أين مجلس عمان من الباحثين عن عمل؟

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٣١/مايو/٢٠٢١ ٠٨:٢٨ ص
أين مجلس عمان من الباحثين عن عمل؟

بقلم : علي المطاعني

مشكلة الباحثين عن عمل قضية وطنيّة يفترض أن تشارك كل أجهزة الدولة المدنية والعسكرية ومجلس عمان وغيرها من الوحدات في إيجاد حلول لها، فليس هناك من يجب استثناؤه من النهوض بهذا الواجب، ولا مانع من أن يتم تقييم الجهات سنويًا حول مدى إيجادها لفرص عمل وتشغيل ذاتية كأحد مؤشـــرات التقييم..ومجلس عمان بغرفتيه الشورى والدولة عليه مسؤوليات في هذا الشأن تتطلب النهوض بها؛ سواء من حيث مراجعة التشريعات والأطر المنظمة أو من خلال مراقبة الأداء وغيرها من الأدوات الرقابية التي يملكها؛ إلا أننا نرى تراجعًا ملحوظًا بهذه الدورة في هذا الجانب؛ ولا يعكس مسؤوليّته كمجلس ولا كأعضاء ممثلين للشعب العماني؛ الأمر الذي يتطلب من المجلس القيام بدوره في الفترة القادمة؛ ومراجعة كل ما يتعلّق بقضية الباحثين عن عمل بكل جوانبها؛ وإسداء النصح والمشورة للحكومة، وفتح منافذ لاستيعاب الكوادر الوطنيّة في كل مجالات العمل والتشغيل الذاتي بحيث نتلافى الأزمات وكل ما يعكر صفو المجتمع.

إنّ التأزّم الذي شهدته قضيّة الباحثين عن عمل في البلاد في الفترة الفائتة، والمستويات التي وصلت إليها يتحمّل مسؤوليته مجلس عمان؛ وخاصة مجلس الشورى لاعتبارات عدة، ويجب أن يعترف أعضاؤه بالقصور الذي شاب عملهم في الفترة الماضية، وتصحيحه بالتركيز على هذه القضيّة بشكل أكبر في ما تبقى من الفترة الاعتيادية الحالية؛ بتدارس كل السبل التي يمكن أن يساعد فيها كمجلس يعوّل عليه المواطن الكثير في هذا الشأن.

ربما نتفق بأنّ الحكومة جديدة، ولم تمضِ على تكوينها ثمانية أشهر، كما أنّ الظروف الصحيّة لفيروس كورونا والوضع الاقتصادي وتداعياته خيّم على الكثير من الأعمال في الفترة الفائتة؛ إلا أنّ أكبر إفرازات هذه الأزمات والظروف انعكست بشكل مباشر على الباحثين عن عمل والمُسرّحين، ففرضت القضيّة نفسها على الجميع؛ لكن اهتمام مجلس الشورى لم يكن بالمستوى المطلوب الذي يتطلع إليه المواطنون في كل ولايات السلطنة.

يجب على مجلس الشورى أن يعمل على كثير من الجوانب سواء التشريعية الهادفة إلى توطين الوظائف والمهن التي تتوافر لها كوادر وطنية، من خلال مراجعتها والتعديل عليها، أو اقتراح الأطر الملائمة لفتح آفاق أوسع لريادة الأعمال ومتابعة تنفيذ القرارات التي صدرت، ومدى الالتزام بها، وغيرها من الأعمال التي يمكن أن يضطلع بها في الفترة الراهنة.

إنّ مشكلة الباحثين عن عمل والمُسرّحين وريادة الأعمال وتداعياتها تتجاوز قدرات وإمكانيّات الجهات المُختصة؛ التي تبذل كل ما في وسعها لمعالجة الأمور، إلا أنّه وبدون تعاون بقية أجهزة الدولة سنكون في مأزق كبير كالذي شهدناه، ولا يجب أن يتكرر ذلك، وهو ما يفرض إعادة بلورة أطر عمل كل الجهات على هذا الأساس؛ ومنها مجلس الشورى الذي عليه الكثير أن يعمله.

إلا أن البعض يلقي باللوم في التعاطي مع قضية الباحثين عن عمل على مجلس عمان، فهناك حلقة مفقودة بين السلطتين، وقيام المجلس بمهامه في هذا المضمار لن يكفي إذا لم تحظ باستجابة من الحكومة، حيث قدم المجلس‏ العديد من الدراسات حول استيعاب الباحثين عن العمل في الفترة الثامنة، وعرض مقترحات لاستيعاب الباحثين عن العمل تمت إحالتها إلى الحكومة ولكن لم يؤخذ بها؛ وبالتالي ستغدو محاولاته ومبادراته في حال عدم استجابة الحكومة مجرد سراب، وهذا ما يجب إعادة النظر فيه بالعمل على التوافق بين السلطتين، وبحث إلزامية الحكومة بالاستجابة لمجلس الشورى لا سيما في مثل هذه القضايا الشعبية الشائكة.

بالطبع بذلت جهود من كل الجهات بما فيها مجلس الشورى؛ لكن لم تكن ملموسةً وذات فاعلية كما يتطلع الشارع العماني، وكان يفترض على المجلس أن يتابع القضيّة قبل أن تتفاقم إلى المستويات التي حدثت في الفترة الأخيرة، وهذا ما يجب أن يتلافاه المجلس وأعضاؤه من الآن فصاعدا.

نأمل من المجلس أن يُبلور خطةً واضحةً ومستدامة لمتابعة جهود الحكومة في التوظيف، وإيجاد فرص، العمل، والتشغيل الذاتي، وأن يعكف على مراجعة كل التشريعات الخاصة بالعمل لفتح آفاق أفضل، والمشاركة الفعّالة في إدارة هذا الملف الصغير؛ الذي ينفجر بين فينة وأخرى.