مسقط - الشبيبة
في ظل ما يتعرض له التعليم المدرسي من ظروف وتداعيات جراء انتشار جائحة كورونا (كوفيد 19) في جميع دول العالم، وتحوله من التعلم التقليدي (الحضوري) إلى التعلم الإلكتروني، تأتي سلطنة عمان كواحدة من هذه الدول، التي بات فيها التعلم الإلكتروني يتناوب بين تطبيق التعلم المدمج والتعلم عن بعد، الأمر الذي حتّم على وزارة التربية والتعليم تسخير كافة الإمكانيات التقنية للحيلولة دون توقف التعليم.
فما مدى تحسن التقانة في تقديم الخدمات التعليمية في التعلم المدرسي بالسلطنة في ظل هذه الجائحة، وما الجهود التي تبذلها الوزارة حيالها؟ وما التحديات التي واجهة تطبيق الإلكتروني (المدمج، عن بعد)، وكيفية التغلب عليها؟ وما مدى استفادة أفراد المنظومة التعليمية من تطبيق هذا النوع من التعليم، وما المهارات التقنية التي اكتسبوها؟، وما مقترحاتهم حول الاستفادة من هذه التجربة حتى بعد عودة الطلبة إلى مقاعد الدراسة، في هذا الاستطلاع سنسلط الضوء على هذه الجهود، وآراء أفراد المجتمع المدرسي، والتي أجمعت على استفادتهم للكثير من المهارات التقنية، وتنمية التعلم الذاتي والمعرفي لديهم.
البنية الأساسية والتطبيقات الإلكترونية
وحول الجهود التي تبذلها الوزارة لتحسين التقانة التي تسهم في تقديم خدمات التعليم المدرسي سواء كان المدمج أو عن بعد على مستوى السلطنة، قال سعيد بن محمد الوهيبي رئيس قسم نظام البوابة التعليمية بدائرة الخدمات الرقمية ودعم المبادرات بالوزارة: عملت الوزارة وعلى مدى السنوات السابقة على تحويل خدماتها إلى إلكترونية؛ لمواكبة التطور التقني، وتسهيل تقديم هذه الخدمات للموظفين والطلبة، وأولياء الأمور، ومع ظهور جائحة كورونا وتأثر قطاع التعليم بين تعليقه تارة، أو تحويله إلى التعلم الإلكتروني تارة أخرى، إلا أن الوزارة تغلبت على هذا التحدي، من خلال التحول إلى التعليم المدمج والتعليم عن بعد، ووفرت البنية الاساسية لاستضافة الخدمات والتطبيقات الإلكترونية، وخدمات إنترنت سريعة للمدارس والطلبة، والتي تم تحقيق نسبة جيدة منها تستحق الإشادة، كما كان لعمل الفريق المركزي، والفرق المرتبطة بالمديريات التعليمية في المحافظات دور رئيسي في التغلب على أغلب هذه التحديات، والتي أسهمت في تفعيل التعلم الإلكتروني بالطريقة المرسومة من قبل الادارة العليا، وتفعيل الانظمة المرتبطة سواء من داخل مركز بيانات الوزارة (منصة منظرة)، والتطبيقات الملحقة بها، أو المنصات المستضافة خارجيًا: (جوجل كلاس روم"، أو "ميكروسوفت تيمز").
وأضاف: نفخر بالجاهزية الرائعة للوزارة في توفير هذه البيئة المناسبة؛ لاستضافة التطبيقات والخدمات الإلكترونية على الرغم من الوضع المالي الصعب، وسرعة انتشار الجائحة، وقرار تطبيق التعليم الإلكتروني، حيث تم توفير كافة المتطلبات اللازمة بدون إضافة مالية، واستخدام القدرات الحالية في مركز البيانات بدون إضافة أجهزة، أو معدات جديدة أخرى، مع دعم المدارس لتغطية مرافقها بشبكات الإنترنت؛ لبث الدروس المتزامنة، فضلًا عن الدعم من القطاع الخاص، وتوفيره للأنظمة الداعمة للتعليم المدمج والتعليم عن بعد.
