من وحي الصيام و التكنولوجيا

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ١٩/أبريل/٢٠٢١ ٠٩:٤٦ ص
من وحي الصيام و التكنولوجيا

بقلم : خالد عرابي

"اللهم أني صائم" جملة نرددها كل يوم مرات وهذا شيء حسن ونوع من تذكير النفس بالصوم و أدق بتبعاته من الالتزام واتباع تعاليم صحيح ديننا الحنيف والبعد عن المفطرات بشتى أنواعها من قول أو فعل وعمل، ولكن وفي المقابل نجد أن بعضنا يقع حتى و لو عن غير عمد في بعض الهفوات البسيطة التي قد تجرح صومه ولذلك نرى يوميا العشرات من الواقف والملاحظات التي تحدث منا أو أمام أعيننا وقد تمر علينا مرور الكرام و لكنها في حقيقة الأمر تتعارض مع الصوم، وحتى بعيدا عن الصوم ، و لكن اليوم آثرت أن أعلق على بعض من تلك التي تأتي بسبب تعاملنا مع التكنولوجيا .

نجد أن البعض وكأنما يريد أن "يركن" إلى أي شيء وإلى أي حجة يدعى أنه يكسب من ورائها حسنات فطوال النهار والليل تصلنا عشرات الرسائل التي مضمونها هل فعلت كذا وهل قرأت ورد كذا، وهل صليت كذا، و تطالبنا أنشر كذا وكذا و ستحصل على عدد حسنات كذا، و تشعر و كأن من يرسلها ماسك بالورقة والقلم أو الآلة الحاسبة وهو يحسب لك إلى كم شخص ترسلها و بذلك تكسب كم ألف حسنة وهو كذلك سيكسب من وراء ذلك كم ألف حسنة وهكذا وهنا أقول: هل كل من يرسل "كام" رسالة سيكسب هذا الكم من آلاف الحسنات؟ ولو أن الأمر هكذا ما كان أحد منا "غٌلب" ولا أتعب نفسه لأن الأمور بسيطة، وهنا أقول: إنها الفعل لا بالقول .. يا ترى هل من أرسل هذه الرسالة قرأها شخصيا ليحصل على الأجر والثواب وهل فعلت بها؟ ..

صدقوني أعرف الكثيرون يرسلون تلك الرسائل ويحولونها مباشرة وبمجرد أن تصلهم دون أن يقرأوها فهل مثل هؤلاء يحصلون على هذه الآلاف والملايين من الحسنات وفق حساباتهم.

ومن تلك الأشياء أننا وفي ظل ثورة التكنولوجيا وبخاصة مواقع التواصل الاجتماعي من فيس بوك وتويتر وحتى واتس آب وغيره نجد أن البعض بفتح صفحات غيره ويفتش في الصور هنا وهناك وهنا أقول أليس في ذلك تتبع لعورات الناس أو تتبعه، وأنه قد لا يخلو الأمر من غيبة ونميمة إذا كان هناك شخص بجوار من يفتش في صفحات الآخرين و دار بينهما حديث حول تلك الصور وأصحابها.

نجد طوال اليوم عشرات بل مئات من الرسائل والنصوص التي ترسل وكل شخص يرسلها و كأنه هو من تفتحت قريحته وأنه من كتب تلك المعلومات وطبعا منها ما هو علمي أو ديني أو تاريخي أو غيره و لكن في حقيقة الأمر ما هو إلا ناقل لتلك المعلومات التي هو نفسه من نقلها لم يعرف مدى دقتها أو صحتها من كذبها و هنا أقول أليس في نقل معلومات دون أن تشير إلى مصدرها وأن تنسبها لنفسك سرقة وبعدها تقول : "أني أمرؤ صائم" ..

كرد فعل على السابق تجد أن من أرسل تلك المعلومات و نسبها إلى نفسه نسي أن المتلقى نفسه قد استقبلها خلال ثواني أو دقائق من عشرات الأشخاص وكل من أرسلها نسبها لنفسه وبالتالي تأكد المتلقي من عدم صدق من أرسلوها مع أنفسهم و أن كل واحد منهم نسب لنفسه مجهودا ليس بمجهوده ومع هذا و الغريب في الأمر أن المتلقي للرسالة هذا يرد على كل واحد و يقول له: بارك الله فيك، أحسنت أحسن الله إليك، لقد استفدنا كثيرا بعلمك ومعلوماتك، وهنا كأنه يشجعه على السرقة وهنا لا أملك أن أقول لكل من يفعلون ذلك سوى: "إني أمرؤ صائم " .