مسقط - الشبيبة
بقلم : محمد محمود عثمان
العلاقة بين الحكومة والقطاع الخاص في الدول التي تنتهج سياسة الاقتصاد الحر في علاقة اشتباك دائم سعيا لتحقيق الصالح العام ، وذلك يتطلب تحقيق الشراكة الحقيقية بين الجانبين في كل الأوقات ،وخاصة فى زمن الأزمات ، لذلك من الضروري مد جسور قوية من الثقة المتبادلة لأن الشراكة الحقيقة بين القطاعين العام والخاص تؤسس منظومة قوية للتنمية والعمل والإنتاج ، بما يعزز من فرص تعاون القطاعات الاقتصادية لتحقيق المنفعة المتبادلة للقطاعين التي تنعكس على المجتمع وعلى الناتج المحلي الاجمالي ومن هنا فإن مفهوم الشراكة يبتعد بالحكومات عن رغبتها في فرض سلطتها وقوانيها قسرا على القطاع الخاص ، بدون تشاور أو تنسيق مع القطاع الخاص وممثليه ،مما يؤثر سلبا على الأداء ، لأن القطاع الخاص يجب أن تكون له استقلاليته في صنع القرارات التي تحكم عمله وأنشطته المختلفة ، لأنه الأقدرعلى تنظيمها من منطلق « أن أهل مكة أدرى بشعابها «..على الحكومات الدور الأكبر في الرقابة والمتابعة بعد إقرار القوانين التي يضعها القطاع الخاص لنفسه بمشاركة الحكومة وليس العكس .
ويلعب ممثلوا القطاع الخاص في غرف التجارة ولجانها المتخصصة الدور الحاسم في ذلك اعتمادا على مؤازة كبار رجال الأعمال ومشاركتهم الفاعلة في وضع سياسات القطاع التي تحمي مصالحهم ، ولا ينتظروا تلقي التعليمات والتوجيهات ،وهذا يحدث عندما تتواجد قواعد وأركان قوية للقطاع الخاص الذي له القدرة على تنظيم أنشطته وإدارتها بدون الاعتماد ولو جزئيا على الحكومات ، لأن هشاشة القطاع الخاص تجعله دائما تابعا وضعيفا ،على الرغم من أنه اللاعب الرئيسي في عمليات التنمية وإيجاد فرص العمل البديلة والجديدة..لأنه إذا لم يستطع القطاع الخاص طرح وتقديم المبادرات المتجددة التي تلبي احتياجاته التنظيمية المشروعة ،وظل عاجزا عن الانفعال أوالتتفاعل الإيجاني مع المستجدات والمتغيرات المحلية والعالمية بسرعة ومرونة ، وأن يكون لدية قاعدة بيانات حديثة تمكنه من وضع رؤيته المستقبلية لعشر سنوات مقبلة على الأقل ، والترويج لها عبرآليته الإعلامية المتخصصة والواعية والمدربة ، فسوف يظل راكدا بل ومتخلفا عن ركب التطور، ومن ثم يفقد دورة المرتجى في رفد الاقتصاد وزيادة الناتج المحلي الإجمالي المنشود..ليس من المعقول في ظل اتباع سياسة الاقتصاد الحر أن يستمر القطاع الخاص في الاعتماد على حجم الإنفاق الحكومي وما يتلقاه من الدعم الدائم ، في ظل تحديات التنفيذ والتشغيل التي يتمثل معظمها في نقص الأيد العاملة الوطنية المتخصصة والكفاءات القادرة على إدارة المشاريع العملاقة ، مع إشكاليات استقدام العمالة الأجنبية الفنية اللازمة واتجاهات الاحلال والتوطين ،لأنه من الأمور المتشابكة ضروري معرفة من الذي يحدد احتياجات شركات القطاع الخاص من الأيد العاملة الأجنبية ومستوى مهاراتها المطلوبة ، هل الجهات الحكومية أو أصحاب الشركات؟ حيث يصاحب ذلك الكثير من التعقيدات والضوابط بل والتباين في المعايير الفنية والإجراءات الإدارية والتشريعات ، التي قد لا تلقى قبولا عاما من القطاع الخاص، على الرغم من قناعة الجهات المسؤولة عن العمل والقوى العاملة والتجارة والصناعة بها ، من خلال النظرة الأحادية والتنظير الأكاديمي.
والاعتقاد بأنها على صواب طالما تسعى للعمل على تحقيق أهداف ومصالح وطنية ولو قصيرة المدى ، وبدون توخي الرؤية البانورامية التي تضع التصور الشامل للمشهد العام من كل الاتجاهات للتعرف على التأثيرات السلبية قبل الإيجابية على الاقتصاد، وعلى مختلف القطاعات الإنتاجية والاستثمارية ، وكيف تواجه التحديات الخاصة باحتياجات ورؤية المستثمر الأجنبي ،وأهمها انعدام أوندرة التواصل المباشر مع المستثمرين الأجانب في منشآتهم في الخارج ، بما يدعم تواجدهم واستقرارهم بالداخل ،لأن الشراكة الحقيقية بين القطاعين العام والخاص هدفها الأساسي هو بناء الاقتصاد المستدام الذي يعتمد في الدرجة الأولى على التقنية والمعرفة والتنافسية، واستقرار التشريعات المحفزة لجذب الاستثمار ،لذلك من الضروري أيضا استقرار القوانين المنظمة للاستثمار، ولسوق العمل وتهيئة بيئة العمل المناسبة وفقا للمعاييروالقوانين الدولية، بعيداً عن التعتيم أوالضبابية، حتى يتحقق التوازن في المنافع للشريكين الخاص والعام بما يسهم في تنمية الاقتصاد، ولذا نتمنى أن يتسم أداء الأجهزة الإدارية الحكومية التي تتعامل مع القطاع الخاص بالشفافية والتفاهم والتنسيق بدون فرض أو إجبار، قد يتسبب في تعقيدات تنموية وفي فجوة بين القطاعين ، ويصير الخاسر الأكبر فيها هو الاقتصاد والمجتمع ككل ، لذلك فإن فض الاشتباك بينهما واجب قومي تحتمه ضرورات الواقع .