تشريعات ووثائق
وحول قدرة الوزارة على التوفيق بين تطبيق التعليم المدمج تارة، والتعليم عن بعد تارة أخرى، أو التناوب بينهما، وضعف الشبكة في بعض المدارس، قال سعيد الوهيبي: في فترة وجيزة من انتشار الجائحة استطاعت الوزارة اتخاذ العديد من القرارات المرتبطة بتحويل التعليم إلى الرقمي، فأقرت بحزمة من التشريعات والوثائق، وأبرزها: الوثيقة التنظيمية للتعليم الإلكتروني، وتطوير بطاقات الوصف الوظيفي لكافة أعضاء الهيئات التدريسية والإشرافية؛ لتواكب إدخال التعليم الإلكتروني "المدمج، وعن بعد"، كذلك وثيقة شؤون الطلبة، والوثيقة المتعلقة بأمن المعلومات، كما قامت بطرح منصتين تعليميتين (منصة منظرة، ومنصة جوجل كلاس روم) في وقت قياسي، رافقهما تدريب للهيئات التدريسية، وتمكينهم من بث الدروس خلالهما، كما تعمل حاليا ضمن فرق العمل المكلفة بتطوير كافة الجوانب المرتبطة بتحسين إدخال التقنية في التعليم.
إحصائيات تفعيل المنصات التعليمية
وقدمت أسماء بنت عبدالله القتبية المديرة المساعدة بدائرة نظم المعلومات بالوزارة، جملة من الإحصائيات حول تفعيل المنصات التعليمية (منظرة، وجوجل كلاس روم)؛ لتقديم التعليم "المدمج، والتعلم عن بعد"، قائلة: بالنسبة لمنصة (منظرة) لصفوف الحلقة الأولى(1-4) وفي الفترة من 1/11/2020وحتى 27/5/2021م، فقد وصل حجم البيانات فيها إلى (4.3) تيرابايت بعد ضغط الملفات، وكان حجمها قبل ضغط الملفات يصل إلى (23) تيرابايت، ويوجد بها حاليًا (7,325,431) ملفًا، كما بلغ أعداد الطلبة المستخدمين لها (267,305) طلاب وطالبات، و(21,694) معلمة، و(927) إدارية (مديرة مدرسة/ مساعدة المديرة) و (199,974) ولي أمر، وقد بلغ إجمالي عدد الحصص المتزامنة المجدولة (1,376,773) حصة متزامنة، كما بلغ إجمالي المحتويات التعليمية المرفوعة في هذه المنصة (1,152,890) محتوى تعليميًا، وبلغ إجمالي عدد الأسئلة المرفوعة فيها (500,162) سؤالًا، بينما بلغ الواجبات المرفوعة (192,619) واجبًا مدرسيًا.
وأضافت: أما بالنسبة لمنصة جوجل للصفوف (5-12)، وفي الفترة نفسها (1/11/2020 وحتى 27/5/2021م)، فقد وصل الحجم الحالي للبيانات فيها (245.28) تيرابايت، وحيث بلغت نسبة الزيادة في حجم هذه البيانات حتى هذه الفترة(17.4) تيرابايت، وبلغ عدد المستخدمين الحالين النشطين من المعلمين والطلبة (36200) معلم، و(410000) طالب وطالبة، وبلغ عدد الفصول الافتراضية في هذه المنصة (180000) صف افتراضي، بينما بلغ عدد الحصص المتزامنة خلال اليوم الواحد (56,680) حصة، حيث بلغت نسبة الزيادة في الفصول التزامنية خلال السنة الدراسية الحالية حوالي (43,802) صفًا تزامنيًا.
