أوباما في البيت الخليجي لخفض التوترات الإقليمية

الحدث الخميس ٢١/أبريل/٢٠١٦ ٠٩:١٥ ص
أوباما في البيت الخليجي لخفض التوترات الإقليمية

واشنطن – ش – وكالات

شق الرئيس الرئيس الأمريكي باراك أوباما مسارات جديدة في السياسة الخارجية الأمريكية، حيث أبرم اتفاقية نووية مع إيران ودشن تقاربا مع كوبا، غير أنه يقوم هذا الأسبوع بزيارة لعدد من حلفاء واشنطن القدامى، بهدف بحث التهديدات المتنامية ابتداء بالإرهاب وحتى الاتجاه بانعزال واشنطن دوليا.

جولة وداع
ويبدو أن الرئيس الأمريكي الذي يجري جولة الوداع هذه، يسعى إلى خفض التوترات الإقليمية، لاسيما أنه حذر في اتصال هاتفي مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين أن سوريا تتفكك بسرعة، علاوة على تعثر محادثات اليمن للسلام، وتصاعد أعمال العنف والإرهاب في المنطقة.
البيت الأبيض ركز على إبراز أهمية العلاقة بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، نافيًا، في الوقت نفسه، أن تكون زيارة الرئيس باراك أوباما للرياض "مجرد فرصة لالتقاط صورة تذكارية بين المسؤولين السعوديين، والرئيس الأمريكي".
وقال البيت الأبيض إن أوباما سيبحث في السعودية تعزيز جهود مكافحة المسلحين، وملفي النزاع في سوريا واليمن، ومحاولة تلطيف أجواء العلاقات بين الحليفين التقليديين.
وشهدت الولاية الثانية لأوباما محطات تباين عدة بين الرياض وواشنطن، منها امتناع الرئيس الأمريكي في اللحظة الأخيرة في صيف العام 2013، عن توجيه ضربات لحكومة الرئيس بشار الأسد الذي تعد المملكة من أبرز الداعمين للمعارضة المطالبة برحيله، والاتفاق الذي توصلت إليه الدول الكبرى مع إيران، الخصم الإقليمي اللدود للسعودية، حول ملف طهران النووي، في صيف عام 2015.
وسعى البيت الأبيض إلى إبراز أهمية العلاقة بين واشنطن والرياض التي تعود إلى سبعين عامًا، نافيًا أن تكون الزيارة مجرد فرصة لالتقاط صورة تذكارية بين المسؤولين السعوديين، وأوباما الذي تنتهي ولايته مطلع السنة المقبلة.

مصالح مشتركة
وقال مستشار أوباما بن رودس "العلاقة كانت دائما معقدة (...) إلا أنه ثمة دائما قاعدة تعاون حول المصالح المشتركة، لاسيما منها مكافحة الارهاب"، وتأمل دول مجلس التعاون في زيادة الدعم العسكري الأمريكي.
وعشية بدء زيارة أوباما، وصل وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر إلى الرياض. وقال مسؤول أمريكي كبير على هامش الزيارة، إن بلاده تقترح على دول الخليج تكثيف التعاون في مجال الدفاع، خصوصا تدريب القوات الخاصة وتنمية القدرات البحرية لمواجهة نشاطات "زعزعة الاستقرار".
وتقول لوري بلوتكين بوغارت، الباحثة في برنامج سياسة الخليج في معهد الشرق الاوسط لسياسات الشرق الادنى في واشنطن، ان "مصدر القلق الرئيسي للمملكة العربية السعودية هو أن إيران تتدخل في شؤونها الداخلية، وتعمل مع معارضين لإضعاف الحكومة".
وقطعت الرياض علاقاتها مع طهران مطلع يناير إثر مهاجمة بعثات دبلوماسية لها في إيران من قبل محتجين على إعدام الرياض للمعارض السعودي نمر النمر.
ويقول الباحث في معهد كارنيغي فريدريك ويري "أعتقد أن الولايات المتحدة قلقة منذ مدة طويلة، من الطريقة التي يتصرف بها السعوديون في المنطقة. وهذا الرئيس (أوباما) عبر عن ذلك بطريقة مباشرة اكثر من الذين سبقوه".

