مسقط - ش
في واحدة من المبادرات المجتمعية الرائدة في الجانب التثقيفي لمجابهة فيروس كورونا قدم المحامي المعروف خالد النجاشي صاحب ومؤسس مجموعة خالد النجاشي القانونية بالتعاون مع معهد سجى المتميزة محاضرة مؤخرا عبر برنامج "زووم" علي مدي يومين استمرت زهاء ساعتين جاءت بعنوان: "التداعيات القانونية علي المؤسسات الصغيرة والمتوسطة خلال جائحة كورونا" ، كان الهدف منها بث روح الأمل في هذه الفئة المهمة من المجتمع التي ضربتها جائحة كورنا في العمق حتي كاد العديد من رواد هذه الأعمال يخرجون من دائرة التنافس السوقي بسبب شدة وطأه هذه الجائحة علي أعمالهم ومؤسساتهم فجاءت هذه المحاضرة بمثابه بارقة أمل تلوح في نهاية هذا النفق الطويل من المعاناة لما حملته من بشريات وموجهات واجابات علي كثير من التساؤلات الحائرة.
في مبتدر المحاضرة بشر النجاشي بأن حكومة البلاد الرشيدة ممثله في حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- أولت شريحة رواد الأعمال وأصحاب المؤسسات الصغيرة كامل العناية والاهتمام فأمر جلالته فور استحكام هذه الجائحة وظهور بوادر تأثر هذه الفئة الهامة بسن تشريعات تقلل وتحد من أثار الجائحة علي هذه الفئة وتضمن عودتها إلى موضعها الريادي في قاطرة الاقتصاد الوطني ، ومن ثم تعرض المحاضر إلى لمحة عامة عن تاريخ الأوبئة وتأثيرها علي معاش الناس وبالتالي علي منظومة القوانين المطبقة مع التخصيص والتركيز علي اثار جائحة كورونا علي واقع العالم ككل.
ومن ثم ألقى الضوء علي الحلول والنظريات الاستثنائية التي حواها القانون العماني وامكانية تكييفها للحلحلة جزء من هذه الازمة الإنسانية وأجاب الأستاذ خالد النجاشي عن هذه النقطة بأن القانون العماني لم يغفل نظرية الظرف الاستثنائي ولكن لفت النظر الي ان نظرية الظروف الاستثنائية القانونية قد تكون قاصرة عن شمول كل اطراف الازمة وذلك لتعلق تطبيقها بزمان محدود ومكان معين وهو ما يجعل هذه الجائحة التي عمت وطمت وشملت كل العالم وتطاول زمن انقشاعها تخرج عن اطار تطبيق نظرية الظرف الطارئ كون جائحة كورونا أصبحت الآن واقع معاش لا يمكن وصفه بالاستثنائي فقد يتطاول امد هذه الازمة بأكثر من تصورنا لذلك لابد من ابتدار وابتكار نظريات قانونية جديدة تتماشي مع هذا الظرف وكل الظروف المشابهة.
كم تطرق المحاضر إلى القوانين والتشريعات التي بادر المشرع العماني الي سنها لتخفيف الوطأة علي عامة الشعب وأصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بشكل خاص مثل انشاء صندوق الأمان الوظيفي ومطالبة المؤسسات بعدم تسريح العمالة الوطنية وسداد رواتبهم واجورهم في مواعيدها وعلي صعيد المؤسسات الإنتاجية قدمت الحكومة برعاية وبتوجيه من صاحب الجلالة السلطان حزمة من التسهيلات والسياسات حتي تعين هذه الفئة علي اجتياز اثار الجائحة ولتعود هذه المؤسسات في المستقبل القريب اقوي عوداً واصعب مارساً ولتلعب دورها الطليعي في قيادة عجلة الاقتصاد الوطني , ومثال لهذه التسهيلات اصدار وزارة المالية توجيهات بأسناد المشاريع والاعمال التي تقل تكلفتها عن عشرة الاف ريال لهذه المؤسسات , كما قدمت المؤسسات الصناعية مدائن باقة من التسهيلات تضمنت منح حوافز لتعزيز الفرص الاستثمارية في المدائن الصناعية التابعة لها في كل من البريمي وعبري وثمرت وصور وفي أي مدينة صناعية يعلن عنها لاحقا وتشمل هذه التسهيلات الاعفاء من القيمة الايجارية لكافة المشاريع الجديدة تمتد الى سنتين على ان يليها تخفيض 50% من القيمة الايجارية للثلاث سنوات التالية وذلك للعقود المبرمة في المدة ما بين 2021م و2024م بالإضافة الي تخفيض رسوم ترخيص مزاولة تقنية المعلومات بنسبة 50% ولمدة عامين خلال المدة من يناير 2020م الي 31 ديسمبر 2022م للمشاريع القائمة والجديدة في واحة المعرفة بمسقط علاوة علي ذلك عدم احتساب أي غرامات تأخير عن دفع مستحقات مدائن عن الفترة 2020م الي 2021م كما قام بنك التنمية وصندوق رفد بتأجيل الأقساط علي القروض لمدة 12 شهر مع تمديد المدة وإلغاء الفوائد علي القروض خلال هذه الفترة كما نوهه المحاضر الي اعلان البنك المركزي بمنح مهلة لمدة 12 شهر وتأجيل سداد القروض والفوائد البنكية الي سبتمبر 2021م ورفع سقف التسليف والتسهيل للاقتراض للقطاعات المتأثرة وخفض نسبة رأس المال الوقائي والعمل علي إعادة جدولة القروض للتناسب مع ظروف المقترضين دون فرض رسوم لإعادة الجدولة.