قناة مورد التعليمية
وأوضحت أسماء القتبية أن من الجهود التي تبذلها الوزارة لدعم العملية التعليمية في ظل تطبيق التعلم الإلكتروني إلى جانب المنصات التعليمية، إنشاء القناة التعليمية "مورد"، قائلة: توفر هذه القناة التعليمية دروسًا مصورة للصفوف (5 – 12) لكافة المواد الدراسية الأساسية، عبر توظيف موقع اليوتيوب، يعدُّها ويصورها نخبة من المعلمات والمعلمين المجيدين، وبإشراف من المديرية العامة لتطوير المناهج، والمديرية العامة للإشراف التربوي بالوزارة، وذلك لتفعيل استراتيجيات التعليم الالكتروني في الحصص المتزامنة وغير المتزامنة، وتوظيف تقنية المعلومات والاتصالات في التعليم المدمج، وتطوير البيئة التعليمية والتنويع في طرق وأساليب التدريس، وتوظيف تكنولوجيا التعليم، وربطها بالدروس المصورة، وتنمية مهارات التعلم الذاتي لدى الطلبة، والرفع من مستوى تحصيلهم الدراسي، إلى جانب توفير مصادر تعليمية إثرائية لهم ولمعلميهم خارج البيئة المدرسية باستخدام التقانة.
المكتبة الرقمية
وحول المكتبة الرقمية، واستفادة المجتمع المدرسي من خدماتها، قالت أسماء القتبية: تعد هذه المكتبة منصة رقمية حديثة، تمكن الوزارة من رقمنة ونشر إصداراتها ضمن واجهة خاصة بها؛ للإسهام في بناء معرفة وطنية ضمن قاعدة بيانات موحدة، ومهيأة لأرشفة وعرض مختلف تصنيفات المصادر الرقمية: كالكتب، والمناهج الدراسية، والصور، والأوراق البحثية، والدوريات، والتقارير، والمقالات، وغيرها، وتتوفر في هذه المكتبة: تصفحًا إلكترونيًا للمصادر الرقمية، وواجهة قابلة للتخصيص، ومكتبة رقمية خاصة بالعضو؛ ليتمكن من إنشاء مكتبته الخاصة، وحفظ وتنظيم المصادر التي يطلع عليها، وإنشاء مجلدات للتنظيم، بالإضافة إلى محرك بحث بالخيارات المتقدمة، والتصحيح اللغوي لعبارات البحث، وتقارير، وإحصائيات دقيقة.
وأضافت: تستهدف هذه المكتبة جميع أفراد المجتمع المدرسي من طلبة ومعلمين وإداريين، كما أنها متاحة لجميع شرائح المجتمع للاستفادة منها، ويتم تغذية نظامها عن طريق فريق من المشرفين من مختلف الجهات المعنية بالوزارة؛ لرفع المصادر الرقمية، كما يمكن ربطها بمكتبات أخرى عالمية؛ للمشاركة في المحتوى، والاطلاع على مصادر عربية وعالمية تثري، وتخدم مختلف الجهات المستهدفة.
