتها منذ القدم.

أحد الزملاء حكي بأنه وفي إحدى مدارس الجاليات في السلطنة سوق لتعليم الطلبة والطالبات معنى التجارة و‏اصوالها وكيفية ممارستها كتطبيق لدراسة مقررات نظرية وتكاملها لما تدركه هذه الجاليات من أهمية لهذا الجانب المهم في حياة أبناءهم، في حين أننا حتى الجمعيات التعاونية بالمدراس أزحناها لتحل محلها مقاصف تدار من شركات، متناسين حقيقة أن هذه الجمعيات كانت في الواقع مدارس ميدانية داخل المدارس تعلم الطلبة والطالبات مبادئ التجارة ومعنى ومغزى الإستثمار، عندها كنا ندفع بداية العام ريال عن كل سهم وفي نهاية العام توزع الأرباح وفق مساهمة كل طالب، فضلا عن ممارسة الطلاب للبيع المباشر في الجمعية.

وعلى سبيل المثال في جامعة السلطان قابوس يدرس مقرر إلزامي باسم (عُمان والحضارة الإسلامية) وهو تكرار لما درسناه في الإعدادية والثانوية للأسف وبه من المغالطات مايكفي، فكان من الأفضل بالجامعة وكل الكليات بالبلاد تدريس ريادة الأعمال كمقرر جامعي حتى نهاية الدراسة الجامعية لإكساب الطلاب مهارات التجارة وكيفية إدارتها بدلا من المقررات التي لاتسمن ولا تغني من جوع.

وفي إطار الجهل بهذه العلوم من الطبيعي أن نجد الفشل والعثرات تعترض طريق رواد الأعمال في المشروعات الصغيرة والمتوسطة ولعدم إلمامهم بمبادئ المحاسبة والتسويق والمالية، ونجد أيضا كأمر طبيعي أن المستفيدين من القروض التنموية والتمويلية فشلوا في إدارتها لهذه السبب أو لهذه الأسباب للآسف.. نأمل من وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي، وكل الكليات والجامعات والمعاهد العليا ومعاهد التدريب أن تبدأ في إعداد المناهج الدراسية في هذا الشأن إنطلاقا من المدرسة وإلى الجامعة، فمن المهم والحيوي أن تتعلم الأجيال الجديدة هذه العلوم ففي ثناياها يكتنز الفلاح كله، للوطن وللمواطن معا وسويا.