حتى لا يتحول لصندوق تقاعد !

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٢٣/مايو/٢٠٢١ ٠٨:٢٢ ص
حتى لا يتحول لصندوق تقاعد !

بقلم : علي المطاعني

لا نبالغ إذا قلنا بأن صندوق الأمان الوظيفي ومع مرور الأيام سيتحول إلى صندوق تقاعد جديد ، يضم المسرحين من العمل ، وذلك وفقا للمؤشرات الأولية لموجة التسريح التي تتزايد يوما بعد الآخر ، عبر كافة أشكال الفصل والطرد الذي تمارسه بعض المؤسسات سواء بدواعي أو تلفيقات وتقارير غير صحيحة عن أداءها المالي وأوضاعها ، أو عبر سبر أغوار الجهات لتمرير الموافقات على التسريح كغيرها من الممارسات الخاطئة.

وعلى الصندوق ومن الآن وصاعدا رفع راية الإستعداد وأن يشمر عن سواعد الجد لتحمل التبعات المالية المترتبة على ذلك من خلال البحث عن مصادر مالية أخرى لمواجهة المستجدات في هذا الجانب خلال الفترة المقبلة.

للآسف فإن التسريح أضحى جزءا من مهام دوائر الموارد البشرية والقانونية في العديد من المؤسسات ، بل أن مؤشر آداء KPI الذي يقاس على معطياته آداء الموظفين تم إضافته في بعض المؤسسات لمسؤولي شؤون الموظفين والدوائر القانونية ، ليظهروا ذكائهم الفطري في إقناع الموظفين والجهات المختصة في الحكومة بالتسريح وتعديد فوائده وجدواه وعرض الإغراءات التي يسيل لها اللعاب للإنضمام لركاب صندوق التقاعد الجديد ، ففيه مغانم كثيرة يأخذونها بغير من أو أذى ، منها أن المسرح عن العمل سوف يستلم راتب لمدة عام بدون أي عمل يذكر ، فما أروعها من غنيمة ، وهي بذلك مزايا لا تصد ولا ترد ، عليه فإن شد الرحال إلى تلك الفراديس بات فرض عين لكل من يملك بصرا وبصيرة ، والمزايا ومن زاوية أخرى (مسكوت عنها) في شقها المالي المهلك والمضاف عبئا ثقيلا للصندوق ، والتوجه يضيف بالفخر كله أرقاما جديدة لطوابير المسرحين الباحثين عن عمل والذين (كان) لهم عمل ، هذا الطابور نضمه كإنجاز حضاري للطابور الأول والشهير والأصيل والمسمى (الباحثين الجدد عن عمل) ليمضيا في تواز إلى ظلام التيه والمجهول ، لتبرز في ثنايا هذا الظلام المشكلات الإجتماعية المنتظرة نتيجة الفراغ وقلة الحيلة ، مضافا إليها وخزات الآهات الصادرة من نياط تلك القلوب المحطمة ، هو الضياع بكل تجلياته يقف شاهرا سيف وجوده على رؤوس الأشهاد.

ولعل تصريح رئيس إتحاد عمال سلطنة عُمان بأن عدد المسرحين وفق إحصائيات 2020 تجاوز حاجز الـ 6.000 مسرح لم يعرض على أي منهم وظيفة خلال ستة أشهر لهو دليل قاطع على أن الموضوع يحتاج لمعالجة نوعية تسهم في إستثمار الطاقات البشرية والخبرات المؤهله القابعة إنتظارا مملا بين الجدران الأربعة عشما في ماء السراب ليروي ظمأ أولئك العطشى.

وبالقطع فإن هذه الأرقام ستتضاعف في غضون السنوات القليلة المقبلة إذ إستمر الوضع على ماهو وعليه ، بيد أن المؤشرات التي بأيدنا تؤكد على إنه سيمضى هكذا لخواتيمه الأليمة.

من البديهيات أن تحدث هكذا ممارسات في سوق عمل غير منظم أصلا ، وتشوبه الكثير من التجاوزات ، وتسيطر عليه التجارة المستترة بعد أن فشلت كل جهود إجتثاثها من الجذور ، فالتجارب الميدانية في سوق العمل علمتنا الكثير والمثير كإستغلال المزايا والتسهيلات التي تقدمها الجهات المختصة لتدقع بالسوق قدما للإمام ، غير أن البعض لايلبث أن يستغلها بنحو عكسي مفرغا إياها من أهدافها الإيجابية من بعد إنتهاك الأنظمة والقوانين والمقترن بضعف الردع طبعا ، على ذلك فإن صندوق (الأمان الوظيفي) لن يكون إستثناء وبمأمن من هذه التجاوزات ، ونتمنى أن تذهب رؤانا أدراج الرياح ، غير أن الواقع وهو الذي نعول عليه في رسم ملامح اللوحة يشير إلى ذلك فماذا عسانا نفعل.

أن أهم الحلول التي نراها تسمية لجنة من كل القطاعات المعنية ، لتبحث أوضاع المسرحين في الدولة ولتسريع عجلة إيجاد فرص عمل جديدة لهم في القطاع الحكومي أو الخاص ، وكذلك إيجاد مشروعات ذاتية يدلفون إليها كرواد اعمال في ولايات السلطنة ، بحيث تجتمع هذه اللجنة شهريا لتدارس أوضاع المسرحين والفرص المتوفرة وفقا لتخصصاتهم ومؤهلاتهم وخبراتهم.

ولابد من منح هذه اللجنة صلاحيات واسعة لتغدو قراراتها وتوصياتها واجبة التنفيذ ، فبعض المسرحين ممن يملكون خبرات في أي مجال عملي يمكن أن تفتح لهم مشروعات في ولاياتهم مع التسهيلات والتمويل المناسب ، إلى غير ذلك من أفكار يجود بها الجميع ولما فيه صالح أولئك النفر الكريم من مواطنينا.

بالطبع الجهود المبذولة في الحد من التسريح كبيرة ونقدرها عاليا ، وهناك ضوابط كثيرة للتسريح مفروضه نقر بوجودها ، ولكن أيضا هناك محاولات الإلتفاف عليها ماضية على قدم وساق.

نامل أن تعكف كل الجهات ذات العلاقة في أيجاد الحلول السريعة والناجعة لهذه المعضلة الإجتماعية فادحة العواقب إذ نتفق جميعنا أن الصندوق وبهذا الضغط الهائل عليه سينفجر قريبا مالم تتوحد الجهود وتنبري كل القطاعات لوضع الدراسات وإستنباط الحلول بأسرع وقت ممكن ، فنحن قد قدمنا جهدنا وفق طاقتنا ، وعلى الجميع أن يدلوا بدلوهم فالوقت ليس في صالح الجميع.