بقلم : علي المطاعني
البعض للأسف يشخص الأمور ويطعن في الشخوص بدون وعي لماهية الكتابة وأخلاقياتها المهنية كأي مهنة من المهن لها أخلاقيات ومثل ومبادئ، فتشخيص الأمور وإلقاء اللوم على وزير الصحة سواء في تزايد أعداد الإصابة بفيروس كورونا أو عدم الإلتزام بالضوابط والتعليمات أو شراء اللقاحات وغيرها من الجوانب وبدون الافصاح عن لماذا وكيف، نحسبها سقطة مهنية فادحة العواقب.
علينا الإقرار هنا بأن المسألة في مجملها ليست مسؤولية وزير أو لجنة فحسب بقدر ماهي مسؤولية مجتمع بأكمله، فالفرد يتعين عليه محاسبة نفسه قبل غيره في مثل هذه الظروف والأزمات التي يلعب فيها الوعي دورا محوريا في الوقاية من أي مرض أو عارض ما، وذلك قبل شراء اللقاحات أو غيرها، فالوزير فرد من أفراد المجتمع الكبير، على ذلك ليس باستطاعته أن يعمل كل شيء وأي شيء بمفرده، وليس باستطاعته وفق هذه الصفة البشرية الفردية ملاحقة ومتابعة كل فرد في السلطنة، وليست من مسؤولياته أن يعمل بالإنابة عن الجهات الأخرى في الدولة، ولن يستطيع بالطبع أن يسيطر على سلوكيات خاطئة تمارس خفية وفي الظلام في إطار التحايل على القرارات أو تعمد تجاوزها ولا يستطيع أن يطبق أو يشرف على كل القرارات التي أصدرتها اللجنة.. فالأزمة الصحية الراهنة أرهقت حتى الدولة العظمى بإمكانياتها الهائلة علميا وإقتصاديا، ولم تستطع تلك الدول وقف زحف كورونا على عواصمها ومدنها وقراها فتناهت إلينا هنا أصوات إستغاثتها وعويلها طالبة النجدة والمدد والعون..فوزير الصحة يعمل بكل طاقته وصلاحياته في تجنيب البلاد والعباد شر هذا الوباء، فمن البداية ينادي حتى بح صوته بالوعي والالتزام بالتعليمات باعتباره هو الأساس، وان مسؤولية الفرد في وقاية نفسه ومجتمعه هي الفيصل في كل الأحوال وان المجتمعات التي تقل فيها الإصابات يدل على تطورها ووعيها وحرصها، ويتابع الأعمال المرتبطة بالأزمة من كافة الجوانب، وعلى كل الجبهات لمراعاة الأبعاد الاقتصادية للازمة والخارجية في التعاطي مع المنظمات المعنية ومتابعة شراء اللقاحات إلى غير ذلك فهو يعمل على كل الموجات من أجل سلامة المجتمع، فلا يمكن أن يأتي البعض يطعن في جهوده وما يبذله بتنامي الاعداد من كورونا نتيجة للعديد من الأسباب لعل من اهمها عدم الإلتزام. فلا يمكننا ونحن نرى ضخامة الجهد المبذول أن ينبري أحدهم ليطعن وببساطة في تلك الجهود، فالمنطق والعقل وأدبيات الحوار والكتابة على إختلافها لا تجيز لنا إلقاء اللوم بدون مبررات منطقية وعلمية، وبدون أن ينبري أحدهم ليحمل المجمتع المسؤولية الكاملة لرفضه الإنصياع للتعليمات والتوجيهات الواضحة وضوح الشمس منتصف النهار..لنسال أنفسنا ماذا يفعل وزير الصحة مع الجهات التي لم تلتزم بتطبيق قرارات اللجنة العليا المكلفة بمتابعة تأثيرات فيروس كورنا، وهل ينبغي على معاليه أن يقوم بضبط المخالفين وإحالتهم للجهات العدلية المختصة، وهل يتعين على الوزير الطواف على حفلات الأعراس والمناسبات المختلفة ليفض سامرهم وليبلغهم بأن الأحوال الصحية لا تسمح بهكذا تجمعات، لم يطرح أحد على نفسه هذه الأسئلة وليحاول إستنباط إجابات عليها، كل الذي تم فعله وقوله أن وزير الصحة لم يوفق في إدراة الأزمة، أما كيف ولماذا فلا أجابة..كما أن بعض الأصوات والتغريدات ألقت اللوم كاملا غير منقوص على اللجنة العليا وأتهمتها صراحة بالإخفاق في إدارة الأزمة، غير أن تلك الأصوات ولتغدو إيجابية كان عليها أن تحدد النقاط التي فشلت فيها اللجنة العليا، نقطة نقطة، وفي المقابل تحدد الإقتراحات البديلة إقتراح بعد إقتراح، فسهل جدا أن نلقي اللوم، غير إنه صعب جدا أن نقترح البدائل والحلول، هو نفسه الفرق بين البناء والهدم، البناء يكلف زمنا وجهدا كبناء عمارة من عدة طوابق، قد يستغرق البناء أعواما، ولكن هدم هذه العمارة قد يكلف ساعة واحدة فقط، هذا هو الفرق بين التأصيل والتنظير، وما يحدث في الساحة الآن هو تنظير فقط لن يعدو أن يكون زبدا سيذهب جفاء، أما ما ينفع الناس فهو الذي يمكث في الأرض.
أما بشأن اللقاح فالوزير مابرح يرسل إشارات واضحة بين الحين والآخر حولها ويوضح قدر طاقته كل الملابسات التي تحيط بها، والتسابق العالمي للحصول عليها وكل ملابسات الشراء وعدم إلتزام الشركات المنتجة بمواعيد التسليم في ظل الضغوطات من كل دول العالم عليها وإشكالات توفر السيولة النقدية، ولعل آخر تصريح لمعاليه قال فيه بأنه سيتم توفير 2.5 مليون جرعة في أغسطس 2021 هذا إذا أوفت الشركات بوعودها، وأن هذا الجهد يأتي بتبرع من جلالة السلطان المعظم وبعض أصحاب الأيادي البيضاء الممدودة في جنح الظلام، وذلك يؤكد على جهد يبذل وإستماتة في الحصول على الجرعات ومع هذا فالوزير مقصر !!..
نأمل أن لا ننساق خلف الشائعات التي تمور بها الأسافير، فالكلمة أمانة ومسؤولية أخلاقية، فتغريدة غير مسؤولة يطلقها البعض بغير تدبر أو تفكير قد تخلف عواقب وخيمة وقد تلحق الأذى المحرم بأبرياء ومصلحين لايستحقون إلا الخير لا الأذى مصداقا لقوله تعالى في سورة ق (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) صدق الله العظيم.. فالكلمة مسؤولية وأمانة، راجين في ذات الوقت من الزملاء الترفع من هكذا صغائر وأن نتقي الله قبلا وبدءا عندما نكتب وعندما ننطق فاللسان خطير كما نعرف ونعلم.