وزارة الـتراث والثقـافـة تدشـن سلسلة دراسات فـي مجــال الآثار والتاريخ القديم

مزاج الأربعاء ٢٠/أبريل/٢٠١٦ ٠٥:٠٥ ص
وزارة الـتراث والثقـافـة تدشـن

سلسلة دراسات فـي مجــال
الآثار والتاريخ القديم

مسقط-
لتقديم وابراز إنجازات وزارة التراث والثقافة ولتعزيز الوعي والمعــــرفة العلمية، تم اصدار خمسة مجلدات تمثل حصيلة المسوحات واعمال التنقيب التي يتم إنجازها في مناطق الســــلطنة المختلفة.

جاء ذلك في تصريح للمدير العام المساعد للاثار والمتاحف الفاضل سلطان بن سيف البكري الذي أكد على أن تدشين هذه السلسة تأتي في الوقت الذي فيه تقوم الوزارة وبالتعاون مع عدد من الخبراء من مختلف قطاعات الآثار والتراث الثقافي لإعداد سلسلة أخرى من الإصدارات بإسم «التراث الأثري في سلطنة عمان»، التي ستكون متاحة لاقتنائها في عمان وخارجها للمتخصصين والباحثين.

وأشار المدير العام المساعد بأن السلسلة «نوافذ على ماضينا» في مرحلتها الاولى تضم ستة مجلدات وتحوي 50 تقريراً علمياً للبعثات الاثرية التي عملت في العديد من المواقع الأثرية في محافظات السلطنة خلال الفترة من عام 2012م إلى عام 2014م، وتنقسم هذه المجلدات الستة الأولى وفقاً للفترة الزمنية وموضوع البحث والأسلوب المنهجي.
يحتوي المجلد الأول من هذه السلسلة على أحدث الأبحاث حول الاستيطان البشري المبكر في عمان يقدم فيه أدلة النشاط البشري المبكر في عمان العائد إلى العصر الحجري القديم قبل نحو مليون سنة. بينما تطرقت تقارير البعثة الفرنسية الى الصيادين الأوائل على شواطئ بحر العرب خلال فترة العصر الحجري الحديث الممتدة من 10000 حتى 5000 سنه الى جانب نتائج التنقيبات الاثرية في مستوطنة رأس الحمراء بالقرم بمحافظة مسقط التي نفذتها الوزارة مع بعثة الايطالية برئاسة د. لابو جياني ماركو بهدف الاعداد لتأهيل هذا الموقع وبناء مركز للزوار حول شواهد الاستيطان والمقابر الاثرية المميزة والعائدة الى العصر الحجري الحديث.
اما تقرير البعثة الإيطالية من جامعة بولونيا يركزعلى المستوطنات البشرية في رأس الحد ورأس الجنز بولاية صور بمحافظة جنوب الشرقية وهي مستوطنات تعود الى العصر البرونزي وإرتبط إقتصادها بالصيد والتجارة مع حضارة الاندس بالهند وبلاد الرافدين.
أما المجلد الثاني يتناول حضارة مجان التي إزدهرت خلال العصر البرونزي قبل حوالي 5000 إلى 3500 سنة، من خلال عشرة تقارير في هذا المجلد الضخم الذي تزيد صفحاته عن 500 صفحة تصف الجهود الكبيرة التي بذلت من قبل الوزارة لإستيعاب هذه المرحلة الحاسمة في تشكيل الهوية الثقافية العمانية، وظهور اقتصاد الواحات في هذه الفترة بفضل إدخال أشجار النخيل وإستخدام نظام الأفلاج ، ونمو التبادل التجاري مع بلاد ما بين النهرين والهند وهو ما يستعرضه الدكتور ماوريتسيو كاتاني من جامعة بولونيا عبر مراحل نشأت حضارة مجان عن طريق توثيق نتائج التنقيبات الاثرية في مستوطنة العصر البرونزي المبكر الواقعة في رأس الحد بمحافظة الشرقية والمسماة (HD-6).

كما يحتوى هذا المجلد على عدد من الدراسات الاثرية لمواقع بات والعين والخطم المدرجة على قائمة التراث العالمي، حيث قامت البعثة الأميركية برئاسة الدكتور كريستوفر ثورنتون من جامعة بنسلفانيا بإتبّاع نهج متعدد التخصصات للتنقيب في الأبراج الحجرية التي تعود إلى العصر البرونزي، في حين أن البعثة الألمانية بقيادة الدكتور كونراد شميدت من جامعة توبنغن ركّزت على التنقيب في المدافن الحجرية المميزة، والتي تم توثيقها باستخدام التقنيات الرقمية الأكثر تقدماً.