المدارس البعيدة وربطها بالأقمار الصناعية
وتحدث سعيد الوهيبي عن أبرز التحديات التي واجهة الوزارة في ظل تطبيق التعلم الإلكتروني والمتمثل في ربط المدارس الحكومية في المناطق البعيدة ولديها ضعف في الشبكة عبر الاقمار الصناعية بالتعاون مع هيئة تنظيم الاتصالات، فقال: توزعت المدارس الحكومية في مختلف محافظات السلطنة ذات التضاريس المتنوعة، وبلغ إجمالي عددها (1182) مدرسة حكومية، مما شكل تباينًا في وصول خدمات الاتصالات إليها، فسارعت الوزارة؛ لتذليل هذا التحدي بالتنسيق بين مختلف الجهات الحكومية؛ فتبنت هيئة تنظيم الاتصالات هذا المشروع بالتعاون مع شركات الاتصالات وشركة النطاق العريض، وتم حتى الآن توفير هذه الخدمة لأكثر من (96) مدرسة من المدارس الواقعة في مناطق جبلية وصحراوية، وأخرى ساحلية، ولازالت هناك قرابة (20) مدرسة لم يتم توصيلها؛ لأسباب فنية، وجاري العمل على توصيلها، إلا أن التطور الحاصل في التعليم، وتوسع احتياجات الإنترنت ليشمل البث الصوتي والمرئي، فقد افتقرت هذه الخدمة إلى السرعة المطلوبة، مع وجود صعوبة في تحميل الصوت والصورة، ومحدودية عدد المستخدمين، فدفع الوزارة إلى التفكير في توفير خدمات أفضل لها في الفترة القادمة بالتركيز على خدمات الطلب للجهات الحكومية المختلفة والعاملة في هذا المجال.
الألياف البصرية والجيل الخامس
وحول تطوير خدمات الانترنت ورفع سرعتها في كافة المدارس الحكومية، قال سعيد الوهيبي: تسعى الوزارة في الوقت الراهن إلى توفير خدمات أكثر تطورًا سواء في مركز البيانات، أو إدخال بيئة ذات تقنية؛ لتحليل البيانات، واستخدام الذكاء الاصطناعي، أو الاستفادة من خدمات الاستضافة بالشركات المحلية والعالمية، مع رفع سرعة الانترنت، وتغطية كافة المدارس الحكومية بالألياف البصرية، أو الحلول الاخرى ذات السرعات العالية: كخدمات الجيل الخامس، كما ستعمل أيضًا على تحسين البنية الأساسية الداخلية في هذه المدارس، واستخدام الخدمات السحابية المتطورة بدون تركيب أجهزة إضافية داخلها؛ للتركيز أكثر على تقنيات التعليم، في المقابل عملت الوزارة وبالتنسيق مع هيئة تنظيم الاتصالات وشركات الاتصالات على رفع سرعات خدمة الانترنت السريعة في أغلب مدارس السلطنة، وتم تغطية نصفها بشبكة الالياف البصرية وخدمة الانترنت باستخدام الجيل الخامس، أما المدارس الاخرى فتم رفع سرعاتها بناءً على قدرة الشركة الموفرة للخدمة في تلك المنطقة.
وأضاف: أما بالنسبة للمدارس الخاصة بالسلطنة، فتم طرح باقات مختلفة للاشتراك في منصة (جوجل كلاس روم) بواسطة شركة الاتصالات (عمانتل) تبدأ من (25) معلمًا بواقع (55) ريالًا شهريًا، كما تم دعم المدارس الخاصة ذات الإمكانيات الضعيفة بفتح دومين خاص للمنصة نفسها للوزارة لهذه السنة فقط، حيث كان النطاق مفتوحًا لعدد (25) ألف مشترك، وتم رفعه إلى (80) ألف مشترك.
منصة التحضير الإلكتروني
وللخروج من الإطار التقليدي في تحضير المعلمين اليومي للدروس بالطريقة الورقية إلى رقمنة هذا التحضير، قالت أسماء القتبية: أنشأت الوزارة منصة للتحضير الإلكتروني؛ لتكون نافذة رقمية جديدة؛ لتيسير مهام المعلم، وتعزيز وتطوير أدائه المهني، وتطوير منظومة الإشراف التربوي، وهي أيضا مساحة؛ لتوظيف تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في مجالات عمل المعلم، وتخفيف العبء عليه، وعلى المشرفين التربويين في التحضير اليومي الورقي.
