مدينة سمهرم وميناؤها التاريخي الضارب في عمق التاريخ

بلادنا الأربعاء ٢١/أبريل/٢٠٢١ ١٠:٥١ ص
مدينة سمهرم وميناؤها التاريخي الضارب في عمق التاريخ

مسقط - العمانية

 تُعد منطقة خور روري / سمهرم / من المناطق المهمّة للاستيطان البشري في محافظة ظفار في فترة ما قبل التاريخ.

وتقع مدينة سمهرم بمينائها التاريخي على بُعد 4 كيلومترات بالشرق من مدينة طاقة، وقد أدّت المدينة دورًا في تجارة اللبان مع موانئ البليد ومرباط وحاسك وهو ما أدّى إلى ازدهار الممالك القديمة عبر طريق القوافل من ظفار إلى شبوة ومأرب والبتراء وصولا إلى بلاد الرافدين ومصر وسواحل البحر الأبيض المتوسط الجنوبية وشرقا إلى الصين.

ويعود اسم المدينة سمهرم إلى اكتشاف نقوش على بوابتها ترجع إلى الألف الأول قبل الميلاد من قِبل البعثة الأمريكية عام ١٩٥٢م، إلا أن الحقائق التاريخية التي تم الكشف عنها عام 2000م أكّدت أنّ المدينة تأسست في الألف الثالث قبل الميلاد.

ويُعتقد أنّ الاسم كان لأحد الملوك الذين حكموا ممالك جنوب الجزيرة العربية قبل الإسلام، حيث من المرجّح أنه تولى زمام السلطة خلال القرن الثالث قبل الميلاد، هذا ما دلّت عليه العديد من القطع النقدية التي تحمل اسمه والتي وُجِدت تحت ركام المدينة أثناء حفريات البعثة الإيطالية خلال المُدة من ١٩٩٦ إلى ٢٠١٩م.

وسمهرم عبارة عن ميناء بحري تاريخي ارتبط اسمه بأماكن بعيدة وعديدة حول العالم مثل البحر الأبيض المتوسط ومنطقة الخليج وشمال عُمان والهند.

كما ساعدت الميزات الطبيعية والجغرافية للميناء والمدينة على الازدهار من خلال تجارة اللبان والذي يُستخرج من شجرة اللبان المنتشرة في منطقة النجد الممتدة خلف الجبال والمطلة على سواحل بحر العرب والمحيط الهندي.

وامتد تاريخ الاستيطان في مدينة سمهرم إلى فترات التاريخ الإسلامي، حيث كانت المنطقة المحيطة بها مأهولة، وتشير الفنون المعمارية إلى العهد الاسلامي، فقد وُجِدت مستوطنة كبيرة بها جدران تمتد من الأرض وهي تقع على الجزء الشرقي للتل البحري، وتحتمي المستوطنة بجدار من الطوب الحجري المصنع يمتد لـ 700 متر، وقد عاينت البعثة الإيطالية عددا من المباني المُحاطة بالسور وتم التأكيد على أنها سُكنت في العهد الإسلامي بين القرنين الثامن والعاشر الميلاديين. وخلال عامي 2008 و2010م تمّ الكشف عن مبنى ديني جديد عبارة عن ضريح صغير ذي غرفة واحدة، وقد عُثر داخله على العديد من الأدوات الثمينة والمميزة كالمجامر والخزف والصفائح البرونزي وهو ما دلّل على استيطان المدينة في فترات مختلفة تاريخيا.

ولم تكن الأنشطة التجارية والدينية الوحيدة المكتشفة في مدينة وميناء سمهرم، فقد وجدت بها ورش صناعات متعددة كان يقوم بها سكان المدينة مثل الصناعات المعدنية والتي دلّلت عليها الأفران المنتشرة في مناطق مختلفة في المدينة.