رواتب العمانيين في القطاع الخاص

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٢٤/أبريل/٢٠١٦ ٠٩:٠٥ ص
رواتب العمانيين في القطاع الخاص

حيدر بن عبدالرضا اللواتي
haiderdawood@hotmail.com

ما يزال أكثر من 30% من العمانيين العاملين في القطاع الخاص والمؤمن عليهم تترواح معاشاتهم الشهرية ما بين 325 ريال الى 400 ريال عماني شهرياً. وعدد هؤلاء العمال العمانيين يبلغ في حدود 64 ألف عامل من إجمالي عدد العاملين العمانيين والبالغ عددهم حوالي 210 ألف عامل، مشكلين ما نسبته 30.4% من الاجمالي وذلك وفق المؤشرات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات لشهر فبراير الفائت.
ومعظم الأجور في القطاع الخاص تبلغ اليوم ما بين 400 إلى 600 ريال عماني، حيث هناك مجموعة كبيرة من العمانيين يتقاضون هذه الرواتب، وهناك البعض ممن يتقاضى أكثر من 1000 ريال عماني بجانب عدد آخر صغير ممن تترواح معاشاتهم الشهرية 2000 ريال عماني، حيث لا يتجاوزعدد هولاء الأشخاص عن 8 آلاف عامل عماني. وهذه الأرقام تؤكد بأن الغالبية العظمى من العمانيين العاملين في مؤسسات وشركات القطاع الخاص ما زال يعملون في الإدارات السفلى، بينما الأعمال والوظائف الرائدة تدار من قبل القوى العاملة الوافدة التي تصل أعدادها اليوم في حدود 1.8 مليون عامل وافد.
وربما يرجع قلة عدد العمانيين في الادارة العليا في المؤسسات الأهلية إلى أسباب عدة منها عدم استمرارية بقاء العمانيين في أعمالهم لفترات طويلة ودورانهم السنوي الكبير، الأمر الذي لا يعطي فرصة لهم بالوصول إلى المناصب العليا، بجانب أن هناك مؤسسات تجارية أخرى تدار بالتجارة المستترة، وأن أصحابها يستبعدون المواطنيين من الوصول إلى المناصب العليا حتى وإن استمر لسنوات عديدة في العمل في تلك المؤسسات. فوفق تقرير الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية لعام 2014 فان عدد حالات انتهاء الخدمة في المؤسسات والشركات والتي تشمل الاستقالة وانهاء الخدمة والعجز والوفاة والنقل الى منشأة اخرى بلغت 54143 حالة منهم 42261 حالة للذكور و 11882 حالة للإناث حالة. وكانت الاستقالة تأتي في المرتبة الأولى حيث استقال 51252 عمانيا مشكلين ما نسبته 94.7% من الأجمالي، بينما عدد الذين من تم تسجيلهم في الهيئة في ذلك العام بلغ 67954 مؤمنا من الذكور والاناث.
وكما هو معروف فان أغلب العاملين من المواطنيين العاملين في القطاع الخاص يركزون في محافظة مسقط ضمن المحافظات العمانية الأخرى، حيث يبلغ عددهم حوالي 71 ألف عامل عماني، إلا أن منطقة الباطنة أصبحت اليوم تجذب أعدادا كبيرة أيضا بحيث بلغ عددهم في شمال الباطنة حوالي 39 ألف عامل عماني، وفي جنوب الباطنة بـواقع 20 ألف عامل، تليها محافظة الداخلية بواقع 25 ألف عامل ثم المحافظات العمانية الأخرى، الأمر الذي يؤكد بأن توزيع المشاريع الحكومية والاهلية، وتوجّه العمانيين في الأعمال الحرة في المحافظات والمناطق خارج مسقط يزيد من عدد الملتحقين بمؤسسات وشركات القطاع الخاص سنويا.
وهذه القضايا يتم بحثها على مختلف المستويات سنويا، وتشهد الجلسات نقاشات مستفيضة حول وضع القوى العاملة في القطاع الخاص والتحديات الأخرى التي تواجه الاقتصاد العماني والاستثمار ورجال الأعمال في البلاد. وجميع هذه القضايا تتعلق بالإجراءات الحكومية والتشريعات وقوانين وتنظيم سوق العمل، ودور القطاع الخاص في المرحلة المقبلة من حيث توظيفه للكوادر العمانية، وهل فعلا هذه الكوادر متوفرة وفق التخصصات التي تحتاج إليها المؤسسات والشركات. وهذا ما يجب الاهتمام به. كما أنه خلال هذه الندوات يتم طرح بعض الحلول والتوصيات وكذلك بعض البدائل التي يمكن تطبيقها على المستويين قصير وبعيد المدى. واليوم ونتيجة لتراجع أسعار النفط العمانية، فان الأمر يتطلب الاسراع في تنفيذ التوصيات التي تمخصت عن الندوات والفعاليات التي ناقشت هذه القضايا بصور عديدة لكي يتمكن القطاع الخاص من تنفيذ مشاريعه بصورة يمكن من خلالها توفير مزيد من فرص العمل للعمانيين .
ولا شك فيه فان أهم تحدى يواجهها القطاع الخاص ويتكرر في كل مناسبة هو ضرورة تبسيط الإجراءات الحكومية، وإعطاء صلاحيات مالية وإدارية للمحافظات، بحيث تتمكن كل محافظة من وضع خطة عمل ضمن السياسة العامة للدولة، وتحديد مدة زمنية لتنفيذ كل إجراء، وإنشاء محطة واحدة فاعلة لإنجاز كافة إجراءات رجال الأعمال والمستثمرين. وإذا كانت هذه القضايا ملحة وتحتاج إلى التغيير والتطوير فلماذا لا يتم البت فيها، والاستعانة بتجارب دول أخرى تمكنت من وضع خطط التشغيل الناجحة لها خلال العقود الماضية. هذه الأمور حتما ستؤدي إلى توفير مزيد من فرص العمل للمواطنين عندما يتم تطوير القوانين وإلزام الجميع العمل بها بما فيها فرض ضريبة على معاملات الوافدين، خاصة أولئك الذين دخلوا في جميع المجالات التجارية بطرق قانونية وغير قانونية، وأصبحوا منافسين للكثير من المواطنيين التجار والذين يعملون في الاعمال الحرة. فهناك توجد مجموعات من الوافدين تدعم بعضها البعض وتمارس الاعمال والأنشطة دون أن تلتزم بدفع أي ضريبة للجهات المعنية، اللهم تلك التي يتم فرضها في حالة استخراج المأذونية والبطاقة. الان يجب ضرورة التفكير وإعادة النظر في فرض ضرائب أخرى على العمالة الوافدة لتتمكن الدولة من استغلال تلك المبالغ في المشاريع المنتجة التي يمكن لها استقطاب المزيد من العمانيين للعمل فيها مستقبلا، مع السماح للمنشآت الخاصة باستقدام الأيدي العاملة الوافدة من الخارج في حالة عدم وجود الكوادر الوطنية لتخصص ما.