وأضافت: وتسعى الوزارة من خلال هذه المنصة إلى توظيف التعليم الالكتروني، وإيجاد نظام رقمي تفاعلي يعزز المشاركة بين المعلمين في مجال التحضير الالكتروني، ويسهل عملية المتابعة الخاصة بالتحضير اليومي للدروس، وتسهيل مهمة المشرفين التربويين؛ للاطلاع على تقارير الزيارات الإشرافية المسجلة إلكترونيًا في المنصة ذاتها، وربطها مع نظام الزيارات الإشرافية الجديد، مما سيطور من عملية الاشراف التربوي باستخدام أدوات وإجراءات الإلكترونية، وإدخال معايير ومؤشرات التقييم، ووضع خطة العمل، ومراقبة تحسن المدرسة، كما سيكون فيها تحضير رقمي استرشادي موحد، يعده مشرفو العموم بالوزارة، ومتاح لجميع المعلمين لكل مادة على حدة، ولكل معلم مساحته الخاصة في تحضيره بحسب الاستراتيجيات والأدوات المتاحة له، وستسمح لهم المنصة إضافة بعض الروابط الخاصة بالدرس، والمتصلة بمجالات وأدوات التعلم الإلكتروني، مع إمكانية عمل دمج مع نظام الفصول الافتراضية فيها، كما ستتوفر فيها آلية مدروسة لإدارة ما يسمى بـ"التحضيرات النموذجية"، يعدها معلمون ومعلمات على مستوى المواد والصفوف والدروس، ويتم إتاحتها وفق مستويات إدارية، إلى جانب إمكانية مشاركة المعلمين في التحضير الواحد على مستوى الصف، وعلى مستوى المادة، وذلك وفقًا للصلاحيات الممنوحة في هذا الجانب، وتعميم هذا التحضير على مستوى المعلمين، وعلى مستوى الفصل والمادة، كما ستسمح لهم المنصة الاطلاع على تقرير الزيارات الإشرافية من قبل إدارة المدرسة أو المشرفين، وكذلك التراسل الداخلي فيها بما يخدم إثراء العملية التدريسية، أما بالنسبة للإدارة المدرسية، فتسمح المنصة بصلاحيات متعددة (صلاحيات معلم، مدير مدرسة، معلم أول، مشرف، مدير إداري، رئيس قسم، مشرف عام، مدير نظام)، وستكون الأدوار مترابطة مع الصلاحيات، ومهام العمل الفعلية لكل منهم، وستكون إدارة المدرسة على اطلاع بطريقة مباشرة، وغير مباشرة على أداء المعلمين، والتحضيرات والاستراتيجيات التي يقومون بها، ومدى التطور في سير الخطة الدراسية، بل ستكون لهم شاشة؛ لتسجيل الملاحظات الخاصة بالزيارات الإشرافية الصفية.
رؤية مستقبلية
وحول رؤية الوزارة للاستفادة مما تحقق من إنجازات في المنصات التعليمية، والشبكات الإلكترونية بعد عودة الطلبة إلى مقاعد الدراسة، قال سعيد الوهيبي: يعد هذا المنجز مكسبا تربويا، لذا فإن رؤية الوزارة تتصل بأهمية الاستمرار في تطوير وتحسين خدمات التعليم الالكتروني بصورة متواصلة، وضمان تفعيل هذه الخدمات الإلكترونية في المدارس بشكل مستدام، بحيث تصبح هذه المنصات جزءً رئيسيًا يتم الاعتماد عليه في منظومة التعليم داخل المدارس، وذلك بالاعتماد على منهجية التعليم المدمج الذي يجمع بين طرق التدريس المباشرة داخل الفصول، والتعلم من خلال المنصات التعليمية، كما أن المحتوى التعليمي الرقمي الذي تم بنائه، والذي سيتم بنائه عبر مشروع رقمنة المناهج يمثل الجزء الرئيسي والمهم الذي يجب الاستفادة منه بصورة متواصلة بالتكامل في تفعيله مع خدمات المنصات التعليمية، ومع ما يتوفر في المدارس من بنية أساسية تقنية متنوعة.
