متى تُحذف الاستثناءات من القوانين؟!

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٠٥/مايو/٢٠٢١ ٠٩:٢٥ ص
متى تُحذف الاستثناءات من القوانين؟!

بقلم : علي المطاعني

لقد أثلج صدورنا جميعا رد وزير الإسكان والتخطيط العمراني على مكتب مجلس الشورى بأنه جمد كل الإستثناءات من الدور والقرعة وغيرها في العقارات الحكومية، وأن الوزارة باشرت بتطبيق جميع القوانين على المواطنين تحقيقا لمبدأ (المساواة في الحقوق والواجبات). وأنها - اي الوزارة- تعكف الآن على صياغة القوانين والتشريعات بما يضمن التطبيق الكامل لها، ‏فهذه الخطوات يجب أن تعمم على كل الأجهزة الحكومية وتشمل كل القوانين والأطر والتشريعات بحيث يحذف بند (الإستثناءات) من كل القوانين وعلى أساس أن هذه الإستثناءات هي أحد أخطر الأمراض الإدارية التي إستشرت في العمل الحكومي في الدولة وقد آن الأوان لإستئصالها وتسريع وإكمال الأنظمة إلكترونيا. بلاشك أن الإستثناءات هي قمة سنام الداء الذي ما إنفك ينخر في أوصال الجهاز الإداري للدولة تحت بنود (يجوز أو لا يجوز) ‏ويتعين على وزارة العدل والشؤون القانونية تقديم مشروع الغائها من كل التشريعات في الدولة كأحد أهم الأسس التي يجب أن ترتكز عليها عمد وأركان النهضة المتجددة وصولا للغاية المثلى وهي المساواة في الحقوق والواجبات إتساقا مع منطوق النظام الأساسي للدولة. إن بنود الإستثناءات من النظم والقوانين واللوائح الإدارية الداخلية لطالما كانت هي الثغرات التي يتسلل منها دخان الفساد الإداري لمفاصل الدولة ولمواردها وتعاملاتها الإدارية في الكثير من الجوانب كمنح التراخيص والإستثناءات من الأدوار والتوظيف وغيرها من الممارسات الخاطئة، وقد حان الوقت لأن تتقدم كل وزارة وجهة حكومية بتعديلاتها في القوانين واللوائح الخاصة بها متضمنة (حذف) الإستثناءات وذلك في مدة لا تتعدى الثلاثة أشهر لمجلس الوزراء لإعتمادها ولتغدو سارية المفعول ومن ثم الإعلان عنها في كل وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي. ان منح السلطات التقديرية للجهات والمسؤولين في القوانين كانت هي المدخل للجهات والوزارات لخلط الحابل بالنابل، فحدثت التجاوزات ومن ثم الإخفاقات في إدارة أملاك الدولة بالنحو الذي أفضى في نهاية المطاف للوصول لهذه القناعة الحتمية.‏ بل إن بعض البنود في النظم والقوانين ‏تتم صياغتها بنحو (مبهم) يحتمل التأويل والتفسير بعدة أوجه وبناء لمقتضى الحال، وفي هكذا صياغات يدخل الشيطان لمكاتب إتخاذ القرار شاهرا سيفه ليملي على الجميع ما يراه صوابا من وجهة نظره هو، وإذ كل وجهات النظر مقبولة ولاغبار عليها وحتى أن كانت وجهة النظر تلك (قرار) معيب وبنحو واضح وجلي، وهكذا يتم إستغلال الضبابية والغموض بنحو سليم!. من المؤسف جدا أن هذه الممارسات أوجدت ثقافة في الجهاز الإداري في الدولة أو أفضدت للوصول للمسمى كالح القسمات (الإستثناءات) أعنى، ويطلق عليه أيضا ومن زاوية أخرى مسمى (التجاوزات) كحق هلامي وشفاف يوظف بنحو خاطئ ويهدف للوصول للنقطة المشتعلة أبدا وهي (لا تطبيق للقانون) مع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قالها لنا بوضوح بأنه سيطبق القانون على إبنته الأثيرة فاطمة بقطع يدها إن هي (سرقت)، وذلك كان الدرس الأول والملهم على أن الإستثناءات شر وبيل بيد إننا لم نضع ذلك الدرس البليغ موضع التنفيذ الأمين إلا بعد أن إستفحل الداء ثم قتل. ‏في الواقع فإن الذي أرهق الجهاز الإداري للدولة وفاضل بين المواطنين بغير وجه حق، وأعطى (بعض) المسؤولين اليد العليا لنحر أملاك الدولة بغير بسم الله الرحمن الرحيم هو هذا الشئ، والذي نتج عنه كأمر طبيعي إمتعاضات واسعة النطاق نراها ناطقة في سحنات وجوه المواطنين، ونرى على بعد مرمى حجر من حيث هذا الوحش يسعى ثراء واسعا أصاب البعض فجأة وبغير مقدمات عقلية أو إقتصادية وذلك على حساب الوطن وثرواته وموارده. بالطبع نقر بأن كل القوانين في الدولة فيها ثغرات تأكيدا على حقيقة أن الكمال لله وحده، ومن هذا المنطلق فإن المراجعة والمتابعة والتمحيص والتدقيق هو أيضا نهج سليم في إطار السعي للوصول لأقرب نقطة ممكنة لشبه الكمال، وفي إطار هذه المراجعات نزيح عن طريقنا هذه الكلمة الكأداء وإذ هي معنية أصلا بكل المراجعات والمتابعات والملاحقات. نأمل أن نري كل الإستثناءات وقد حذفت من كل القوانين في السلطنة بأسرع وقت ممكن ليغدو هذا الإجراء المضئ علامة ساطعة في سماء نهضتنا المتجددة ومرتكزا أساسيا في التعاملات بشتى أنواعها بين المواطنين ولنفتح عبر هذه الباب الواسع مشاركة إيجابية من قبل الجميع لبناء الوطن وديمومة نهضته على أسس العدالة والمساواة.