أما الفريق الياباني برئاسة د. ياسوهيسا كوندو من معهد البحوث الإنسانية والطبيعية باليابان يستعرض النظام الرقمي المتقدم لإدارة البيانات والمعلومات حول موقع التراث العالمي، بينما التقريرين الأخيرين يوضحان أنشطة البعثة الفرنسية العاملة في أدم برئاسة الدكتور غيوم جيرنز من جامعة باريس «السوربون» من خلال إستكشاف المراحل النهائية من العصر البرونزي وبداية العصر الحديدي المبكر في وسط عمان.
ويركز المجلد الثالث على العصر الحديدي المبكر والمتأخر، ففي هذه الفترة برز التنظيم الاجتماعي القائم على أسس التحالفات القبلية بشكل قوي ومتطور وهو تنظيم بدأت إرهاصاته في فترة حضارة مجان. ومن أبرز المواقع التي تبرز فيها هذا التحالف القبلي هما موقعي الصفا بولاية عبري وسيح الدير بولاية دبا وهما موقعين مهمين تم الكشف عنهما بالصدفة. الموقع الأول يقع بمنطقة الصفا وهو موقع تعديني متعلق بصهر وإنتاج الادوات النحاسية وجد بالصدفة تحت الكثبان الرملية الشرقية من الربع الخالي، وكشفت التنقيبات فيه عن العشرات من الأدوات البرونزية الثمينة من مختلف مراحل التصنيع ومئات من الأفران لإنتاجها.
أما الموقع الثاني المهم فهو عبارة عن قبر جماعي اكتشف في دبا بمحافظة مسندم، يحوي رفات ما لا يقل عن 200 شخص من الجنسين ومن مختلف الأعمار دفنوا جميعاً جنباً إلى جنب مع مئات من الأدوات المعدنية والأسلحة والحلي الذهبية والفضية والأحجار الكريمة والأصداف، وهذا القبر بالإضافة إلى القبر الآخر بالقرب منه والذي ما زال تحت التنقيب يمثلان أغنى موقع أثري تم التنقيب فيه في عمان ويرمز إلى طقوس التحالفات بين الأسر والقبائل المختلفة والتي جمعت ثرواتها من خلال السيطرة على التجارة بعيدة المدى.

كما يضم المجلد بحثي الموسمين الأولين من مشروع حديث لبعثة المتحف البريطاني برئاسة د. جوناثان توب لاستكشاف مواقع العصر الحديدي المبكر داخل وحول قلعة رأس الحد المبني هذا الحصن فوق تل أثري يضم مستوطنة ومقابر أثرية.

أما المجلد الرابع من السلسلة هو عبارة دراسة وتوثيق للرسومات الصخرية في وسط عمان نفذها د. انجيلو فوساتي من جامعة ميلانو بداية للنقوش في وادي السحتن بولاية الرستاق والتي كانت مهددة بالإزالة بإنشاء طريق جديد. تم الكتشف خلال عن لوحات بانورامية من الرسومات والنقوش المنحوتة على الواجهات الحجرية الجبلية بهذا الوادي وعلى الصخور الموجودة في بطنه بالاضافة الى توثيق الرسومات أودية أخرى بجبال الحجر.

وتمثل هذه الرسومات المحفورة جوانب مختلفة من التاريخ العماني من عصور ما قبل التاريخ إلى االفترة الحالية، وتقدم صورة حية لحياة الإنسان القديم الذي استوطن المنطقة وهو سجل غني يخدم الدرسات الاثرية التي تمت بصلة بالمستوطنات الأثرية من حيث توثيق بالمشاهد لحياة المجتمعات في تلك المجتمعات. كما يتضمن المجلد مسوحات للدكتور محمد مرقطين من جامعة هايدلبرغ عن نقوش باللغة العربية الجنوبية محفورة على واجهات الصخور في وادي السحتن.