لكل محنة منحة
وحدثنا الدكتور خصيب بن عبدالله القريني مشرف أول تاريخ بتعليمية محافظة شمال الباطنة، عن تجربته كمشرف في تطبيق التعلم عن بعد في المدارس، فقال: " يقال أن: "لكل محنة منحة"، وفي هذا العام الاستثنائي كانت المنح كثيرة، كتوظيف هذا النوع من التعليم، الذي فتح آفاقًا جديدة لمختلف الفئات التربوية؛ لإظهار خبراتهم التقنية، وتطويعها لخدمة العملية التعليمية، وظهور المبادرات الفردية والجماعية تعنى بتطويع مختلف التطبيقات الإلكترونية؛ لتحقيق أهداف التعلم، وأضاف: فأكسبتنا مهارات مختلفة، وغيرت قناعاتنا بما يسمى(الرهاب الإلكتروني)، حول هذا النوع من التعلم، إذ أن التخلص منه هو بداية الانطلاق للاستفادة من مختلف المزايا التي يقوم عليها هذا التعليم ، كما قللت هذه التجربة الفاقد من عملية التواصل بيننا كمشرفين ومعلمين، وقللت الجهد المبذول في التعليم المباشر، وتقديم التغذية الراجعة بصورة لحظية، وإتاحة الفرصة لنا للتنمية المهنية للمعلمين والمعلمين الأوائل بصورة أكثر ديناميكية.
لنكتشف قدراتنا الكامنة
من جانبها قالت نعيمة بنت سالم الكندية مشرفة لغة إنجليزية بتعليمية محافظة البريمي: هذه التجربة أوجدت ظروفًا حتّمت على الجميع ضرورة الخروج من منطقة الراحة (Comfort Zone) ، واكتشاف القدرات الكامنة لديهم في تفعيل التقانة، وتصميم وتنفيذ دروس افتراضية رائعة، وعرضها عبر المنصات التعليمية، كما سعينا الى صقل مهاراتنا، وخبراتنا بالمشاركة في البرامج التدريبية، والمؤتمرات الدولية الافتراضية، ونقل أثر التدريب إلى المعلمين والمعلمات في المدارس؛ للمساهمة في تجديد أساليب واستراتيجيات التعلم المختلفة، وتقديمها في قالب الصف الافتراضي بصورة فعالة؛ للرفع من التحصيل الدراسي لدى الطلبة، وأضافت: أن تفعيل المنصات التعليمية أوجد فرصة مميزة؛ لتنفيذ برامج الإنماء المهني المختلفة: كالاجتماعات الدورية، وبرامج تبادل الزيارات بين المعلمين، أو بين المدارس، وتنفيذ الدروس التطبيقية، بالإضافة إلى تنفيذ الزيارات التشاركية الافتراضية، وتسهيل مهامنا الاشرافية، ومناقشة المستجدات التربوية، وإعداد الخطط، ومتابعة تنفيذها، وتطبيق الأساليب الاشرافية بكفاءة عالية.
مهارات القرن الحادي والعشرين
وقال محمد بن ناصر الصوافي معلم فيزياء بمدرسة أبو بلال التميمي للتعليم الأساسي بتعليمية محافظة شمال الشرقية حول تعزيز تجربة التعلم عن بعد لمهارة الاتصال والتواصل بينهم وطلبتهم، وتفاعلهم في الحصص المتزامنة، وغير المتزامنة: يعد التعليم عن بعد منحة جليلة قدمها لنا القدر في طبق من ذهب، حيث استخدام التقنيات والوسائل التكنولوجية في التعلم لم تكن متوفرة سابقًا في ضوء التعلم التقليدي، فدربتنا على عدد من مهارات القرن الحادي والعشرين: كمهارة "الثقافة المعلوماتية والإعلامية والتكنولوجية"، ومهارة الاتصال والتواصل، وسهلت أيضًا التواصل بيننا وطلبتنا صوتًا وصورة، وتمكنا من تقديم الكثير من تطبيقات وبرامج المحاكاة التعليمية، وبرامج ثلاثية الأبعاد، والمسابقات التعليمية الشائقة باستخدام مجموعة رائعة من التطبيقات، في الحصص المتزامنة أو غير المتزامنة، فزاد من دافعية الطلبة للتعلم، وفهمهم للمادة المقدمة، إلى جانب سهولة الوصول إليها ؛ كونها محفوظة في تلك المنصة.
