محمد بن رامس الرواس
منذ أن بدأت جائحة كورونا وانتشر فايروس كوفيد 19 منذ اكثر من عام ونيف ، ومنذ تلك البدايات التي تعاضدت كافة الجهات الحكومية والمجتمعية سواء أسر ، أو أفراد مع اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عنه ، فكان تطبيق الاحترازات في تلك الفترة العصيبة مستمرة الي اليوم ، وبرغم أنه كان من صعوبات تلك الفترة علينا جميعاً أن تُغلق المساجد ، وتُعلق صلاة الجمعة ، ويُغادر الطلبة المدارس ، وتتوقف زيارات بيت الله الحرام والمسجد النبوي الشريف ، كان من الصعوبة علينا حقاً ان نشاهد بأم أعيننا إغلاق قاعات البهجة والافراح، ويقتصر حضور الجنائز على أهل الميت وأقاربه ، وكان من الصعوبة كذلك اغلاق الحدود مع الدول القريبة والبعيدة وتوقف الطيران ، وكل هذه الاجراءات وما صاحبها الي اليوم من خسائر اقتصادية كبيرة علقت معها الانشطة التجارية واشتدت المحاذير وتعطلت المصالح بين الناس ، ولقد كان كل ذلك وغيره من أجل حماية ارواح الناس ، فالروح اغلى ما أوجده الله على ظهر الأرض قال تعالى (وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) البقرة:195 ، وذلك بترككم الأخذ بالمحاذير حماية لأرواحكم وأنفسكم ، ولقد أكد رسول الله - صل الله عليه وسلم - على ذلك حين قال «غطُّوا الإناءَ، وأوكوا السِّقاءَ، فإنَّ في السَّنةِ ليلةً ينزلُ فيها وباءٌ، لا يمرُّ بإناءٍ ليسَ عليهِ غطاءٌ، أو سقاءٍ ليسَ عليهِ وِكاءٌ، إلَّا نزلَ فيهِ من ذلِكَ الوباءِ».وفي روايةٍ: فإنَّ في السَّنةِ يومًا ينزلُ فيهِ وباءٌ” صحيح مسلم ، فالوباء جدير بنا ان نأخذ احترازنا منه وإن كان في ابسط الأمور من تغطية الإناء بالمنزل فما بالكم عندما يكون الأمر متعلق بأرواحنا وارواح الآخريين.
لقد كانت اللجنة العليا المكلفة بمتابعة فايروس كورونا قد وضعت كافة احتياطاتها وعملت بكل جهد من أجل الجنوح الي السلامة ، ولقد ساندها في ذلك كل من استشعر بخطر حقيقي قادم فلزم مسكنة واغلق كل منافذ نشر الوباء من تباعد اجتماعي وخلافه ، فتعامل شريحة من الناس تعامل مناسب حسب ما تقره اللجنة من تعليمات ، بينما حدث سوء تعامل من الكثير من الافراد مع الوباء ، ولقد كان هناك ولا يزال أناس بيننا الى اليوم لا يتعلمون مما حدث ، ولا يهتمون ، بل سولت لهم أنفسهم عدم الاكتراث بالأمر، لقد شاهدنا نموذجين اثنين في العالم واحد في الصين وكيف أنهم التزموا وبوعي تام وشديد فتجاوزوا الازمة ، بينما هناك في أوربا استهتر الكثير منهم فتعاملوا مع الوباء الى اليوم بعدم اكتراث ، فتواصلت معاناتهم الى ولا زالت قائمة ومستمرة ، وبين ماحدث من تعاطي الشعوب مع الوباء تكمن مدى احترام قيمة روح الإنسان من الإنسان ، وظهرت جدية مدى التعامل مع الوباء بوجه إنساني ملتزم ، من أجل ذلك كانت كل هذه الاحتياطات التي سمعناها ، فنفذها البعض واهملها البعض ، والي اليوم لا نزال نتسال هل لا يزال هناك من يجمع الناس لمناسبة ما دون وعي بمخاطر تفشي الوباء ؟ هل هناك من يشعر بأعراض المرض ويذهب للاختلاط بالناس دون اكتراث ودون مبالاه؟ بل اكثر من ذلك هل هناك من ينزع الاسورة ويذهب ويخرج ويختلط بالناس؟ لا شك ان مثل هذه الامثلة لا تزال بيننا الي اليوم للأسف موجودة وهذا ما ابقى الحال على ما هو عليه ، فبرغم التعافي النفسي وبدأ اخذ بعض شرائح المجتمع للقاح ، وبرغم ما قامت به اللجنة المكلفة بمتابعة كورونا من توضيح للصورة كاملة عن مخاطر تفشي المرض سابقاً ولاحقاً ، ويساندها في ذلك الإعلام ، والقانون ، لتوعية بعض الجهلاء في مجتمعاتنا ممن يظنون أن ما يحدث هو لعبة وليس هناك وباء حقيقي ، بينما هو يدفن بنفسه اقاربه ، ولكن قلبه لم يتيقن انها حرب حقيقية مع فايروس عصي يتحور ويتخذ اشكال جديدة ، ويتطلب لقاحات أكثر فاعلية ، والي اليوم بعد الله وبأمره -عز وجل - كلنا مسؤول ونعول على القانون ان يضرب بيد من حديد على غير المباليين وغير الملتزمين والمستمرين في تعاطيهم مع الحياة وكأن لا شي هناك يلزمهم ان ينتبهوا للتعامل مع الوباء مع أنفسهم ، ومع ممن حولهم خاصة كبار السن واصحاب الامراض المزمنة وأسرهم ، وزملائهم في العمل وعند قضاء حوائجهم من الاسواق .
وبرغم كل الجهود التي بذلت في هذا الشان وحسن تعامل كثير من جمعيات المجتمع المحلي والشباب العُماني لا زلنا نؤكد ان المصلحة الصحية أصبحت قضية وطنية وهي فوق كل الاعتبارات من أجل أن نتخطى هذه الازمة ونتجاوزها ، فلا يمكن بحال من الأحوال أن نصل الى ذلك الا اذا اصبحنا أكثر وعيا بقيمة ارواح البشر من خلال وعي مجتمعي نراهن عليه كثيرا برغم كل شيء ، لكنه في بعض شرائحه كان مخيبا للآمال ، لذلك فالجرعات التوعوية لا تزال مستمرة والحث على الالتزام لا يزال قائما والقانون فارض سلطته وبقوة وصرامة ، فلابد ان نكون نكون أكثر مسؤولية لكي ننتصر على هذا الوباء، فإرادتنا مع حكومتنا بإذن الله تعالى لنصل الى بر الأمان .