ويعد توثيق ودراسة الرسومات الصخرية مجال بحثي جديد بدأت به الوزارة مؤخراً وسيجري توسيعه في المستقبل ليشمل أيضاً محافظة ظفار ومحافظة مسندم.
ويشمل المجلد الخامس على 13 تقريراً عن المشاريع التي تكشفت عن عمان القديمة على نطاق واسع وفقاً لما يسمى «بعلم الآثار الطبيعية»، الذي يصف التطورات البيئية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية للمناطق بأكملها، ويبدأ هذا المجلد الذي يتكون من 530 صفحة بمشروع يهدف إلى إعادة تشكيل الاستيطان خلال العصر الحجري القديم في جبال الحجر لفهم الهجرات البشرية عبر شبه الجزيرة العربية، كما تقدم الدكتورة جوي ماكوريستون من جامعة أوهايو الامريكية والتي تدرس «الديناميكية الاجتماعية للإنسان العربي» وهي دراسة تتحدث عن الحراك الاقتصادي والبيئي الذي سمح بتطور الرعي في محافظة ظفار خلال 8000 سنةِ الماضيه.
كما يضم المجلد دراسة علمية أخرى عن «التاريخ الاجتماعي والمكاني» من خلال دراسة العظام والمواد العضوية التي عثر عليها في مقابر أثرية بولاية ضنك وهي دراسة قامت بها بعثة جامعة تامبل الامريكية بهدف البحث في العلاقات المعقدة بين الكثافة السكانية والتضاريس الطبيعية في العصرين البرونزي والحديدي.
كما يركز بحث أخر للدكتور مايكل هارور من جامعة جونز هوبكنز على إعادة بناء تاريخ إدارة المياه قديما في ولايتي ضنك وينقل وهي دراسة تجمع ما بين الأنشطة الميدانية وتحليل صور الأقمار الصناعية متعددة الأطياف. بينما يقدم تقرير البعثة الفرنسية الإيطالية للبروفيسور رولاند بيزينفيل من المتحف الوطني الفرنسي للآثار الآسيوية نتائج للمسوحات الاثرية الذي اجريت في المنطقة الساحلية من صور إلى قريات وهي دراسة ركزت على إعادة هيكلة شاملة للكثافة السكانية في هذه المنطقة المهمة خلال عصور ما قبل التاريخ وفقاً للتغيرات في البيئة والتضاريس الطبيعية. كما يقدم د.ناصر الجهوري من جامعة السلطان قابوس ود. تيم باور من جامعة زايد نتائج الموسم الأول لمشروع دراسة المستوطنات الأثرية في واحة البريمي بهدف فهم أصل وتطور المجتمعات في واحة البريمي منذ أقدم العصور حتى العصر الاسلامي. كما يضم المجلد تقريرين لمشروعي توثيق المواقع الاثرية في محافظتي الباطنة شمال وجنوب.
التقرير الاول ركز على وادي الجزي بولاية صحار ونفذ بالتعاون جامعة ليدن الهولندية بهدف توثيق منهجي لكل المعالم الأثرية الواضحة من العصر الحجري القديم إلى العصر الإسلامي بمساحة إجمالية قدرها 2400 كيلومتر مربع.
أما التقرير الثاني فيركز على ولاية الرستاق ونفذ بالتعاون مع جامعة درم من بريطانيا وجامعة السلطان قابوس وهو مشروع برئاسة د. ديريك كينيت ود. ناصر الجهوري والهدف منه توثيق المواقع الأثرية التي تعود إلى فترات مختلفة. ويقدم تقرير آخر نفذ بالتعاون بين جامعة السلطان قابوس جامعة ساوث هامبتون برئاسة الدكتور ناصر الجهوري ود. لوسي بلو بهدف توثيق المشهد الثقافي البحري لجزيرة مصيرة بإستخدام أساليب أثرية وإثنوغرافية.

ويعرض التقرير الأخير في هذا المجلد البحوث المختلفة التي نفذت بالتعاون مع جامعة ويسكونسن الامريكية وجامعة بولونيا بهدف رسم صورة الصلات التجارية و الثقافية بين حضارة مجان وحضارة السند، وحدد الدكتور كنوير والدكتور فرينز وجود مجموعات صغيرة من التجار والحرفيين من بلاد السند استقرت في المناطق الساحلية والداخلية بغرض التجارة مع المجتمعات المحلية الغنية بالفعل منذ 5000 سنة مضت.

ويقدم المجلد السادس من هذه السلسلة نتائج عملية طموحة قامت بها وزارة التراث والثقافة بالتعاون مع وزارة النقل والاتصالات لحماية وإنقاذ المعالم الأثرية خلال تنفيذ مشروع طريق سناو – محوت - الدقم وطريق الباطنة السريع حيث تم فرض حماية الكثير من الشواهد الاثرية العائدة الى فترات مختلفة أهمها تلك العائدة الى نهاية العصر الحديد المتأخر ومن أبرز ما تم الكشف عنه قبر سمي «بمحارب الصحراء» الذي عثر عليه في سناو والذي دفن مع جماله التي إستخدمها وأواني وخناجر نحاسية وسيوف مصنوعة من الحديد ومزوده بمقابض من الفضة ومطعمه بالعاج.