المنصة إضافة مميزة
من جهتها قالت رقية بنت أحمد الفارسية معلمة رياضيات بمدرسة درة الهاشمية للتعليم الأساسي بتعليمية محافظة جنوب الباطنة، عن إمكانية الاستفادة من المهارات التقنية المكتسبة من تجربة التعليم عن بعد وحتى بعد عودة طالباتها إلى مقاعد الدراسة: في كل لحظة أرجو رجوع طالباتي إلى مقاعد الدراسة مع بقاء المنصة التعليمية حتى بعد عودتهم، فهي إضافة مميزة في العملية التعليمية، التي تضفي بريقًا من التنافس والإبداع في مجال التعليم، كما أن تجربة التعلم عن بعد عبر هذه المنصة غرست فينا حب البحث في عالم التعليم التكنولوجي: ككيفية إنتاج ألعاب تعليمية تفاعلية، والتعرف على المواقع لتحويل النشاط الورقي إلى تفاعلي: كموقع" live work sheets "وموقع" Thinkio"، وإنتاج الفيديوهات لشرح الدروس، لذا فيمكن للمعلم الاستفادة منها بإضافة الانشطة الاثرائية والعلاجية، وتعزيز الدرس بالألعاب التفاعلية والأنشطة؛ لتثبيت المعلومة لدى لطالبات، إلى جانب إرسال الفيديوهات التي تتعلق بالدروس الجديدة، وتطبيق استراتيجية الصف المقلوب، كما أنها مفيدة لتسليم ومتابعة الواجبات اليومية.
منصة ذهبية
ويتشارك كل من الدكتور خصيب القريني، ومحمد الصوافي في التأكيد على تطبيق منصة التحضير الإلكتروني للكل من المشرفين والمعلمين حتى بعد عودة الطلبة إلى مقاعد الدراسة: فقال القريني: ناديت بتطبيقها أكثر من خمس سنوات، لما لها من فوائد لكل العاملين في الحقل التربوي، وتقديم إطار موحد لسير الدرس، فيتيح للمعلم الإضافة والإبداع على ما هو موجود، بينما قال الصوافي: لاقت تجربة توحيد منصة التحضير الإلكتروني الكثير من الدعم والتشجيع من المعلمين، فهي شاملة لجميع المناهج الدراسية، ونأمل أن تسهم في تسهيل مهام المعلمين في إعداد الدروس وتصميمها بكفاءة عالية، إلى جانب سهولة الاطلاع عليها من قبل المشرف التربوي، فهي فرصة ذهبية في استثمار الوقت والجهد والتركيز بشكل أكبر على تصميم الأنشطة الصفية، ومراعاة الفروق الفردية بين الطلبة، وتفعيل أدوات التقويم المختلفة؛ لرفع تحصيلهم الدراسي.
تطبيقات منوعة
والتقينا بعدد من الطلبة ليحدثونا عن تجربتهم في تلقي التعليم عن بعد، والمهارات التقنية التي اكتسبوها، فقال أبان بن سليمان الشقصي الطالب بالصف العاشر بمدرسة الشيخ إبراهيم بن سعيد للتعليم الأساسي بتعليمية محافظة الداخلية: التعلم عن بعد تجربة جديدة لي في هذا العام الدراسي، إلا أنها حققت الهدف من العملية التعليمية، وإيصال المعرفة لنا بطريقة سريعة وشائقة؛ لتواكب التقدم التكنولوجي، كما اكتسبت الكثير من البرامج الحاسوبية، وتصميم الملفات الصوتية، والصور الرقمية، كما عززت البرامج والتطبيقات المنوعة التي يطرحها موقع جوجل: "كجوجل كلاس روم، ودرايف، وجوجل ميت،.." فيني حب الاطلاع، وفهم الدروس، وفتح باب النقاش بيننا ومعلمينا.
