محمد بن رامس الرواس
« وما خير علمٍ في الحياة وفطنةٍ
إذا حال ضعف العزم دون المطالب»
سلطنتنا الحبيبة عُمان أرض الخيرات كما أطلق عليها الأولون ، إذا تحدثنا عن فيض خيراتها وتحديداً وفرة بحرها لكفاها رزقاً ولله الحمد ، فكيف اذا تحدثنا عن شواطئ خلابة ورمال نادرة ومشاريع منتجعات وقرى سياحية ومشاريع لوجستية تنتظر فرصتها للاعمار على ضفاف زرقة بحار فيروزية متميزة ، وكيف بنا اذا تحدثنا عن تشييد منظومة موانئ تطل على سواحل تربو عن 3000 كيلو متر قرب محيط وبحار في قلب العالم ، فلربما ما احتجنا لموارد اخرى كالنفط والغاز فمرافئ عُمان البحرية زاخرة بأرزاقها ولا تنتظر سوى بعثها من جديد لتقوم بدورها في طلب الرزق والعمل من جديد في مجال التجارة الدولية.
انها ليست مفاجأة عندما يخبرنا الاقتصاديون إن لديكم دولة بحجم الدرة النادرة ، ولديكم كوادر بشرية صالحة تنتظر فرصتها ، وشباب متوقد للعمل والجد والمثابرة ، واقتصاد استثنائي يقوم على التعددية والتنوع الفريد ، دعونا إذاً نستدعي تاريخ أجدادنا العظام واساليب تجارتهم وخططهم الاستراتيجية في العمل ، ونستحضر شخصياتهم الفريدة في تعاطيهم مع العمل وكيفية استغلالهم للبر والبحر حتى تمكنوا من صنع تجارة وحضارة اعتمدت على البحر كمورد رزق فربطوا من خلال ذلك البر بالبحر ، ولا يفوتني هنا أن اذكر قصة التاجر العُماني الذي ذهب في منتصف تسعينيات القرن الفائت الى اسواق أفريقيا للتجارة طلباً للرزق، وحدث أثناء رحلته ان فقد كل ما معه من مركب ومن مال وانقطع به الحال في بلد لا يعرفه بها احد ، فعمد للعمل في تقطيع أخشاب الأشجار وبيعها لفترة من الزمن حتى استطاع جمع المال اللازم لعودته و تمكن من العودة الى عُمان ، وبدأ حياته من جديد حتى اصبح بعد ذلك من كبار التجار بإلارادة القوية والعزيمة الصلبة ، هذه ليست من قصص واساطير الف ليلة وليلة ، وليست من حكايات السندباد البحري هذه قصة واقعية للمرحوم الشيخ سعود بن سالم بهوان فقد كان صاحب شكيمة وذا عزم شديد ، هناك العشرات من الشياب الذي يروي هذه الحادثة بالتفصيل لأبنائهم في صور العفية في جلسات السمر المسائية علي شاطئ العيجة والي اليوم ، فالهدف أن يبعثوا في نفوسهم العزيمة والشكيمة ، فليس منا من يلقي بالذنب على الاقدار ويستسلم، أننا أهل عُمان أناس فطرهم الله على حب العمل وحب البحر ومزاولة المهن حيثما كانت سواء بالبر، أو البحر طلباً للعفاف والكفاف ، وعندما يضيق الحال فالبدائل دائماً موجودة بفضل رب العالمين ، وليس على المجتهد الا أن يبحر بعزيمته في سبل الجد والاجتهاد ، والعمل ويستفيد من خيرات وطنه ، فالاستقرار الوطني موجود ، والتمويل التجاري موجود، ولم يتبق الا السعي وبناء الثقة بالنفس.
كل شباب عُمان مجيدون للعمل بمختلف أنواعه وجاهزون للالتحاق باقامة مشاريعهم الصغيرة والمتوسطة ، يسيرهم في ذلك الواقع لاقتناص الفرص بمختلف أنواعها وتعدد مستوياتها ولنا في تاريخ أبائنا المثل الحي في لك .
* نقول رجُل شديد ذو شَّكِيمَةِ : عنده إباء وأنفة وحزم وعزم.