سترنا النهار وفضحنا الليل

مقالات رأي و تحليلات الأحد ١٨/أبريل/٢٠٢١ ٠٩:١٢ ص
سترنا النهار وفضحنا الليل

بقلم : محمد بن علي البلوشي

جرفت وسائل التواصل الإجتماعي كل ماتبقى لنا من صورة حسنة أو رائعة وقلبت بل ونسفت الصورة النمطية المأخوذة عنا أو التي نصورها لأنفسنا إلى مخلفات الإنجراف..فهل تحتاج عقولنا وصورتنا إلى إعادة حراثة؟..أقول نعم.وذلك من مهمة المناهج المدرسية وإعادة شحن عقول المعلمين والمعلمات وبناء خطاب جديد.هل تعرضتم للمديح عن صفاتكم..أخلاقكم..نقاء سرائركم وبساطتكم وهدوئكم..كلنا غرقنا في هذا الثناء.في ثناء الشخصية الشوفينية الوطنية.فالكل يعشق هذا الثناء ويثمل به يغرق فيه وبخاصة حينما ينهال الآخرون من حولك بكيل هذه المدائح..

ليس من أحد يتعلق بالثناء على الخلق والبساطة وأخذ كمية أخرى من هذه الكلمات كما كنا نتغنى بها..لا أحد مثلنا في هذا الخلق الذي فجأة تبخر وكأننا كنا قد اغلقنا بوابة الجحيم التي انزلق إليها الآخرون إلا نحن وفجأة فتحناها فابتعلت كل الصورة الحسنة عن ذواتنا..لنتحول بين ليلة وضحاها إلى شعب آخر من كوكب آخر.

تفجر بعض الجدل الإجتماعي عن أهم قصتين حاليتين وهما كورونا وماسببه الإغلاق من تداعيات..معظمها طالت القطاع الخاص واصحاب المشروعات الخاصة..والثانية عن ضريبة القيمة المضافة الجديدة وتداعياتها .إلى الترويج بالغلاء والفقر والتشرد والحالات المعسرة..عن مداخيل نفط ينبغي أن توزع في الشوارع..هذه الإصلاحات الإقتصادية ستنهي أيام البذخ والتشوه الإجتماعي الذي أوجده الرفاه الإستهلاكي واللعب بالنعمة في ظل الدعم غير المنطقي الذي توفره الدولة للجميع من مستحق وغير مستحق..تتوجه الدولة إلى إعادة بناء الإقتصاد وتغيير مسار بعض القواعد الإقتصادية والإجتماعية في البلاد من دفع العمانيين من مرحلة حضانة الدولة لهم إلى تحميلهم مسؤوليات اخرى مع تكفل الدولة بحماية الشرائح التي تستحق الحماية الإجتماعية..الشريحة العظمى من العمانيين لم تتأثر رواتبهم فهي تجري في مستقرها كل شهر..ليست مخفضة ولايستلمون نصفها.

في المرحلة الجديدة خففت الدولة بعض القيود على وسائل التعبير لإتجاهين..اولهما التفسير الجاهز والمعلب» امتصاص الغضب والكرب عبر تخفيف حدته بالتعبير «

وهو ما أنتج حالة واحدة يتساوى فيها الجميع « غياب العقل التحليلي الواقعي» وكنت آمل أن يقفز العقلاء على البلهاء..لكن الكل «ضاع بالطوشة» فصارت ألسنة الناس تقيح بالغث والشتم..

بعد أن كانت طيبة..يإلهي مالذي حدث لهذه اللافتات التي تباهينا برفعها امام شعوب الأرض..فجأة سقطت العناوين وسقطت الأقنعة عنا.هناك تفسير واحد..المصلحة..الأنانية..لتحقيق المساعي والمصالح الشخصية تحت شعارات واهية ينبغي التذرع بكل الوسائل للحصول على المكاسب..

ترى ماذا حل بنا..القصة بسيطة لقد فضحتنا وسائل التواصل..الذي كان مستورا ومتواريا عن الأنظار ولايعرفه الناس عنك من الأفضل أن تخبئه..لكن مايحدث حاليا هو صدمة مفاجئة.فبين ليلة وضحاها تحول الأغلبية إلى شتامين وبكائين بل وجاحدون وتفيض وسائل التواصل بالشتم واللعن والذم والسب والقدح وهات ماعندك من مرادف لهذه الكلمات وضعها في قاموس الفصاحة العماني.

لقد تعرى الساكن الهادئ واصبحت خطوطنا واضحة ومن نحن عليه.كنا نصدق الاكذوبة عن ذواتنا لكننا نكتشف حقا أننا تغيرنا كالمتاجرين بالدين وبثوبه ظلوا يحيطون أنفسهم بهالة من القدسية وبقي أن يركع لهم الناس بدلا من أن يسجدوا لرب العالمين.

يوم كان العالم متباعدا نعتقد أننا مركز الكون وان لا احد يضاهينا في هذه المركزية..حينما كانت تمطر فإن العالم كله يمطر وحينما يحل الليل فالعالم كله في ظلام دامس..وحينما نحزن فينبغي للعالم أن يحزن..لاتجري الحياة ولا الشخوص بنفس مانؤمن به ونعتقد. فاليوم نعيش سلوكا وتفكيرا اخر يكشف عن سوأة سلوكنا وكلماتنا والتشوه الأخلاقي الذي نعانيه..الكل تحول إلى جوقة من الشتامين..ليست هذه المصيبة..المصيبة الكبرى أنني على وسائل التواصل بت لا أفرق بين البسطاء والسطحيين والغوغاء والانتهازيين.

هؤلاء كلهم باتوا يتوالدون ويتكاثرون ويتناسلون فيما ينقرض العقلاء والقاعدة تقول إنه كلما كثر الغوغاء والسطحيون فإن من رحم ذلك يخرج العقلاء ليوجهوا بوصلة الغوغاء.

كيف تؤدي الحرية والإنفلات وتداعي القيود أن تنكشف على الملأ؟.إليكم الإجابة..» قلْ لي - ولو كذباً - كلاماً ناعماً..قد كادً يقتُلُني بك التمثالُ».