محمد بن علي البلوشي
دحرج شاب عماني أسمه سلطان قصة حدثت له على مسامع الرأي العام..تتمثل في ماقال سلطان أنه تعرض للتعذيب ظلما وحتى لايترك مجالا للتشكيك في روايته أو قصته أظهر بعض آثار التعذيب كما انه اورد أسماء أشخاص هم من قاموا بذلك مع إيراد بعض الكلمات التي كانت تلقى على مسامعه في جلسات التحقيق معه-كما يقول- ومع ذلك فقد اختتمت هذه القصة نهايتها ببرائته من عدالة المحكمة.
يظهر سلطان في الفيديو شابا هادئا جدا..غير شرس..عاطفي ومتألما ومحبطا وكما يقول فقد احتمل الألم لحوالي 4 سنوات...ومع انتهاء القضية تحرك سلطان للتظلم عما حدث له فأخ عدة مسارات أولها نحو القصر وتسليم رسالة تظلم للسلطان الراحل -طيب الله ثراه- في منح ثم طرق مسارا اخر وهو الإتجاه إلى الادعاء العام ومحاولات الإلتقاء بمعالي المفتش العام..وبقية التفاصيل معروفة.
بعد الفيديو الذي نشره عن قصته أصيب الرأي العام بالصدمة من تفاصيل الاحداث التي يرويها هذا الشاب ..فحظي سلطان بتعاطف شعبي كبير من قبل المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي مما استدعى بجهتين حكوميتين للتدخل أولهما شرطة عمان السلطانية وهي مؤسسة امنية مبنية على أسس حديثة وقوية ويشهد لها الكل بإنضباطها وهيبتها وتعامل أفرادها مع المجتمع بهيبة القانون وقوة النظام واداب التعامل. والجهة الثانية اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان التي قالت أنها ستتابع ماحدث للوقوف على الحقيقة.وهما امرين ملفتين ومهمين ويثبتان عدة عناوين من هذه القصة.
أخبرني مسؤول وأثق في كلامه كالتالي" التعذيب ممنوع" بامر من جلالة السلطان الراحل طيب الله ثراه وهو امر لايمكن أن تتجاوزه مؤسسات الدولة المعنية بذلك وكذلك فإن ذلك مؤكد في عهد مولانا المعظم بحسب المراسيم السلطانية الصادرة.
هناك طريقتان في التعامل مع من يتم أتهامهم حسب القضية جنائية أو جنحة .. الطريقة الأولى هي أستخدام أدوات الضغط لتبيان الحقيقة ..كل دول العالم تبيح استخدام أدوات الضغط بدرجاتها المتعددة والثانية هي أدوات التعذيب الجسدي الذي لايمكن قبوله وهو يشمل -التعذيب الجسدي -الضرب المبرح والصعق الكهربائي المبالغ فيه.أقتلاع الأظافر.التعليق وغيره..والحط من الكرامة باللفظ والقول..مارس المحققون الامريكييون وسيلة الإيهام بالغرق لمعتقلي جوانتناموا لنزع أعترافات أو التحقق من أدلة عن مدى صدقيتها بعلم نائب الرئيس ديك تشيني ووزير دفاعه وهو مأثار ضجة ليس على مستوى العالم بل في الولايات المتحدة عبر صحافتها ومشرعيها.
قصة سلطان حظيت بصدمة وتعاطف وهما يمكن تفسيرهما كالتالي: أن المجتمع يعترف أن التعذيب في هذا البلد ليس موجودا ولايمكن تعذيب مواطن أو غيره أو أنتهاك كرامته والحط من قدره ..كما ان العنف ليس من سمات الشخصية العمانية لتمارسه في مؤسسات الدولة ولذلك ينعكس الطبع على طبائع الدولة فتذكر الجميع الإشارة التي قالها السلطان الراحل "الرحمة فوق القانون" هذه سمة الدولة في تعاملها مع الأشياء وهي سمة العمانيين ودولتهم.
هل تتوقعون أن يصفع شرطي شخصا في الشارع كما يحدث في بعض الدول الاجابة هي "لا" فالقانون لايسمح بذلك.. إن عنوان القانون العام هو الاحترام وماتحته إن حدثت فهي أفعال شاذة قد يقوم بها أفرادا يسيئون استخدام صلاحياتهم أو يتجاوزونها في نزع أعترافات جرمية بإجتهادات فردية ومع ذلك فإن البيان الذي أصدرته شرطة عمان السلطانية يفصح عن تاثير الواقعة على سمعة جهاز أمني يحظى كما ذكرت بإحترام العمانيين والمقيمين فهو منضبط ولايفرق في تعامله كقاعدة عامة بين عماني أو غير عماني.
من الأهمية بمكان وحتى الأن اكتب هذه السطور طبقا للواقعة التي سردها الشاب سلطان أن يتم التحقق من الامر وإصلاح مواطن القصور في معرفة الصلاحيات الممنوحة وطريقة وتوقيت أستخدامها وتطوير وسائل التحقيق لتكون اكثر كفاءة للوصول إلى الحقيقة التي تدين أو تبريء المتهم في التحقيق.
وما أستطيع أن أقوله أن عناوين الدولة العمانية في تعاملها وقوانينها هي أحترام الإنسان وكرامته أولا كما أن المؤسسات المعنية لها خطوط واضحة لايمكن أن تتجاوزها وقصة سلطان ليست أسلوبا ممنهجا تمارسه الدولة ولايمثل نهجا رسميا في التعامل مع الأفراد..عمان ليست بلدا قمعيا أو ديكتاتوريا لتنكل بأبنائها وتحط من كرامتهم والعنف اللفظي بل والجسدي ليس من أدبيات التعامل مع المواطنين كقاعدة عامة.