أسواق العمل تترنح ..وقصور المعالجات المستمر

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٠٣/مايو/٢٠٢١ ٠٩:٣٨ ص
أسواق العمل تترنح ..وقصور المعالجات المستمر

بقلم : محمد محمود عثمان 

لا زالت أسواق العمل تترنح في جميع أنحاء العالم متأثرة بجائحة «كورونا» والاجراءات الاحترازية الصحية والاقتصادية المتباينة ، فلا الإجراءات الصحية واللقاحات ذات جدوى ، ولا الإجراءات الاقتصادية ايجابية أو كافية، وكلاهما من العناصرالمباشرة المؤثرة على أسواق العمل وعلى الاقتصاد عامة وعلى الأيدي العاملة خاصة لأنه مع الاحتفالات بأعياد العمال السنوية في شهر مايو من كل عام فإن لسان حالهم يقول بصوت مرتفع يتعدى العويل والصراخ : بأي حال عدت ياعيد *** بما مضى أو أمر فيه تجديد ؟ فالشركات لم تتمكن من الاحتفاظ بالأيدي العاملة مع عدم الوفاء بالتزاماتها وعقودها التجارية الخارجية المحلية ومنها دفع مستحقات الرواتب، في ظل استمرار الأزمة وتذبذب أسعار النفط ،وزيادة عدد القضايا ضدها خاصة مع زيادة الشركات المتعثرة والشركات التي تعلن الإفلاس، ما يؤكد استمرار قصور المعالجات الاقتصادية أو خطئها حيث لم تنجح حتى الآن في توجيه دفة الاقتصاد ودوران عجلة الإنتاج بدون التحوط من الآثار الاقتصادية السلبية المؤكدة ،ولا سيما في الدول التي لاتملك إمكانيات تقديم المساعدات للشركات والعمال خاصة في القطاعات الأكثر تضررا نتيجة الأزمة وتآكل المكاسب التي تحققها والتي لا تشجع الشركات على البقاء في السوق لأن تقارير منظمة العمل الدولية تؤكد وجود آثار دراماتيكية على القوى العاملة في جميع أنحاء العالم، بعد تقليص ساعات العمل التي بدأت منذ النصف الثاني من عام 2020، وبعد الاستغناء عن الأيدي العاملة وتسريح الملايين وتركهم بدون تعويضات وبلا غطاء تأميني كاف ،وخفض المرتبات بنسب تصل إلى 50% أو أكثر مع التأخير في صرفها لأكثر من شهرين، وعجز الشركات عن تسديد مستحقات الموظفين والعمال، وزيادة أعداد العاطلين في العالم بنحو 30مليون شخص، وهى أرقام كارثية ومخيفة لأنهم أصبحوا بدون دخل أو مصادر للرزق هم وأسرهم بالإضافة إلى التزايد المستمر في عدد المصابين بالمرض والوفيات حتى في الدول التي تتمتع بمنظومات صحية جيدة ، ويزداد الأمر سوءا في الدول غير القادرة على تجويد منظومتها الصحية ، وشركات الأدوية في صراع شديد ومستمر مع كورونا المتحور والأعراض الجديدة التي تظهر على المصابين ومع الآثار الجانبية التي يعلن عنها أو التي لم تكتشف بعد نظرا لقصر فترة الاختبارات المعملية والتجارب العملية التي تحتاج إلى سنوات حتى يمكن بعدها اعتماد استخدام هذه الأدوية واللقاحات بشكل آمن وصحي وبدون تخوف من المضاعفات الأمر الذي يزيد من القلق و الهلع والفزع الذي أصاب الجميع بلا تمييز، فلم تفكر السلطات إلا بالمواجهة الصحية فقط ، من خلال نظم صحية غير مستعدة لخوض هذه المواجهة التي فرضت عليها قسرا وبدون أن تعرف كيف أومتى ينتهي هذا الوباء ؟ وهذا يفرض واقعا مأساويا على القطاع الخاص، ويؤثر على مدى قدرة الشركات على الاستمرار في السوق لأنها بدأت المعاناة الحقيقية مع الموجات المتتالية لكورونا وما يتبعها من إجراءات احترازية ووقائية لم تهتم بضرورة المعالجة الكلية التي تحافظ على العناصر الأساسية للاقتصاد الكلي التي تمنحة القدرة على النمو، خاصة في أسواق العمل العربية لأن معظمها إن لم يكن جميعها ليس لديها خريطة بالأرقام الحقيقية للاحتياجات الفعلية من الأيدي العاملة والمهن المطلوبة وأعداد الأيدي العاملة الوطنية أو الأجنبية اللازمة لاستمرار العمل والإنتاج بمعدلات مقبولة لا تؤثر على النمو وعلى عمليات التنمية الاقتصادية وهذا يتطلب حماية الفئات الأكثر معاناة ومن ثم فإنه لعلاج ضعف العوامل الدافعة للنمو على المدى الطويل،علينا سرعة دعم إقراض الشركات للتصدي لنقص السيولة، بما في ذلك ضمانات القروض، وتأجيل السداد المريح والتصدي للتحديات المحتملة المرتبطة بارتفاع مستويات ديون الشركات، ومع احتمال ارتفاع حجم القروض المتعثرة، فسيكون من المهم تسريع إجراءات تسوية الديون المحلية، والحد من إجراءات التقاضي، للمطالبة بالإيجارات والوفاء بالشيكات وبخلاف ذلك على المستوى العربي علينا أن نسأل عن ما هو الجديد الذي تحقق للعمال في هذا العام ؟ ولكن المؤلم عربيا أن هناك غيابا تاما للنقابات العمالية غير القادرة حتى الآن على تقديم الرعاية التشريعية والاجتماعية التي تحقق الاستقرار والأمان للشركات وللعمال التي تنعكس على أسرهم وعلى المجتمع عامة، وكذلك فإن غرف التجارة والصناعة الممثل الشرعي للقطاع الخاص لا زالت تنتظر تدخل الحكومات، ولم تقترح أو تطرح رؤية ناجزة للمساهمة في الخروج من الأزمة وأصبح السؤال الأكثر الحاحا هو إلى متى ستظل قرارات الإغلاق الجزئية أو الكلية تلقي بظلالها على الناتج الاقتصادي على المستوى القطاعي، حيث تعاني القطاعات الاقتصادية الرئيسية من انخفاض حاد في الناتج، بما في ذلك التصنيع وتجارة الجملة والتجزئة والعقارات والأنشطة التجارية، ما يقودنا إلى منطقة مجهولة قادمة لها تأثيرات طويلة الأجل على الشركات والعمال وآفاق سوق العمل المستقبلية.