شهر المواساة

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١٤/أبريل/٢٠٢١ ٠٩:٤٧ ص
شهر المواساة

بقلم : محمد الرواس

روي عن الرسول عليه الصلاة والسلام أنه قال : من أقال عاثراً من عثرته ، أقال الله عثرته.

شهر رمضان المبارك ، شهر المواساة والرحمة والتراحم بين أفراد المجتمع من أجل ان يبقى الوطن محصناً بالمنفعة والصحة وبأعمال البر والأحسان ، وحتى لا يعتقد احد أن المواساة هي من أعمال الانفاق فقط التي يعمد اليها الاغنياء لسد حاجة جماعة من الناس ، أو قضاء حوائج الفقراء المؤقتة ، أو إجابة محتاج لحاجته ، فإننا نقول ان هؤلاء لديهم قصور في فهم المواساة، حيث ان المفهوم الأسمى للمواساة بين أفراد المجتمع يتمثل في اتباع سلوك مكارم الأخلاق بالتعاون ، والتواصل بالكلمة الطيبة ، والتكافل بسد احتياج المعسر، والمشاركة والمساهمة بالمال ، والخدمة ، والنصيحة ، كي تصبح نظرة الجميع للجميع متساوية لبعضهم البعض ، ففي حالة تطبيق المواساة بمفهومها الحقيقي فالكل واحد تصديقاً لقول المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدّ بعضه بعضا وشبك اصابعه « فالمواساه عبارة عن جملة أعمال منها اطعام الطعام ، والطمأنينة على اخوك المسلم ، والنصح له ، وزيارته عند مرضه ، ومده بالمال عند حاجته .

وتبلغ المواساة تمامها وأعلى درجات رقيها عندما تصل الى مرتبة الإيثار، والسلوك النبيل الذي يدعو الى التقاسم والتعاون حتى لا يلحق المجتمع ضرر بإذن الله تعالى حيث يتكافل أفراد المجتمع امتثالاً لقوله عزوجل في محكم التنزيل « ويُطعمُون الطعام على حُبِه مسكيناً ويِتيماً وأسِيرا « وهي احدى وسائل المؤاساة العملية ، وتكون المواساة عبر اسداء العون والمساعدة مع الحفاظ على مشاعر من يحتاجها وعدم جرحها ، فهي قول معروف وصدقة لا يتبعها اذى.

والمواساة في مجملها وضعتها السيدة خديجة رضى الله عنها في هذه الجملة الجامعة الشاملة التي قالتها بمكة للرسول عليه الصلاة والسلام تواسيه « إنك لتصل الرحم ، وتحمل الكل ، وتكسب المعدوم ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق»

وانطلاقاً من الآداب المباركة لديننا الاسلامي الحنيف والسلوكيات التي نادى بها المولى سبحانه وتعالى من فوق سبع سموات ، وجسدها لنا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قولاً وفعلاً ، فإن الواجب منا ترسيخ هذه القيم عبر مواساتنا لبعضنا البعض بالتكافل الاجتماعي ، والتآزر والصبر على هذه المرحلة من الوباء ، واتباع تعاليم التوجيهات الصحية مما يجنبنا الضرر لبعضنا البعض ، حيث انه لا يجوز للمسلم ان يفعل شيئا فيه ضرر على العباد لا بالقول ، أو بالفعل وإن كانت فيه مصلحة لجماعة معينة ، خاصة اذا كان نتائج هذا الضرر تلحق أثارها بالمجتمع ككل .

حفظنا الله وإياكم وحفظ لنا جلالة السلطان هيثم بن طارق -أيده الله- سلطاناً كريماً مؤزراً ، ويحفظ لنا عُماننا الحبيبة من كل سوء ومكروه، وجعله الله شهراً مباركاً تجتمع فيه قلوبنا على حب بعضنا البعض ومواساة بعضنا البعض ، نقتسم من إناء التكافل بالسوية في السراء والضراء وحين البأس وفي الرخاء.