ماذا قال المشرع العماني بشأن التعامل مع الكيان الصهيوني ؟

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١٩/مايو/٢٠٢١ ١٠:٢١ ص
ماذا قال المشرع العماني بشأن التعامل مع الكيان الصهيوني ؟

الشبيبة - المحامي يحيى الغافري

كانت ولا تزال مواقف السلطنة تجاه القضية الفلسطينية العادلة تتجه نحو المناصرة والتأييد الكامل لاستعادة حقوق الشعب الفلسطيني وفقًا للشرعية الدولية .

ولم تكتف السلطنة بدورها السياسي و الاجتماعي تجاه القضية الفلسطينية بل تبّنتها في تشريعاتها وقوانينها واتجاهتها الفكرية و الإدارية واعتبرت إسرائيل دولة معادية و لم تتوان في مقاطعتها منذ فجر النهضة بالرغم من حاجة السلطنة في ذلك الوقت لتأييد الدول العظمى الداعمة لإسرائيل ولكن مبادئ السلطنة لا تُباع ولا تشترى، فقد أصدر السلطان قابوس بن سعيد _ طيب الله ثراه_ قانون مقاطعة إسرائيل في 26 يونيو عام 1972 م ‏رقم ( 9 / 72 ) مكونا من ( 13) مادة و الذي نص في مادته الأولى على : " يحظر على كل شخص طبيعي أو اعتباري أن يعقد بالذات أو بالواسطة اتفاقًا مع هيئات أو أشخاص مقيمين في الاحتلال الإسرائيلي ، أو منتمين إليها بجنسيتهم أو يعملون لحسابها أو لمصلحتها أينما أقاموا وذلك متى كان محل الاتفاق صفقات تجارية أو عمليات مالية أو أي تعامل آخر أيا كانت طبيعته وتعتبر الشركات والمنشآت الوطنية التي لها مصالح أو فروع أو توكيلات عامة في إسرائيل في حكم الهيئات والأشخاص المحظور التعامل معهم .

و قد رتبت المادة السابعة من هذا القانون عقوبات على من يخالفه على حسب نصوص العقاب الجزائية المستعملة في ذلك الوقت حيث نصت على : " يعاقب كل من خالف أحكام المواد الأولى و الثانية و الثالثة بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة لا تقل عن ثلاث و لا تتجاوز عشر سنوات و يجوز مع الحكم بالأشغال الشاقة الحكم بغرامة لا تتجاوز خمسة آلاف ريـال سعيدي. "

مع ملاحظة أن عقوبة الأشغال الشاقة لم تعد تستعمل اليوم في السلطنة. 

هذا و قد جاء في المادة رقم ( 12 ) بأن ينشأ مكتب بوزارة الاقتصاد آنذاك باسم مكتب مقاطعة إسرائيل يختص بمتابعة تنفيذ أحكام قانون مقاطعة إسرائيل. 

ولم تتوقف التشريعات والقوانين التي تسير في هذا الاتجاه، فمنها المرسوم السلطاني 44/2015 بالتصديق على الميثاق المعدل لمنظمة المؤتمر الإسلامي وقد جاء في مادتة الأولى من الفصل الأول في البند الثامن " دعم الشعب الفلسطيني وتمكينه من ممارسة حقه فـي تقرير المصير وإقامة دولته ذات السيادة وعاصمتها القدس الشريف والحفاظ على الهوية التاريخية والإسلامية للقدس الشريف وعلى الأماكن المقدسة فيها " .

إن مسألة التضامن مع القضية الفلسطينية هي مسألة شعبوية حرة فهي قضية وجدانية شعورية تنطلق من البواعث العقدية و الاجتماعية و القومية و الإنسانية ، و هي في إطار حرية الرأي والتعبير عنه و بقدر ما يتيحه القانون من مساحة فيمكن للجماهير التعبير عن آرائها ووجهات نظرها في مواقع التواصل الاجتماعي و في مختلف الميداين ، فقد أصبحت القضية الفلسطينية قضية إنسانية. 

و قد نلاحظ اليوم في مواقع التواصل الاجتماعي وفي الوقت الذي يتعرض فيها الشعب الفلسطيني الشقيق لعدوان غاشم من قوات الاحتلال الإسرائيلى فإننا نلاحظ مع الأسف بعضا من المنشورات و التعليقات المسيئة و التي تستفز مشاعر الناس تجاه القضية الفلسطينية و تدعوا إلى التهوين من القضية أو الاستخفاف بالأرواح الطاهرة بل قد تتمادى إلى التعاطف مع إسرائيل ؛ صحيحٌ أنه لا يوجد نص تجريم لمجرد إبداء رأي مخالف حول القضية ، و أن السلطنة دولة نظام يكفل الحريات الفكرية ، إلا أننا نرى أنه إن رُصدت و ثبتت تصرفات مخالفة للقانون بغرض إثارة الرأي العام أو تكدير صفو النظام أو الإخلال به فهناك قوانين تعالج تلك الأخطاء منها قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات و قانون الجزاء العماني ، و في الحقيقة فإن تلك الآراء الشاذة قليلة جدا لا تكاد تُسمع ولا ينبغى أن تُضخم ، ولهذا فإن التضامن الشعبي الكبير تجاه القضية الفلسطينية سيبقى سيد الموقف. 

في الختام فإن قضية فلسطين و الأقصى هي قضية كل عربى و مسلم بل كل شريف في ربوع الأرض وهي قضية حقوقية لا تسقط بالتقادم فيجب على العالم اليوم أن يتحرك ضميرُه لإيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية ووقف الظلم والقهر عن هذا الشعب الأعزل .