العمانية - الشبيبة
أظهر اقتصاد دولة الإمارات العربية المتحدة خلال عام 2020 قدرة فائقة على امتصاص آثار جائحة كوفيد -19 ومعالجة تداعياتها وتجاوزها، وكشف مصرف الإمارات المركزي عما وصفه بـ«علامات التعافي المبكرة» التي بدأت في الظهور منذ النصف الثاني من 2020. وتعد الإمارات من أوائل الدول التي دخلت مرحلة التعافي من الأزمة، حيث حلّت في المركز الأول عربيًّا، في مؤشر التعافي الاقتصادي من آثار وباء كوفيد-19 الذي نشرته مجموعة هورايزون البحثية، لتقييم الإمكانات والمقومات التي تمتلكها الدول، والتي تساعدها في تجاوز الأزمة والتعافي منها. وفي ديسمبر 2020، منحت وكالة التصنيف الدولية «موديز» حكومة الإمارات تصنيف «Aa2» في الجدارة الائتمانية، وهو التصنيف السيادي الأعلى في المنطقة، مع نظرة مستقرة للاقتصاد الوطني، ويأتي ذلك بعد أقل من شهر من حصول الإمارات على تصنيف «AA-»، مع نظرة مستقبلية مستقرة من قبل وكالة «فيتش» العالمية.
وأشارت «موديز» في تقريرها حول الملف الائتماني السيادي لدولة الإمارات إلى أن نقاط القوة الائتمانية لدولة الإمارات العربية المتحدة، ترتبط بالقوة الائتمانية، وبارتفاع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، فضلًا عن تمتع الدولة باستقرار داخلي، وعلاقات دولية قوية وواسعة. من جهته توقّع مصرف الإمارات المركزي عودة قوية للنمو في الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات العربية المتحدة في 2021، مع مواصلة الحكومة تنويع مصادر الاقتصاد وتوفير المزيد من الإنفاق على البنية الأساسية وتشجيع الاستثمار الخاص كمقياس للنمو والتوظيف الخاص. وأضاف المصرف بأنه وعلى الرغم من الأوضاع الاستثنائية إلا أننا نؤكد أن هناك حالة من التفاؤل مرتبطة بمؤشرات وصفها بـ«العلامات المبكرة» كعودة وتيرة انتعاش التجارة العالمية، والتلاشي التدريجي لعوائق الحماية في التنقلات، وإصدارات السندات والصكوك، وعودة النشاط في أسواق رأس المال، وثبات مؤشر التضخم في النطاق السلبي، وعودة مستويات الإنفاق إلى طبيعتها، إضافة إلى ارتفاع معدلات التوظيف بالدولة في شهر ديسمبر بنسبة 1.7 بالمائة على أساس شهري، ونمو أسعار مبيعات العقارات على أساس شهري من حيث التقييمات وعوائد الإيجار. وبرزت في عام 2020 مجموعة من الإشارات المطمئنة عن مستقبل قطاع النفط والغاز في الإمارات، خاصة مع نجاح شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) في تحقيق أهدافها التشغيلية والمالية والمحافظة على تنافسيتها ومرونتها واستمرارية أعمالها في ظل الظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم جراء انتشار «كوفيد 19». ففي مجال الاكتشافات والتطوير والإنتاج جاءت أهم إنجازات أدنوك خلال 2020، في الإعلان عن اكتشاف مكمن جديد للغاز الطبيعي في المنطقة بين سيح السديرة «أبوظبي» وجبل علي «دبي» بمخزون ضخم يقدر بنحو 80 تريليون قدم مكعب، حيث يسهم هذا الكشف المهم في الاقتراب من هدف تحقيق الاكتفاء الذاتي للدولة من إمدادات الغاز الطبيعي. بدوره أعلن المجلس الأعلى للبترول اكتشافات جديدة لموارد النفط غير التقليدية القابلة للاستخلاص في مناطق برية تقدر كمياتها بنحو 22 مليار برميل من النفط، والتي تسهم في ترسيخ مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة ضمن كبار مزودي الطاقة في العالم، كما أعلن المجلس عن إضافة 2 مليار برميل إلى احتياطيات الدولة من موارد النفط التقليدية القابلة للاستخلاص، مما يرفع هذه الاحتياطيات إلى 107 مليارات برميل من النفط ويعزّز مكانة الدولة في المركز السادس عالميًّا في قائمة الدول التي تملك أعلى احتياطيات نفطية. وفي مجال «البتروكيماويات والتكرير» أعلنت أدنوك و«القابضة» (ADQ) تأسيس شركة «تعزيز» لتحفيز الصناعة ونمو قطاع البتروكيماويات وتحقيق التنويع الاقتصادي ودفع عجلة التنمية القائمة على التكنولوجيا في دولة الإمارات. وكشف الطرفان عن قائمة أولية بالمشاريع الاستثمارية المُزمع تطويرها في «مجمع الرويس للمشتقات البتروكيماوية» والتي تزيد قيمتها على 18 مليار درهم، كما تم الإعلان عن ترسية