لماذا يــدوم الـوشم

أندرو جريفين - ترجمة: خالد طه

الوشم يدوم للأبد، لأن الجسم البشري يعتقد أنه يتعرض للهجوم عندما يقوم شخص ما بالرسم عليه.

إن عمليات الجسم المعقدة التي تحافظ على بشرتنا خالية من الإصابة هي نفس العمليات التي تسمح للحبر أن يعيش إلى الأبد في جلدنا.
ينبغي أن يكون من الصعب جدا على أي شيء أن يبقى في الجلد: فجلد الإنسان يتخلص من نحو 40,000 خلية جلدية في الساعة الواحدة، وهو ما يعادل نحو مليون خلية في اليوم الواحد. وأي شيء يتم رسمه على الجلد من شأنه أن يتفتت أو ينمحي تدريجيا. ولكن الوشم يتم عمله باستخدام مسدسات لإدخال الحبر من خلال الطبقة الخارجية للجلد إلى داخل أدمة باطن الجلد، وهي الطبقة العميقة من الجلد التي لا تتفتت ولا تفقد الخلايا. ويتم ذلك عن طريق دفع إبر صغيرة مرارا وتكرارا، بسرعة، فيتم دفع الحبر إلى عمق الألياف والأعصاب في طبقة أدمة باطن الجلد.
والدفع بقوة وبعمق في الجلد هو في الحقيقة جرح أو إصابة، ورد فعل الجسم على ذلك هو كما تتوقع منه عند الجرح أو الإصابة. فجهاز المناعة يرد على ما يعتبره هجوما بإرسال خلايا إلى الجرح والبدء في عملية ترميم الجلد وهذه العملية قد تبدو صادمة ومؤلمة، ولكنها في الحقيقة هي التي تسمح للوشم بالبقاء في الجلد هذه الفترات الطويلة.
هذه الخلايا، التي تعرف باسم الخلايا الأكولة الكبيرة، تنتقل إلى موقع الجرح وتبدأ في التهام الحبر الذي تم إيداعه هناك. وهناك خلايا أخرى وأجزاء من الجلد، مثل الخلايا الليفية اليافعة، تمتص حبر الوشم. ولكنها لا تستطيع أن تفعل أي شيء معه، وبذلك يبقى عالقا في تلك الطبقة وظاهرا من خلال الجلد. بعض الحبر يدخل في الطبقة العليا من الجلد، ثم بعد ذلك يتم التخلص منه كالمعتاد. وهذا هو السبب في أن عملية وضع الوشم تتضمن أيضا بعض الوقت للسماح للبشرة بالالتئام، حيث يستغرق الجسم من أسبوعين إلى أربعة أسابيع لكي يلتئم الجلد في البداية.
كما أن الجسم يواصل محاربة الحبر الأجنبي عنه في جميع مراحل حياة صاحبه. وهذا يعني أن الوشم سوف يتلاشى تدريجيا مع مرور الوقت، وهي عملية يؤدي إلى تسريعها أيضا بعض الأشياء الأخرى مثل ضوء الشمس.
ولكن يمكن مساعدة الجسم بعوامل خارجية للتخلص من هذا الحبر الذي يبدو دائما، حيث يمكن إزالة الوشم بالليزر الذي تصل أشعته إلى عمق الجلد وتقوم بتكسير أجزاء الحبر إلى جسيمات أصغر يمكن أن تحملها الخلايا الأكولة الكبيرة بعيدا بسهولة.

خدمة إندبندنت -