تحسنت مهاراتي
وحول تعزيز الدروس الإلكترونية في التعليم عن بعد للمعرفة والتعلم الذاتي لدى الطلبة، قالت حفصة بنت ناصر الناصرية الطالبة بالصف الخامس بمدرسة درة الهاشمية بتعليمية محافظة جنوب الباطنة: كنت في السابق استعين بأخواتي للبحث عن معلومة ما في الانترنت، إلا أنه بعد تطبيق التعليم عن بعد تحسنت مهاراتي في البحث، لحل الواجبات والأنشطة والامتحانات، وإرسالها عبر المنصة التعليمية، كما أن مهارتي في الكتابة عبر جهازي اللوحي أصبحت أفضل وأسرع، واستطعت التواصل مع معلمتي عبر الدردشة في المنصة لفهم جزئية معينة في الدرس، أو في حال عدم وصول الرابط في الحصة المتزامنة، إلى جانب تواصلي مع زميلاتي لنتبادل المعارف والمعلومات بالدروس، إلا أني أود العودة إلى مقاعد الدراسة في أقرب وقت.
التحول الرقمي
وقال المثنى بن صابر الحربي الطالب بالصف العاشر بمدرسة كعب بن زيد للتعليم الأساسي بتعليمية محافظة مسقط، حول توظيف المهارات التقنية التي اكتسبوها: العالم يتجه نحو التحول الرقمي في كل مناحي الحياة، حتى في التعليم، إلا إننا نرجو العودة إلى مقاعد الدراسة والالتقاء بمعلمينا وزملائنا، فالمهارات التقنية التي اكتسبناها حتمًا ستفيدنا في دراستنا النظامية، فهي ستوفر علينا الكثير من الجهد والوقت في البحث، وحل الأنشطة، والواجبات المدرسية، والامتحانات، كذلك يمكننا الاستغناء عن الأوراق، كما يمكننا مناقشة المعلم عبر المنصة في حال تعذر مناقشته في الحصة.
مقترحات لدعم التعليم
وحول مقترحات أولياء الأمور في الاستفادة من المنصات التعليمية لدعم العملية التعليمية لأبنائهم، قال علي بن عبدالله المعلم، ولي أمر: ساعد التعلم عن بعد "جوجل كلاس روم، ومايكروسوفت تيمز" الطلبة كثيرًا في تلقي التعليم، وذلك بعد الرهبة التي كانوا يعيشونها في بادئ تطبيق التعلم عن بعد، هذا إلى جانب استغلال المعلمون لمواقع التواصل الاجتماعي للتواصل مع أولياء الأمور لمتابعة تحصيل أبنائهم، فالمنصة التعليمية باتت جد مهمة لنشر التعليم وتعزيزه حتى بعد عودة الطلبة إلى مقاعد الدراسة، لذا أقترح بتوفير الأجهزة لكافة المتعلمين وبأسعار مخفضة، كون أن البيت الواحد قد يكون فيه أكثر من متعلم، وتعزيز شبكة الانترنت، وتوفيرها في كافة أرجاء السلطنة ، مع إعطاء الطلبة الفرصة للتمتع بباقات إنترنت مخفضة بناء على المحتوى التعليمي الرقمي، إلى جانب تكثيف تدريب الطلبة معلميهم وأولياء أمورهم حول آليات استخدام تقنيات التعليم الإلكتروني، لاسيما وأن توجه السلطنة نحو حكومة رقمية.