عقود خاصة بالمجمع. وعلى الرغم من ظروف وتحديات السوق الذي شهد تذبذبًا في أسعار النفط وإحجام العديد من المؤسسات الاستثمارية عن القيام بصفقات جديدة، أثبتت أدنوك مجددًا قدراتها الفائقة، والثقة الكبيرة التي تحظى بها على مستوى العالم، ورسّخت مكانتها وجهة موثوقة جاذبة للاستثمارات في كل الظروف، حيث استطاعت أدنوك استقطاب استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 62 مليار درهم لدولة الإمارات في عام 2020، ليصل بذلك إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي استقطبتها أدنوك منذ عام 2016 إلى 237 مليار درهم. بلغ إجمالي التجارة الخارجية غير النفطية لدولة الإمارات العربية المتحدة، خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2020، نحو 1.03 تريليون درهم، وفقًا لبيانات المركز الوطني للتنافسية والإحصاء، التي أظهرت تسجيل الميزان التجاري للدولة فائضًا للمرة الأولى خلال العام، في شهر سبتمبر الماضي نسبته 15بالمائة، ونموًّا في صادرات الربع الثالث 5.6 بالمائة. وعلى الرغم من التحديات التي فرضتها جائحة كوفيد-19على حركة التجارة العالمية، حققت التجارة الخارجية غير النفطية للإمارات، تحسنًا قويًّا خلال الربع الثالث من 2020، اقتربت معه من مستويات الربع ذاته من عام 2019، بعد أن وصلت إلى 375 مليار درهم، مقارنة مع 399 مليار درهم. وتوزعت قيمة التجارة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة خلال التسعة أشهر الأولى من عام 2020، إلى واردات بقيمة 8ر572 مليار درهم، وصادرات بقيمة 32ر191 مليار درهم، وإعادة صادرات بقيمة 269.1 مليار درهم، فيما بلغت كمية البضائع في تجارة الإمارات الخارجية خلال هذه الفترة 159 مليون طن. بدوره حافظ السوق العقاري في دولة الإمارات العربية المتحدة على نشاطه خلال العام 2020 رغم الظروف المستجدة التي فرضتها جائحة كورونا على اقتصاديات العالم، حيث بلغت قيمة التصرفات المسجلة نحو 275 مليار درهم، شملت مبيعات الأراضي والوحدات السكنية والتجارية والصناعية إلى جانب الرهونات والهبات التي جرى توثيقها في دولة الإمارات خلال العام الماضي. وشهدت التجارة الرقمية في دولة الإمارات انتعاشًا ملحوظًا خلال فترة أزمة فيروس كورونا، حيث بلغت قيمة مدفوعات الصفقات الرقمية خلال 2020 نحو 18.50 مليار دولار، وفقًا لـ تقرير العالم الرقمي 2021 الصادر عن مؤسسة «وي آر سوشال» العالمية بالتعاون مع شركة «هوت سويت». وشكّلت العودة التدريجية لرحلات الطيران المدني محليًّا مؤشرًا حاسمًا يعكس نجاح جهود احتواء تأثير أزمة كورونا وبدء مرحلة التعافي من الوباء، خصوصًا مع ارتباط التعافي التام للعديد من القطاعات الاقتصادية بمستوى التقدم المحقق في مجال الطيران. وحقق مطار دبي الدولي خطوات إيجابية نحو التعافي بعد عام غير مسبوق مملوء بالتحديات، حيث وصلت حركة المرور السنوية إلى 25.9 مليون مسافر في عام 2020. ووفقًا لـ مؤسسة مطارات دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة فإن الانتعاش الذي تحقق يُعد قويًّا من منظور الأسواق العالمية والوجهات، وذلك بالنظر إلى عدد الوجهات العالمية التي يخدمها مطار دبي الدولي حاليًّا، ويبلغ عددها 147 وجهة، بنسبة انتعاش يبلغ 61 بالمائة. وأظهرت حركة المرور السنوية أرقامًا إيجابية في النصف الثاني من عام 2020، إذ تجاوز شهر ديسمبر توقعات مجال الطيران عند 2.19 مليون مسافر، كما أظهرت البيانات الختامية تعافيًا ملحوظًا في جميع المجالات، تحديدًا عودة الخدمات في الأسواق العالمية، بفضل قوة عمليات شركتي «طيران الإمارات» و«فلاي دبي»، والثقة التي أبدتها شركات الطيران الدولية بالعودة إلى المنطقة. من جهتها أعلنت «الاتحاد للطيران» التي تتخذ من مطار أبوظبي الدولي مركزًا لعملياتها، نقل 4.2 مليون مسافر خلال العام الماضي في حين بلغت عائدات المسافرين 1.2 مليار دولار خلال العام ذاته. وتمكّنت الاتحاد للطيران من تسجيل أداء قوي في عمليات الشحن مع زيادة بنسبة 66 بالمائة في العائدات، حيث ارتفعت من 0.7 مليار دولار خلال عام 2019 إلى 1.2 مليار دولار في 2020.