قرية مسلمات بين تناغم الحضارة القديمة والتنمية الحديثة

بلادنا الأربعاء ١٤/أبريل/٢٠٢١ ١١:٠٧ ص
قرية مسلمات  بين تناغم الحضارة القديمة والتنمية الحديثة

مسقط - العمانية

تتناغم أصالة الحضارة القديمة والمفردات البيئية الطبيعية ومقومات التنمية الشاملة والمستدامة في قرية مسلمات لتشكل لَبِنةً من لَبِنات ولاية وادي المعاول بمحافظة جنوب الباطنة.

وتُعدُّ القرية حلقة وصلٍ بين قُرى الولاية من جهة والولايات المجاورة لها من جهة أخرى نظرًا لموقعها وبيئتها وعراقة الماضي الموغل في القِدم والتنمية الشاملة والمستدامة التي حظيت بها في عهد المغفور له بإذن الله تعالى جلالة السلطان قابوس بن سعيد - طيب الله ثراه - وعهد جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه- من كهرباء وماء وطرق حديثة وإنارة واتصالات وعددٍ من الأسواق والمحلات التجارية إضافة لمجلس عام ومساجد كثيرة، وتقع الولاية في مكان قريب من مركز وادي المعاول الصحي وجمعية المرأة العمانية ومكتب الوالي والبلدية والسوق والمدارس التعليمية الحكومية والخاصة.

وأهل القرية فضلاء؛ فمنهم العلماء والفقهاء والأدباء والشعراء والكتّاب في حِقَبٍ متباينة سَطّرَ لهم التاريخ مكانة عالية منذ القِدم.

وتتوسط قرية مسلمات المساحات الخضراء من المحاصيل الزراعية المتنوعة وتكسوها الآثار الضاربة في عمق التاريخ العماني لِتظل شاهدة إلى يومنا الحاضر فتحكي فترات مشرقة في صفحات التاريخ، وتتصل قرية مسلمات من جهة الشمال بقرية المريغة في طريق داخلي بين المزارع أو عبر الطريق الرئيسي، ومن الغرب تحدها قرية الطويّة، وتجاورها من الشرق والجنوب ولاية نخل.

وتكثر بقرية مسلمات الآثار القديمة منها الحارات الأثرية والأبراج الشاهدة والمساجد الموغلة في القِدم وكان منها عدد من العلماء والفقهاء والمشايخ.

وقال الشيخ زهران بن سعود المعولي أحد سكان ولاية وادي المعاول إن من الآثار القديمة بالقرية حارة حجرة مسلمات أو حارة الحجرة حيث يحكي طابعها المعماري أصالة وقدرة الإنسان العماني القديم في الهندسة المعمارية القديمة والدفاعات المتنوعة والمكانة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية فظلت شاهدة على حقب مشرقة وتراث أصيل.

وأضاف: يحيط بحارة الحجرة قديمًا سور قديم وخندق مائي لتعزيز الدفاعات ضد الأعداء وبها عددٌ من الأبراج منها البرج الوسطي أو برج الحديث وبرج البومة والبرج الغربي وقد كانت تتميز ببعض النقوش القديمة ووجود المدافع الأثرية إلى جانب عدد من المنازل القديمة وسوق ومجالس ومدرسة لتعليم القرآن الكريم إضافة للجامع الأثري الذي بُني على الطابع المعماري القديم مرتفعًا عن الأرض قليلاً ويحوي مساحة للصلاة وصرح خارجي ومحراب قديم وبه نوافذ صغيرة وأربعة أقواس تقف على ثلاثة أعمدة وقد تم ترميمه وتقام الصلاة فيه، وتقع بجانبه بئر ماء.

وأوضح أن عوامل الطبيعة والحقب المتواصلة أثّرت على كثير من تفاصيل الحارة القديمة وسورها وأبراجها والخندق المائي للتحصين والدفاع حتى سقطت كثير من أجزاء السور الخارجي وطمست معالم الخندق المائي وكانت تظهر بالحارة قديمًا ثلاثة أبواب منها باب الصباح، وبها فلج يمر على الحارة كما توجد بها قديمًا سوق وعدد من المساكن والمحلات القديمة ولكن عوامل الطبيعة وعدم ترميم الحارة قد أخفى كثير من ملامحها.

وأضاف أن التاريخ يَذكرُ مكانةً عالية للقرية وأهلها وسكانها منها الأئمة والعلماء والشعراء والمشايخ أمثال الشيخ عبدالله بن سعيد الخليلي والد الإمام محمد - رحمه الله - حيث بقي بها فترة من الزمن والشيخ عبدالعزيز بن محمد الرواحي وابنه فضيلة الشيخ العلامة سيف بن عبدالعزيز الرواحي (ت 1412هـ) فقد كان قاضيًا في عهد الإمام محمد بن عبدالله الخليلي وفي عهد السلطان سعيد بن تيمور وبداية النهضة المباركة وله العديد من المؤلفات القيّمة والمكاتبات والرسائل القديمة.

وتابع أن من العلماء التي تذكرهم القرية الشيخ محمد بن شامس الرواحي (ت1360هـ) وهو أحد علماء النصف الثاني من القرن الثالث عشر الهجري والقرن الرابع عشر الهجري وله دور في الحفاظ على خزانة الشيخ سيف بن سعيد المعولي الوقفية والكتب الموقوفة ببلدة مسلمات ورفدها بالكتب القيمة كأحد وكلائها.

وأشار إلى أن القرية وأهلها اتصلوا بعلاقات وطيدة بالإمام محمد بن عبد الله الخليلي رحمه الله وتؤرِّخ الكتبُ الكثير من التفاصيل حول ذلك وغيرهم الكثير ممن حوت أمهات الكتب العمانية والمراجع والمصادر سِيَرَهم وحياتهم.

تجدر الإشارة إلى أن ولاية وادي المعاول هي إحدى ولايات محافظة جنوب

الباطنة يربطها من الشمال بولاية بركاء طريق مزدوج وحديث كذلك من

الشرق والجنوب الشرقي مرورًا بولاية نخل وتحدها من الغرب ولاية

الرستاق ومن الجنوب الغربي ولاية العوابي ومن قرية اللاجال في الاتجاه

الشرقي يمكن الوصول لولاية السيب ومحافظة مسقط.

 وتعد حارة السفالة أو حارة الورود شعارًا لها وقد تم ذكر الولاية وعدد من

القرى وعلمائها ومشايخها في كثير من الكتب والمؤلفات ويزورها السياح

من داخل وخارج السلطنة لما تتمتع به من تنوع جغرافي وسياحي

واقتصادي.