وخرجت المحاضرة بحزمة من التوصيات أولاها تشديد المحاضر الأستاذ خالد النجاشي علي أن الكل يجب أن يعلم أن له دور كبير يلعبه لمجابهة أثار هذه الجائحة وأن الحل ليس منوط بالحكومة وحدها فهي لا تملك وفق قوله عصي سحرية لكشف هذه الغمة ولكن بتضافر وتعاون المجتمع بكل فئاته يمكن العبور إلى بر الأمان، كما أكد المحاضر على الدور المتعاظم الذي يمكن ان تلعبه الاخلاق والأعراف المستمدة من ديننا السمح في بسط روح التكافل والخروج من ضيق الانا الي سعة التراحم.
كما قدم المحاضر العديد من التوصيات لرواد الأعمال وأصحاب المؤسسات تتمثل في إعادة هيكلة الشركات والمؤسسات بما يوائم هذه المرحلة كتقليل المصاريف التشغيلية والتحكم في الصرف الإداري وإعادة التفاوض حول العقود المثقلة لكاهلها والتخلص من الإيجارات المرتفعة او تعديلها وتحجيم الترهل الإداري والصرف الاستهلاكي واردف الأستاذ خالد بضرورة التخلص من التزامات القروض بإعادتها جدولتها لدي البنوك والجهات المقرضة بما يناسب الوضع المالي للمؤسسة ووجه باللجوء الي الجهات الرقابية في حال تعنت او رفض الجهات المقرضة لجدولة الديون وفي حالة استعصاء الامر فلا حرج من اللجوء الي القضاء لإجبار هذه الجهات لجدولة القروض , وشدد الأستاذ النجاشي علي الجانب الأخلاقي وتحري المصداقية في البيانات التي تقدم لطلبات تأجيل القروض.
كما وجه الأستاذ خالد صوت نداء الي ملاك المؤسسات لتعلم مهارات إدارة الازمات والتوقف عن التباكي على الماضي والفرص الضائعة والسير قدما في انقاذ ما يمكن إنقاذه وعدم الجمود وابتدار الأفكار والمبادرات.
وأوضح المحاضر إلى أن هذه الأزمة صوبت النظر إلى وجود علل كبيرة في طريقة صياغة العقود من ناحية شده وطأتها في الالتزامات دون مراعاة لما يمكن ان يستجد من حوادث ومستجدات لافتاً النظر الي ضرورة الالتفات مستقبلاً الي التعامل بالعقود الذكية والمرنة التي تضمن نفاذ الالتزامات الطرفين دون ان يحل على أحد الأطراف غرم وغبن فاحش.
وطالب الأستاذ خالد النجاشي في خواتيم المحاضرة المؤسسات الرقابية بمزيد من الجهد في الرقابة وإلزام الجهات المعنية بما يسن من تشريعات وما يستجد من توجيهات. وتخللت المحاضرة العديد من الأسئلة التي قدمها الحضور اثرت النقاش والقت مزيد من الضوء على موضوع المحاضرة.
وتعد هذه المحاضرة ومثيلاتها من المبادرات التي يجب ان تثمن وتعكس للكافة للاقتداء وليأخذ كل فرد في هذا المجتمع كل حسب موقعة قفاز المبادرة ويدلي بدلوه ويرمي بسهمه في هذا الصراع الذي تخوضه البشرية ضد هذا الطاعون المقيت.