مسقط - الشبيبة
بقلم : علي المطاعني
كتبت كثيرا في السنوات الفائتة عن دور سفارات السلطنة في الترويج للإستثمار والتعريف بالمناخ الإقتصادي والإجراءات المتبعة هناك بإعتبارها الجهات المثلى للإضطلاع بهذا الدور لتواجدها في عواصم العالم المختلفة ومعرفتها بمفاصل ونقاط إرتكاز القوة والقوى الإقتصادية والتقنية في تلك الدول وبحكم تواصلها مع رجالات الأعمال والمستثمرين في تلك البلدان .
وسألت يومها لماذا لا نستغل إمكانيات السفارات على نحو أفضل إستثماريا بدلا من التوقف تحت ظلال عملها التقليدي المعروف ، لقد سرني كثيرا اللقاء المرئي الذي نظمته وزارة التجارة والصناعة وترويج الإستثمار مع ممثلي سفارات السلطنة بقارة آسيا ، للتعريف بالمناخ الإستثماري والفرص المتاحة والإجراءات المتبعة لجذب الإستثمارات في القطاعات الإقتصادية لمواكبة التوجهات الجديدة التي نتطلع لأن تثمر في تحفيز الإستثمار وجذبه بكل السبل الممكنة وتفعيل العمل الدبلوماسي من أجل خدمة الإستثمارات والجوانب الإقتصادية بشكل عام بإعتبارها ثمرة للعلاقات المتميزة مع العالم .
هو أمر يبعث على الإرتياح لهذه الجهود التي تستثمر وجود السفارات في الخارج بشكل أفضل مما هو عليه الآن ، ومن الأهمية بمكان تفعيل هذا الجانب بإيجاد ملحقيات تجارية في كل سفارة سواء بالإستفادة من الكوادر المتوفرة أو إنتداب موظفين لديهم إلمام كاف بجوانب الإستثمار ، فهذا هو السبيل الأفضل والأسهل والأسرع لجذب الإستثمار للبلاد.
بلاشك أن السلطنة تملك رصيدا سياسيا ودبلوماسيا كبيرا مع دول العالم والثقة بها أو بنا عالية ولله الحمد وعلى كل الأصعدة والمستويات من خلال العلاقات الثنائية الوطيدة والمتميزة مع دول العالم ومواقفها المشرفة والمحايدة في كل القضايا ، فهذه الإمكانيات تؤهلها لنيل حصة معتبرة من في منظومة الإستثمار العالمي، وهي معطيات واقعية وميدانية يجب إستغلالها من خلال السفارات بنحو أفضل وأسرع ، وذلك في إطار تحقيق متطلبات رؤية عُمان 2040 الداعية والمؤكدة على أهمية تكامل أعمال الجهات الحكومية وصياغة دور حيوي يمكن أن تقوم به السفارات من دعم لجهود جذب الاستثمار والتعريف بمناخه الملائم لكل فصول دول العالم.
ومن حسن الطالع أن يأتي هذا الدور الذي تضطلع به وزارة التجارة والصناعة وترويج الإستثمار بالتعاون مع وزارة الخارجية بعد أن إنتهت السلطنة من إزالة كل مطبات الإستثمار من خلال منظومة التشريعات والأطر والقوانين التي أصدرتها والإجراءات التي تتخذها في إزاحة كل العقبات التي تقف حائلا دون تحقيق رغبات المستثمرين الإيجابية .
فاليوم يمكن للجميع أن يستثمر في السلطنة كما يستثمر في بلاده بل وأفضل ، سواء من حيث التملك أو الإعفاءات من الرسوم والضرائب وغيرها وفي ظل توفر بنية أساسية مواتية للإستثمار في كل القطاعات الإقتصادية وفي كل المحافظات.
فالسفارات وكما أشرنا في الكثير من المقالات بأنها هي الجهات الملائمة للترويج للإستثمار في البلاد وليس المؤتمرات والزيارات الخاطفة وبإعتبار أن لديها دراية أو هذا ما نفترضه بكل المستثمرين وقد وثقت علاقاتها بهم من خلال المناسبات والفعاليات واللقاءات ذات العلاقة ، وعرفتهم جدلا إيجابيا بماهية الإستثمار وآفاقة الرحيبة الشاسعة في السلطنة .
هذه العلاقات الحميمة بين المستثمرين والسفارات والصداقات هي العوامل الأساس في جذب الإستثمار، إرتكازا لحقيقة أن العوامل السيكولوجية هي المحرك الأقوى لأي استثمار ومتى ما إرتاح المستثمر نفسيا تحركت في دواخله البواعث التي تشجعه للمضي قدما في التوجه نحو السلطنة بكل ثقة وإطمئنان .
وعبر نظرة موضوعية نجد أن السفارات الأوروبية والإميركية وغيرها لديها ملحقيات تجارية في السلطنة وفي دول العالم ، وترتب لقاءات أنيقة مع رجال الأعمال ، فهذا هو الدور الذي نتطلع أن تمضي فيه قدما سفاراتنا ، ومن الأهمية بمكان تهيئة كل المتطلبات اللازمة لها من معلومات وبيانات ليتسنى لها القيام بهذا الدور كما ينبغي .
بعض سفاراتنا بدأت بالفعل في الترويج للإستثمار في السلطنة كسفارتنا في هولندا من خلال حلقات تعريفية عبر الإتصال المرئي ، وحول مجالات الإستثمار في القطاع الزراعي ، ونرغب بالفعل أن نشاهد الكثير من هذه الجهود لكي تتكامل وتتسق مع ما تبذله الوزارة.
بالطبع تحديات الإستثمار وعلى ضوء الظروف الراهنة والمعروفة هي تحديات كبيرة مافي ذلك شك ، وأن المستثمرين تتجاذبهم الدول وتغريهم بشتى الحوافز لياتوا إليها.
ومن هنا وعبر هذه الصورة الواضحة تفاصيلها ينطلق دورنا في الإستفادة من الدبلوماسية العُمانية ذات الصيت الحسن في هذا الجانب الذي لايقل أهمية من الجوانب الدبلوماسية بأي حال من الأحوال .
نأمل أن تكلل هذه الجهود بالتوفيق وان يتم برمجتها بنحو دقيق وفاعل بالتنسيق التام مع كل الجهات ذات العلاقة.
إذ نتطلع في المستقبل القريب أن نرى سفاراتنا وقد إستطاعت فعليا إستقطاب المزيد من المستثمرين ، فما لدينا من معطيات يكفي تماما بإقناعهم بأننا الأفضل في هذا الجانب.