11 سبتمبر
إلا أن التباين حول الملفات الإقليمية ليس نقطة الخلاف الوحيدة حاليا بين واشنطن والرياض. فالكونجرس الأمريكي يبحث مشروع قرار يجيز للقضاء الأمريكي النظر في دعاوى قد ترفع اليه، تطال الحكومة السعودية او مسؤولين، على دور مفترض لهم في احداث 11 سبتمبر 2001.
وأكد أوباما الاثنين معارضته مشروع القرار هذا. وأفادت صحيفة "نيويورك تايمز" الاسبوع الماضي ان وزير الخارجية السعودي عادل الجبير حذر من أن اقرار المشروع سيدفع السعودية لبيع سندات خزينة أمريكية بمئات بليون الدولارات، وسحب استثمارات من الولايات المتحدة.
كما يدور نقاش في الولايات المتحدة حول ما اذا كان يجب رفع التصنيف السري عن 28 صفحة من تقرير حوادث نيويورك وواشنطن الصادر عن لجنة تحقيق تابعة للكونجرس. ويعتقد ان هذه الصفحات تتطرق إلى أدوار محتملة لحكومات وكيانات اجنبية في الهجمات التي نفذها تنظيم القاعدة، وكان غالبية منفذيها يحملون الجنسية السعودية.
وتأمل الادارة الأمريكية في الا تؤثر هذه الخلافات على تركيزها الأساسي، وهو مكافحة المتطرفين خصوصا تنظيم داعش. والرياض جزء من التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن منذ صيف 2014 ضد التنظيم الذي يسيطر على مساحات من سوريا والعراق.
إلا أن السعودية منشغلة منذ مارس 2015، بقيادة تحالف داعم للحكومة اليمنية ضد المتمردين. وأفاد المتطرفون أيضا من هذا النزاع لتعزيز نفوذهم في اليمن.
وترى واشنطن أن حل النزاع في سوريا واليمن سيساهم في التركيز على مكافحة المتطرفين. إلا أن محاولات التوصل إلى حلول في هذين البلدين تواجه عقبات عدة، خصوصا هذا الأسبوع مع تعثر المفاوضات السورية في جنيف، والمباحثات اليمنية في الكويت.
على صعيد آخر، طالبت منظمة العفو الدولية في بيان، أوباما بطرح مسألة حقوق الانسان و"خنق" اصوات المعارضين في السعودية والخليج. وقالت إن "إسكات هذه الأصوات.. بات روتينا في دول مجلس التعاون الخليجي".

