توظيف تقنية الاستشعار عن بُعد في دراسة بحثية على حشرة دوباس النخيل

بلادنا الأحد ٢٥/أبريل/٢٠٢١ ١٩:٣٧ م
توظيف تقنية الاستشعار عن بُعد في دراسة بحثية على حشرة دوباس النخيل
تقنية الاستشعار عن بُعد

العمانية - الشبيبة

تعد تقنيات الاستشعار عن بُعد أحد التقنيات الحديثة الفعالة في دراسة الموارد الطبيعية (تربة، ماء، الغطاء النباتي) والتعرف على أماكن تواجدها وخصائصها.

وتتيح هذه التقنية إمكانية مراقبة التغيرات التي يمكن أن تطرأ على مختلف الموارد سواء على المدى الزمني القصير أو الطويل في المساحات الشاسعة والتي تتطلب كوادر بشرية وموارد اقتصادية عالية.

  وبالتالي يمكن الاستفادة من تقنيات الاستشعار عن بُعد ونظم المعلومات الجغرافية في دراسة بحثية على حشرة الدوباس التي تصيب أشجار النخيل التي تمتد زراعتها في مختلف محافظات السلطنة.

ولحشرة دوباس النخيل جيلان في السنة وهما الجيل الربيعي الذي يمتد من مارس إلى نهاية مايو والجيل الخريفي حيث تنشط حشرات الدوباس خلال الفترة من نهاية أغسطس إلى شهر نوفمبر، حيث تقوم الحوريات بعد الفقس بامتصاص العصارة النباتية لتتغذى عليها وأثناء التغذي تتراكم العصارة النباتية على شكل ندوة عسلية على سطح أوراق النخيل أو على الزراعات البينية التي تتواجد أسفل النخيل.

وتعتبر الندوة العسلية المتراكمة أهم أعراض الإصابة بحشرة دوباس النخيل التي يمكن الاستدلال منها على وجود الإصابة ويمكن من خلالها تقييم شدة الإصابة.

ويتطلب برنامج المكافحة لحشرة دوباس النخيل تحديد مواقع بؤر الإصابة بحشرة دوباس النخيل والفترة الزمنية المناسبة لتنفيذ البرنامج، الذي يلزم معه القيام بمسوحات لمختلف زراعات النخيل المترامية من أقصى شمال السلطنة بمحافظة مسندم إلى محافظة ظفار، الذي يتطلب توفير فنيين متخصصين بأعداد كبيرة لحصر المواقع المصابة وقد يلزم زيارة متكررة لتحديد المواعيد المناسبة للرش.

بالإضافة إلى ذلك يلزم تزويد الطاقم بوسائل نقل تناسب ظروف جغرافيا السلطنة مما يعنى صرف مبالغ نقدية باهظة لتحديد مواقع الإصابة، كما أن نسبة الكفاءة في تقييم الإصابة تكون محدودة في المساحة حيث لا يتمكن المختصون خلال الزيارة من تغطية الموقع بأكمله الذي لا يتيح تقييم كل النخيل المصابة.

تقنية الاستشعار عن بُعد هي إحدى الوسائل التي يمكن من خلالها الحصول على معلومات من على سطح الأرض من دون أن يكون هنالك احتكاك مباشر بين السطح وبين جهاز التقاط البيانات.

وتختلف أجهزة الاستشعار باختلاف مصدر الطاقة المستخدم في تجميع البيانات وهي المستشعرات السالبة التي تعتمد على ضوء الشمس في تجميع البيانات والمستشعرات الموجبة التي تعتمد على مصدر اصطناعي تصدر من نفس جهاز الاستشعار في تجميع البيانات.

وتعتبر الشمس أهم مصادر الطاقة التي تنعكس على سطح الأشياء بأطوال موجية متفاوتة يتيح للعين المجردة من تمييز الأشياء وتحديد هويتها وهي الآلية التي تعمل عليها المستشعرات وهي قياس الانعكاس من على أسطح الأشياء لتحديد خصائصها وتحديد هويتها وهو ما يعرف بالانعكاس الطيفي الذي يمتد في مختلف الأطوال الموجية المرئية للعين المجردة أو غير المرئية مثل الأشعة الفوق بنفسجية أو تحت الحمراء وغيرها، لذا يتمايز الانعكاسي الطيفي من نبات إلى آخر من حيث الخصائص الفيزيائية والكيميائية أو الشكل.

ويمكن أن يحدث تغير أو اختلاف في الانعكاس الطيفي بتأثر النبات للإجهادات البيئية التي يمكن أن تحدث من خلال العوامل الفيزيائية مثل الحرارة أو الرطوبة وغيرها والعوامل البيولوجية من الإصابة بالآفات الزراعية مثل الحشرات.

 وهنا تأتي فكرة إمكانية استخدام تقنيات الاستشعار عن بُعد في التعرف على الإصابة الحشرية على النبات أو المحاصيل الزراعية.

