جدل دفاعي في اليابان

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٢٠/أبريل/٢٠١٦ ٠٠:١٥ ص
جدل دفاعي في اليابان

إميلي س. تشن

في فبراير الفائت ، دعا رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي المجلس التشريعي الوطني لتعديل المادة 9 من دستور البلاد الذي ينبذ الحرب كوسيلة لتسوية النزاعات. وقال آبي إن هذا الدستور الذي وضعته الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية يحتوي على " بعض الأجزاء التي لا تنسجم مع الوضع الراهن". ويشعر بالقلق خاصة اتجاه النص الدستوري الذي يمنع اليابان من الحفاظ على " القوات البرية والبحرية والجوية"، معتبرا أن ذلك متناقض مع وجود قوات الدفاع الذاتي في البلاد.
ويبدو أن اقتراح آبي لا يحظى بشعبية كبيرة. وفقا استطلاع للرأي، نحو 50.3٪ من الشعب الياباني يعارضون تعديل المادة 9. و فقط 37.5٪ منهم يدعمون هذا الإجراء. ما يسٌر آبي هو أنه رغم الانتقادات الكبيرة لجهوده، لا يبدو أن لها جذورا عميقة. فالناخبون، كما يبدو، هم أقل قلقا بشأن الاتجاه السياسي الذي يسلكه آبي وأكثر اهتماما بشأن قراره بإعطاء الأولوية القصوى لهذه القضية.
إن تعديل الدستور من شأنه أن يعطي أساسا قانونيا أقوى من أجل ما يطمح إليه آبي من تدابير الدفاع المثيرة للجدل. هذه الأحكام التشريعية الجديدة التي عٌرضت في العام الفائت ترفع القيود المفروضة على نشر القوات اليابانية في الخارج وتراجع تحديد الدفاع عن النفس ليشمل مساعدة الحلفاء. هذا الّأمر أيضا لا يحظى بشعبية كبيرة، على الأقل ظاهريا. نحو 51٪ من الناخبين اليابانيين لا يوافقون على هذه الإجراءات، مقارنة مع 30٪ منهم. فقط 38٪ منهم يتمنون أن يقوم آبي بتغيير الاتجاه وإلغاء التشريع.
ومن المؤكد أن الكثيرين في اليابان يشعرون بالقلق إزاء الآثار المترتبة على جدول أعمال آبي، معتقدين أن ذلك يتعارض مع الأمن القومي للبلاد والموقف الدولي لليابان. وهم يشعرون بالقلق نحو تحركات دفاع آبي التي من شأنها أن تجر اليابان إلى الحرب، وتضع حدا لموقفها السلمي بعد الحرب.
هناك انتقادات أخرى متعلقة بالمخاوف الناتجة عن سياسة اليابان الجديدة الخاصة بالدفاع والتي بإمكانها الإساءة إلى علاقاتها مع جيرانها. وقد أعربت العديد من البلدان بالفعل عن هذه المخاوف، حيث ذكر المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية هونغ لي أن هذا النهج الياباني الجديد " بعيد عن اتجاه العصر المتسم بالسلام والتنمية والتعاون". كما علق نظيره في وزارة الخارجية بكوريا الجنوبية أن بلاده "لن تتسامح" بشأن ممارسة اليابان لحق الدفاع الجماعي عن النفس في شبه الجزيرة الكورية "دون طلب أو موافقة [جمهورية كوريا] ". وأعلنت وسائل الإعلام الرسمية الكورية الشمالية أن إصلاحات آبي تهدف إلى "تمهيد الطريق لغزو دول أخرى".
ولا ترتكز المعارضة اتجاه جدول أعمال آبي على أي احتجاجات أساسية. في بعض الحالات، يركز الاهتمام على شرعية العملية القانونية نفسها. وفقا لأحد الاستطلاعات فإن 67٪ من اليابانيين لا يوافقون على الكيفية التي دافع بها الائتلاف الحاكم على هذا المشروع القانوني في البرلمان. هناك شعور كبير في اليابان أن حكومة آبي "لم تبذل جهدا كافيا" لشرح هذه التشريعات للجمهور. وبتجاهلها انتقادات غالبية الناخبين، تسيء حكومة آبي لمصداقية النظام الديمقراطي الياباني.
وبالمثل، لا يوافق نحو 51٪ من المستطلعين على هذه القوانين بحجة أنها ليست دستورية ومخالفة للمادة 9 من الدستور، وهو النص الذي يرغب آبي في تغييره. ومن غير المحتمل أن يدعم هؤلاء المستطلعين إلغاء القوانين. وفي الحقيقة، بعضهم مستعد للسكوت إذا نجح آبي في تعديل الدستور.
هناك أيضا إجابة بسيطة وعملية تفسر لماذا لا يدعم المعارضون للقوانين الجهود المبذولة لإلغائها، إذ يرغب معظم اليابانيين في تجنب أي مناقشة تسبب الخلاف ومن شأنها صرف انتباه الحكومة عن الأولويات الأخرى.
لقد تقلص الاقتصاد الياباني أكثر من المتوقع في الربع الأخير من عام 2015، وشهدت سوق الأسهم حالة اضطراب منذ بداية هذا العام. وبغض النظر عن مدى عدم تحمس اليابانيين اتجاه مشروع آبي لقانون الأمن ومحاولاته لتغيير الدستور، فهم يفضلون وضع القضية في الدرجة الخلفية. وبهذه الطريقة، يمكن للحكومة أن تركز على اهتمامات الناخبين: تحويل وتطوير اتجاه الاقتصاد وتوفير برامج الضمان الاجتماعي في البلاد.

زميلة في معهد هوفر، وزعيمة الشباب في مركز منتدى المحيط الهادي للدراسات الإستراتيجية والدولية