جولة دولية وقضايا كبرى
ومن الخليج والشرق الأوسط، يتوجه أوباما بعد ذلك إلى بريطانيا لإجراء مباحثات مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، ثم يقوم بزيارة للملكة إليزابيث الثانية، قبل أن يواصل جولته ليزور ألمانيا حيث يعقد جلسة مباحثات مع المستشارة أنجيلا ميركل، ويشهد فعاليات معرض هانوفر التجاري الدولي.
ومن بين القضايا الكبرى التي سيناقشها أوباما خلال زيارته لهذه الدول الثلاث التهديد الذي يشكله تنظيم داعش في العراق وسوريا، إلى جانب أوضاع أوروبا في أعقاب هجمات باريس وبروكسل.
وتأتي قمة مجلس التعاون الخليجي اليوم الخميس بعد عقد اجتماع لزعماء هذا التجمع الإقليمي مع الرئيس أوباما العام الفائت في منتجع كامب ديفيد الرئاسي، وحاول أوباما وقتها طمأنة الدول الخليجية في الوقت الذي كان يجرى فيه التفاوض مع إيران حول ملفها النووي.
ومن المقرر أن يتضمن جدول أعمال قمة مجلس التعاون الخليجي مناقشة قضيتي تنظيم داعش وإيران، ويروج البيت الأبيض بأنه تم تحقيق تقدم فيما يتعلق بالاستقرار الإقليمي منذ الاجتماع المشترك الأخير، مثل وقف إطلاق النار وطرح عملية سلام في اليمن، ووقف الأعمال العدائية في سوريا، وتشكيل حكومة وفاق وطني في ليبيا، غير أن المكاسب لا تزال هشة.
ومن خلف الستار من المرجح أن يضطر أوباما إلى إزالة التوتر في العلاقات مع السعودية في أعقاب الانتقادات التي وجهها مؤخرا إليها، ففي حديث صحفي أدلى به لمجلة أتلانتك الأمريكية اقترح أوباما أن تتشارك السعودية وإيران في المنطقة، وألمح إلى أن السعودية وبعض الدول الأوروبية " تحصل على الغنائم دون أن تشارك في الجهد " على المسرح الدولي.
وبعد أن يغادر أوباما الرياض متوجها إلى لندن، سيتعين عليه أن يسير على حبل مشدود فيما يتعلق بمسألة الاستفتاء الذي تعتزم بريطانيا تنظيمه حول البقاء داخل الاتحاد الأوروبي أو الخروج منه، وسيتضمن جدول أعمال الرئيس الأمريكي خلال المباحثات التي سيجريها بعد غد الجمعة مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون مناقشة هذا الاستفتاء إلى جانب عدد من القضايا الدولية ومن بينها تنظيم داعش ومكافحة الإرهاب والأوضاع في أفغانستان وأوكرانيا والركود الاقتصادي العالمي.
ويتمثل موقف البيت الأبيض في أن بريطانيا لديها دور قوي تقوم به داخل أوروبا الموحدة، مع التأكيد على أن الاستفتاء على الخروج أو البقاء في الاتحاد الأوروبي هو مسألة يقررها المواطنون البريطانيون وحدهم.

صوت الاتحاد الأوروبي
وقال بن رودس نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي "نعتقد أننا جميعا نستفيد عندما يستطيع الاتحاد الأوروبي أن يتكلم بصوت قوي وواحد، وعندما يستطيع أن يعمل معنا لتدعيم مصالحنا المشتركة سواء على صعيد الأمن أو الرخاء ".
وأضاف " إننا لا نريد أن نرى خروجا لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي يمكن أن يلحق الضرر في النهاية بالاتحاد ويزيد من التحديات التي يواجهها"، ومن المقرر أن يتناول أوباما طعام الغداء مع الملكة إليزابيث التي تحتفل هذا الأسبوع بعيد ميلادها التسعين، كما يتناول العشاء مع الأمير ويليام وزوجته كيت.
ويختتم أوباما جولته الخارجية بزيارة ألمانيا يوم الأحد المقبل، وتشمل الزيارة مرافقة المستشارة ميركل في افتتاح أكبر معرض تجاري وصناعي في العالم والذي يقام في مدينة هانوفر بوسط ألمانيا.
ومن المتوقع أن تتيح هذه المناسبة فرصة للزعيمين لبعث الحياة في مباحثات إبرام اتفاقية المشاركة عبر الأطلسي في التجارة والاستثمار، والتي من شأنها إقامة أكبر منطقة للتجارة الحرة في العالم حيث يبلغ عدد سكانها 800 مليون نسمة.
وهذه الاتفاقية التجارية المأمولة والتي تم التفاوض بشأنها بين الولايات المتحدة وأوروبا تراجعت مكانتها أمام اتفاقية تجارية أخرى بقيادة الولايات المتحدة وتشمل الدول الواقعة على سواحل المحيط الهادي، كما أن اتفاقية المشاركة عبر الأطلسي ليس أمامها فرصة قوية لتحقيق تقدم خلال عام انتخابات الرئاسة الأمريكية، خاصة وأن الحملات الانتخابية في الانتخابات التمهيدية كشفت عن أن معظم المرشحين الرئيسيين اتخذوا مواقفا قوية مناهضة لهذه الاتفاقية.
وقال هيثر كونلي الخبير بمركز الدراسات الدولية والاستراتيجية ومقره واشنطن " إن الوقت ليس في صالح أي طرف في الوقت الحالي"، وأشار إلى وجود نقاط مهمة " مجهولة " على خلفية اتفاقية المشاركة الأطلسية ليس في الولايات المتحدة وحدها ولكن أيضا في ألمانيا وفرنسا اللتين ستشهدان انتخابات العام المقبل.
ومن المقرر أن يبحث أوباما مع ميركل توسيع التعاون في مجال الاستخبارات ومواجهة الإرهاب داخل أوروبا بعد الهجمات التي وقعت فيها خلال الأشهر الأخيرة، إلى جانب مناقشة التحديات التي تشكلها أزمة المهاجرين الحالية.
وكان البيت الأبيض قد أشاد " بالشجاعة الهائلة والرؤية الثاقبة " لميركل حيال أزمة المهاجرين واللاجئين، غير أن الولايات المتحدة تركت إلى حد كبير الأوروبيين ليتعاملوا بأنفسهم مع هذه الأزمة، وبدلا من تقديم يد المساعدة أكدت الولايات المتحدة ضرورة التوصل إلى حل للمشكلات السياسية في سوريا، وركزت على مساعدة اللاجئين وهم لايزالون في دولهم بالشرق الأوسط.