وتم بالتعاون بين جامعة نيو انجلاند ووزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه تنفيذ دراسة بحثية ممولة من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار لدراسة إمكانية استخدام تقنية الاستشعار عن بُعد في تحديد أشجار النخيل المصابة بحشرة دوباس النخيل والتعرف على مختلف مستويات الإصابة حيث اعتمدت الدراسة على صورة تم التقاطها بواسطة القمر الصناعي WorldView-3 لمجموعة من قرى ولاية سمائل والصورة عبارة عن تسع صور تمثل كل منها حزمة ضوئية (طيف ضوئي) أربع منها تمثل الألوان التي يمكن تميزها بالعين المجردة وتعرف بالطيف المرئي (الأزرق و الأخضر و الأصفر والأحمر) وأخرى غير مرئية هي البنفسجي وثلاث صور تتبع الأشعة تحت الحمراء وتصل درجة الوضوح/الدقة المكانية فيها لـ 2متر و الصورة البانكروماتية والتي تسجل بيانات انعكاس الأشعة فوق البنفسجية بدرجة دقة مكانية تقدر بنصف متر، كما تم تجميع بيانات الإصابة في زراعات النخيل التي تم التقاط الصور فيها عن طريق تقييم شدة الإصابة بحشرة دوباس النخيل في عدد الأشجار مع تسجيل إحداثيات كل شجرة تم تقييمها، كما تم تصنيف بيانات الإصابة لأربعة مستويات هي منعدمة وضعيفة ومتوسطة وعالية. كما تم استخدام إحداثيات الأشجار التي تم تقييمها في الحقل لحساب الانعكاس الطيفي من كل حزمة طيفية (صورة من صور القمر الصناعي) ودراسة مدى الارتباط بين القراءات الحقلية وبيانات من صورة الأقمار الصناعية بالإضافة إلى مقارنة متوسط الانعكاس الطيفي لكل حزمة ضوئية مع مختلف مستويات الإصابة.

وأظهرت نتائج الدراسة وجود ارتباط معنوي جيد بين الإصابة وبين الحزم الضوئية التابعة للأشعة تحت الحمراء، كما أظهرت نتائج الدراسة وجود

تباين فروق معنوية لمتوسط الانعكاس في الحزم الثلاث الطيفية التابعة للأشعة تحت الحمراء بين مختلف مستويات الإصابة.

إن مؤشرات الغطاء النباتي هي عبارة عن طرق تحليل بيانات الاستشعار عن بُعد باستخدام معادلات رياضية تجمع بين حزمتين ضوئية أو أكثر، وهي من أكثر الطرق استخداما في مجال النباتات والذي يحتسب عن طريق نسبة الفارق بين نطاق الأشعة الحمراء ونطاق الأشعة تحت الحمراء مع إجمالي جمعهما مع بعض، لكون النباتات تتمير بامتصاص كمية كبير من الأشعة الحمراء وكمية قليله من الأشعة تحت الحمراء وتعكس كمية قليلة من الأشعة الحمراء في حين تعكس كمية كبيرة من الأشعة تحت الحمراء؛ لذا تم احتساب 32 من مختلف مؤشرات الغطاء النباتي ودراسة مدى ارتباطها مع قراءة مستويات الإصابة الحقلية حيت وضحت الدراسة وجود علاقة مع إجمالي المؤشرات التي تمت دراستها بالتالي يمكن الاستفادة منها في تحديد بؤر الإصابة بحشرة دوباس النخيل.

إن التصنيف الرقمي للمرئيات هي إحدى طرق تحليل بيانات صور الأقمار لتصنيف خلايا (بكسيلات) الصورة لمجموع نمطية بناء على المعلومات الطيفية (الانعكاس الضوئي مع كل أو مجموعة من الحزم الضوئية)، حيث تم استخدام المعلومات الطيفية لنصف الخلايا (البكسيلات) التي تمثل قراءة الأشجار الحقلية لتدريب الكمبيوتر أو برنامج التحليل لتصنيف باقي الخلايا في الصور لمختلف مستويات الإصابة، من ثم استخدام النصف الثاني من الخلايا (البكسيلات) التي تمثل قراءة الأشجار الحقلية لتقييم كفاءة التصنيف الذي قام به الكمبيوتر، ووضحت نتائج الدراسة أن كفاءة الكمبيوتر في تصنيف الصورة تصل 68% لمختلف مستويات الإصابة وتصل النسبة ل 94% في تمييز أو تصنيف مستوى الإصابة المنخفض.

وتشير نتائج الدراسة إلى إمكانية استخدام تقنية الاستشعار عن بُعد في مسح وتحديد مواقع الإصابة بـ حشرة دوباس النخيل والكشف عن مستويات الإصابة المبكرة بكفاءة تصل لـ 68%، ويلزم القيام بالمزيد من الدراسات البحثية لرفع كفاءة التعرف على مختلف مستويات الإصابة، وذلك عن طريق دراسة طرق تحليل مختلفة صور الأقمار الصناعية أو الاعتماد على فارق تغيير الانعكاس الطيفي على المدى الزمني أو استخدام أجهزة استشعار ذات حزم ضوئية أكبر التي تم استخدامها في الدراسة الحالية.