*-*

العاهل المغربي يصل إلى الرياض للمشاركة في القمة المغربية الخليجية
الرياض – د.ب.أ
وصل إلى الرياض العاهل المغربي الملك محمد السادس، في زيارة رسمية للمملكة العربية السعودية، تدوم يومين، للمشاركة في القمة المغربية الخليجية التي تعتبر الأولى من نوعها، وتخصص لبلورة مواقف موحدة بخصوص القضايا الإقليمية.
ومن المقرر أن يلتقي العاهل المغربي مع الملك سلمان بن عبد العزيز قبيل عقد القمة الخليجية المغربية . واصطحب الملك المغربي خلال زيارته إلى الرياض وفدا رفيع المستوى، وتأتي هذه الزيارة بعد يومين من الاتصال الهاتفي الذي بادر به العاهل السعودي بالملك المغربي بحثا خلاله العلاقات الثنائية بين البلدين والموضوعات ذات الاهتمام المشترك، إضافة إلى استعراض التطورات على الساحتين الإقليمية والدولية.
وكانت وزارة القصور الملكية والتشريفات والأوسمة بالمغرب أعلنت في بيان لها مشاركة العاهل الملك محمد السادس في أعمال القمة المغربية الخليجية التي تعتبر الأولى من نوعها، وتخصص لبلورة مواقف موحدة بخصوص القضايا الإقليمية وإعطاء دفعة جديدة للشراكة الاستراتيجية بين الرباط ودول مجلس التعاون الخليجي بحسب ما أوردته الوكالة المغربية الرسمية.
ويرتقب أن ترتفع الاستثمارات الخليجية المباشرة في المغرب ، حسب اتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي، من 5 بليون دولار حاليا إلى 120 مليار دولار خلال السنوات العشر المقبلة.
وكانت المملكة العربية السعودية قدمت إلى المغرب عددا من المنح في شكل هبة لا تسترد، بمقتضى ثلاث اتفاقيات تمويل تصل قيمتها الإجمالية إلى 230 مليون دولار، والمنحة المقدمة من طرف دولة الإمارات العربية المتحدة بقيمة 1.25 بليون دولار في إطار المنحة الخليجية التي تبلغ 5 مليارات دولار على مدى خمس سنوات.